| محمود الصالح
تشارك سورية بقمة «التحول في التعليم» التي من المقرر انعقادها على هامش الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الجمعة القادم.
رئيس الوفد السوري إلى المؤتمر وزير التربية دارم طباع كشف لـ«الوطن»، أن الرئيس بشار الأسد سوف يوجه رسالة أثناء القمة تؤكد على أهميته كنقطة تحول مهمة من أجل تطوير التعليم.
الوزير طباع بين أنه وبعد وصول الدعوة إلى سورية، كلف رئيس الجمهورية وزارة التربية بمتابعة الموضوع من خلال الطروحات التي قدمتها الأمم المتحدة، والمتمثلة بخمسة بنود يتم مناقشتها على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين.
ولفت طباع إلى أنه جرى تشكيل لجان في وزارة التربية، قامت بمشاورات وطنية مع كل المعنيين في الجهات الحكومية، والأطياف الاجتماعية لمناقشة هذه البنود وكذلك لمناقشة متطلبات تحويل التعليم في سورية، وأرسلت نتائج هذه المشاورات في موعدها المحدد إلى اليونسكو وإلى الأمم المتحدة.
وزير التربية تحدث عن أهمية المشاركة السورية، وعن ورقة العمل التي تشارك فيها في المؤتمر، فقال: دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر تحويل التعليم تهدف إلى توحيد الجهود الدولية من أجل الوصول إلى مهارات جديدة في التعلم تستطيع أن تحسن واقع الشعوب التي تعاني الآن من مشكلات كبيرة في مجال الاقتصاد والصناعة وجميع المجالات، على الرغم من تطوير التعليم لديها، ويتم في هذا المؤتمر التركيز على الأهداف السبعة عشر في مجال التنمية المستدامة.
وقال وزير التربية: وجدنا من الضروري أن تكون هناك ورقة عمل في التجربة السورية باستمرار التعليم، والبدء بالتحول في التعليم في ظل الكوارث والنكبات التي تعرضت لها سورية. وشكلت لجنة أخرى مؤلفة من عدد من الوزارات والتربويين والخبراء والأكاديميين لإعداد هذه الورقة، وتم اعتمادها من قبل الحكومة، وبذلك تكون سورية من أولى دول العالم التي التزمت بقمة التحول في التعليم وشكلت وفداً يشارك اعتباراً من يوم بعد غدٍ الجمعة في هذه القمة في نيويورك برئاسة وزير التربية وعضوية مدير التخطيط والتعاون الدولي وأمين اللجنة الوطنية للتحول في التعليم، ووفد شبابي يمثل المنظمات الشعبية الشبابية يضم رؤساء منظمة طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة والاتحاد الوطني لطلبة سورية والأمانة السورية للتنمية.
تحديات جسيمة
وعن مضمون ورقة العمل السورية بين الطباع أنها تحتوي توصيفاً دقيقاً لواقع التعليم في سورية التي تواجه تحديات جسمية تتمثل بالاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري منذ عام 1967 والحرب الإرهابية عليها، والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة عليها منذ 12 سنة وصلت لحد الحصار الاقتصادي علاوة على الاحتلال الأجنبي والأميركي والتركي لأجزاء من أراضيها وسرقة ونهب ثرواتها ومقدراتها كان لها تداعيات كارثية فاقمت من الاحتياجات الإنسانية للسوريين المتضررين بشكل غير مسبوق وأدت لنزوح قسري داخل وخارج البلاد، وإلى دمار واسع للبنية التحتية للخدمات المدنية والاجتماعية بسبب الإرهاب الذي تعرضت له، والآثار المدمرة على الاقتصاد.
مضيفاً: إنه وبنتيجة ذلك يعيش اليوم أغلبية السوريين في أوضاع اقتصادية معيشية قاسية جداً، معظمهم غير قادرين على تدبير أمورهم أو تأمين أمنهم الغذائي. كما استنفدت موارد العائلات مع محدودية فرص العمل، والارتفاع الهائل في الأسعار، ونقص الإمدادات الأساسية، وتمثل التحديات الاجتماعية والاقتصادية الحالية بالنسبة لمعظم الناس بعضاً من أقسى الظروف وأكثرها تحدياً التي واجهوها منذ بداية الحرب على سورية.
وتابع قائلاً: ففي عام 2022 احتاج 14.6 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية. وهذا هو أكبر عدد من الأشخاص المحتاجين يسجل في سورية منذ عام 2011. وقد زاد عدد الأطفال المحتاجين- أكثر من 6.5 ملايين- بنسبة سبعة بالمئة في العام 2021 وحدة. والأزمة الاقتصادية غير المسبوقة وتفاقم الفقر والبطالة. كما أتت جائحة كوفيد-19، وارتفاع أسعار السلع الناجم عن الوضع الاقتصادي العالمي العام وتأثير الإجراءات القسرية أحادية الجانب كعوامل تزيد من تفاقم الوضع السيئ للمواطن السوري.
وبيّن الطباع أنه لا يزال الأطفال في سورية يعيشون نتيجة الحرب حياة مملوءة بالخوف من العنف وفقدان الأصدقاء والأحباء والألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب. وأنهم يعانون أيضاً من إصابات جسدية ونفسية إذا تركت من دون علاج فمن المحتمل أن يبقوا متأثرين بها مدى الحياة، مع عواقب وخيمة على صحتهم ومستقبلهم.
حياة الأطفال
وأشار وزير التربية إلى أن الورقة السورية وصفت حياة الأطفال في سورية خلال العقد الماضي، فكثيرون لا يعرفون شيئاً سوى الحرب والدمار، فقد ولد الكثيرون منهم في زمن الحرب. ومستقبل جميع الأطفال غامض في ظل معاناتهم من وطأة الأوضاع السيئة التي فرضت عليهم نتيجة الحصار والدمار. وأنه يوجد داخل وخارج سورية نحو 2.4 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً خارج المدرسة. وهم يمثلون ما يقرب النصف لـ5.52 ملايين طفل في سن الدراسة. ويقع هؤلاء الأطفال للأسف فريسة لعمالة الأطفال والزواج المبكر والقسري والاتجار والتجنيد من الجماعات الإرهابية المسلحة التي لا تزال موجودة في بعض مناطق في سورية.
ونبهت ورقة العمل المقدمة من سورية إلى أنه من المرجح أن يتخلف المزيد من الأطفال عن التعليم ويكونون عرضة لخطر التسرب الدائم. فكلما طالت مدة بقاء الأطفال خارج المدرسة زادت صعوبة اللحاق بهم. ولقد فقد بعض الأطفال بالفعل 10 سنوات من دراستهم.
انخفاض بالوصول إلى التعليم
وبيّن وزير التربية أنه تم التأكيد على أن هذا الانخفاض الحاد في الوصول إلى التعليم ونتائجه كان انعكاساً كاملاً لإمكانات ما قبل الحرب، حيث تم الترحيب بالشباب واستقطابهم ذات مرة في جميع أنحاء المنطقة العربية كمصدر للتغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي الإيجابي. وكانت الدولة تتباهى قبل الحرب بنسبة حضور بلغت 98 بالمئة في مرحلة التعليم الأساسي الحلقة الأولى ومعدلات معرفة القراءة والكتابة بنحو 90 بالمئة لكل من الرجال والنساء، واليوم سيقترب الطفل المولود في العام الأول من الحرب على سورية من عيد ميلاده الثاني عشر، وربما فاتته سنوات عديدة من التعليم الرسمي.
وأشارت الورقة السورية إلى أن واحدة من كل ثلاث مدارس في سورية لم تعد تستخدم للأغراض التعليمية نتيجة تدميرها أو إتلافها أو استمرارها في إيواء العائلات النازحة أو استخدامها لأغراض أخرى. فانخفاض عدد المدارس التي أعيد تأهيلها يزيد من إعاقة وصول الأطفال إلى التعلم. والفصول الدراسية مكتظة، كما غادر البلاد عشرات الآلاف من المعلمين وغيرهم من العاملين في مجال التعليم.
وبينت ورقة العمل السورية ما قامت به الحكومة السورية من أعمال، وعلى الرغم من هذه التحديات الجسيمة وتداعياتها الكارثية على السوريين، ولكون وزارة التربية على أتم إدراك بخطورة فقدان التعلم وأهمية البدء في التعليم التحويلي لجعل الشباب قادرين على تجاوز مصاعب هذه الحرب وآثارها الخطيرة على الجيل، بدأت منذ العام 2015 بالتعاون مع اليونسكو واليونيسيف بجمع خبراء في التعليم من أجل الصحة والرفاهية لمناقشة الممارسات الجيدة، والتقدم، ورصد وتعميم التعليم التحويلي نحو هدف التنمية المستدامة، وقام هؤلاء الخبراء أولاً بتحديد معايير التعلم الوطنية المحققة للمواطنة وللمتطلبات الوطنية وفق الكفايات المحلية.
وفي المرحلة الثانية، قامت وزارة التربية بالتعاون مع الخبراء، بوضع فلسفة المنهاج والتوجهات التربوية في مستند الإطار العام للمنهاج الوطني في سورية الذي يشكل دليلاً مرجعياً لوضع معالم الطريق الصحيح للتعلم التحويلي. وتم بعدها إعادة بناء المناهج التربوية الوطنية على أسس التعليم من أجل التنمية المستدامة، والتربية على المواطنة العالمية، والتعليم من أجل الصحة والرفاهية.
العمل على المناهج
وأوضح الطباع أن ورقة العمل شرحت مراحل العمل على المناهج، حيث تم تصميم المنهاج الوطني المتمحور حول المتعلم ويعزز التعلم النشط. وبذلك، وضع المنهاج الجديد المتعلم محوراً لعملية تعلم تفاعلية حيث يتوفر للمتعلم مساحة للنمو والتطوير الذاتي ما يجعله قادراً على تعديل مفاهيمه وسلوكياته وقيمه بما ينسجم مع ما يتعلمه، ويصبح قادراً على تحسين حياته وحياة من حوله والعيش بسلام، وبناء مجتمعه بناء سليماً يستطيع فيه ممارسة مهارات الحياة والعمل التي تقوده إلى المواطنة العالمية.
وأنه تم بناء مناهج التعليم من أجل التنمية المستدامة بمراعاة جميع الأهداف السبعة عشر المعتمدة في الأمم المتحدة في تحديد مهارات التعامل مع الطبيعة والسلوكيات المجتمعية. كما تضمنت مناهج التربية على المواطنة من خلال تعزيز مهارات الحياة والعمل لدى المتعلم وفق عجلة متصلة تبدأ بالتمكين الذاتي، ثم مهارات التعلم ومن ثم التوظيف وصولاً إلى مهارات المواطنة الفاعلة.
والمنهاج السوري الجديد الذي تم تطويره أثناء الحرب على سورية يساعد المتعلمين على مواجهة التحديات التي سببتها هذه الحرب الإرهابية، كالتدهور البيئي، والأمراض، والعنف، والتطرف، والتمييز، والفقر، إضافة إلى مواجهة تحدي تراجع المعايير والنتائج التربوية في بعض المجالات الأساسية، مثل: القرائيّة والحسابية. كما يقوم على إبراز أثر الإرث التربوي السوري العريق في الوطن العربي والعمل على إحيائه. ويحول الأزمات إلى فرص لتعزيز مفاهيم التفكير المقدم ومواكباً أحدث المستجدات العلمية والتربوية والتقنية.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن