آخر الأخبار
الرئيسية » مختارات من الصحافة » وسط حلقة مفرغة من الجمود السياسي.. ماذا ينتظر ليبيا في 2024؟

وسط حلقة مفرغة من الجمود السياسي.. ماذا ينتظر ليبيا في 2024؟

وسط تواصل الخلافات بين الأطراف الليبية، التي يدور أبرزها بين مجلسي النواب والدولة، حول القوانين الانتخابية، تستمر حالة الجمود السياسي في البلاد، ما يطرح تساؤلات حول التحولات المتوقعة خلال 2024، فيما ينشد المواطنون منذ سنوات إجراء انتخابات تجدد من خلالها شرعية المؤسسات الحاكمة.

رقعة الخلاف اتسعت بين المجلسين، خاصة بعدما نشر مجلس النواب القوانين الانتخابية في الجريدة الرسمية، رغم الاعتراضات التي أبداها عليها “الأعلى للدولة” حيث اعتبرها “تشريعات مخالفة للتعديل الدستوري وباطلة”.

ورغم استحالة إجراء الانتخابات في ظل الخلافات المستمرة بين المجلسين منذ سنوات، غير أن رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي، ألمح منذ أشهر إلى أن مستقبل ليبيا يجب ألا يتوقف على مجلسي النواب والدولة، بل على طموحات المواطنين.

وفي 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وجه باتيلي عبر بيان، دعوات إلى الأطراف المؤسسية الرئيسية في ليبيا، للمشاركة في اجتماع سيُعقد خلال الفترة المقبلة، بغية التوصل إلى تسوية سياسية بشأن القضايا مثار الخلاف السياسي المرتبطة بتنفيذ العملية الانتخابية.

والمقصود بالأطراف المؤسسية: حكومة الوحدة الوطنية، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، والمجلس الرئاسي، والقيادة العامة للجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.

غير أن الدعوة الأممية اصطدمت برفض من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بسبب “عدم توجيهها للحكومة برئاسة أسامة حماد التي صادق المجلس على تعيينها”، مقابل قبول رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، فيما الأطراف الثلاثة الأخيرة لم تعلن موقفها من دعوة باتيلي.

“حلقة مفرغة”

بدوره، قال الصحفي الليبي موسى تيهوساي إنه “لا مؤشرات إيجابية تفضي إلى انتخابات تخرج ليبيا من الحلقة المفرغة من الخلافات السياسية بلا حلول جذرية”.

وأضاف للأناضول: “للأسف، وفقًا لما نراه الآن من دوران في الحلقة المفرغة نفسها التي ندور فيها منذ سنوات، ليس هناك أي مؤشرات إيجابية تتعلق بالانتخابات، وإنهاء المراحل الانتقالية التي أثقلت البلاد وأنهكت الشعب الليبي”.

وأكد أن الأوضاع الراهنة في البلاد “أخّرت تحقيق تطلعاته نحو مستقبل أفضل، لا يتحكم فيه أشخاص وكيانات وشركات سياسية جهوية لا تقدم سوى تعميق الخلافات والانقسامات القبلية والسياسية، ومصادرة إرادة الشعب بالشعارات الجوفاء”.

وأشار إلى أن “حالة الجمود السياسي تتأثر بعوامل عدة تساعدها على البقاء والتطور، من أبرزها ارتباط النخبة الحاكمة بهياكل أمنية وقبلية نفعية، تفضل استمرار هذا الوضع على حساب الشعب، وبناء دولة تعددية تمثل إرادة جميع المواطنين، وليس دولة مافيا تتحكم بها الطبقة الأكثر قوة، خصوصًا تلك التي تخدم القوة الخشنة في كل مقاربة للحل السياسي في البلاد”، وفق رأيه.

وحذّر من أنه “إذا استمر الوضع هكذا، وهو الأرجح، فإن العودة إلى مربع الاصطفاف العسكري وارد، بل قد يكون في أي وقت، بسبب تردّي العلاقات البراغماتية بين أصحاب النفوذ والقوة المحليين وداعميهم في الخارج”.

وأوضح أنه “ليس هناك أي توقعات إيجابية، فالوضع قد يتطور للأسوأ بسبب العوامل الإقليمية والدولية والتهاب الجوار الإفريقي لليبيا، بما في ذلك الوضع الخطير في منطقة الساحل، ودور قوات فاغنر الروسية التخريبي فيها”.

وينشط عناصر “فاغنر” في ليبيا حاليا في مدينة سرت (450 كلم شرق العاصمة طرابلس) حيث يتمركزون بقاعدة “القرضابية” الجوية ومينائها البحري، إضافة إلى قاعدة “الجفرة” الجوية (جنوب)، وقاعدة “براك الشاطئ” الجوية (700 كلم جنوب طرابلس).

ونتيجة لذلك، رأى تيهوساي أن “البلاد ستكون وجهة أساسية للتنظيمات المتطرفة والهجرة غير النظامية، وانتعاش سوق السلاح والتهريب بأنواعه، وهو ما يشكل تحديا خطيرا على الأمن القومي الليبي وأمن أوروبا بأكملها، ليس فقط من ناحية تزايد الهجرة، بل من خطر توقف إنتاج النفط الليبي بسبب هذه التحديات الأمنية الخطرة”.

معوقات جوهرية للمبادرة

وعن نجاح مبادرة باتيلي، قال تيهوساي إنه “أمر غير متوقع، لأن المبادرة لا يبدو أنها ستعالج الأسباب الجوهرية للخلافات حول الانتخابات”.

ومن بين هذه الأسباب، وفق تيهوساي، “مسألة تشكيل حكومة موحدة تشرف على إجراء الانتخابات، وإقالة حكومة الدبيبة وهو أمر غير متوقع أبدًا، خاصة أن الأخير مدعو للاجتماع ولن يوافق على ذلك بالطبع، وبالتالي لن يحصل أي اتفاق، وهنا سنعود مرة أخرى إلى استمرار الوضع كما هو خلال العام المقبل”.

ولحلّ لهذه المعضلة، يرى تيهوساي أنه “يبقى هناك خيار شبه وحيد يمكن أن يسهم في مسار الانتخابات، وهو إخراج الشخصيات الجدلية من المشاركة في الانتخابات، أو الترشح لها عبر ضغط دولي ومحلي وتفاهم إقليمي واضح على مقاربة الحل بشكل لا يقصي أحداً”.

باتيلي سينجح في الخطوة الأولى

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي فرج فركاش إن باتيلي “سينجح في الخطوة الأولى من مبادرته، في جمع ممثلين عن الأطراف التي دعاها للاجتماع التحضيري”.

وأضاف فركاش للأناضول: “لكن هذا سيكون مع أخذ المجلس الرئاسي دور الحياد وفق ما طالب وصرّح رئيسه محمد المنفي في عدة مناسبات، تفاديا لأي شبهات بأنه سيدعم الأطراف الممثلة لمجلس الدولة أو لحكومة الدبيبة، مقابل وفد مجلس النواب ووفد القيادة العامة، وهذا سيفتح المجال كذلك لإشراك الرئاسي في شرعنة أي مخرجات عن الحوارات القادمة”.

وأوضح أن “هذا ربما سيزيل الضغط الذي يتعرض له المبعوث الأممي بشأن حكومة حماد، والتي في النهاية ليست طرفا حقيقيا في الصراع، وإنما هي ممثلة لطرف القيادة العامة (في إشارة لحفتر)، ولبعض أعضاء مجلس النواب”.

وأشار إلى أن “خطوة باتيلي ستصطدم بعدة معوقات، منها معارضة عقيلة صالح لأي تغييرات جوهرية في قوانين انتخاب الرئيس، التي يعارضها العديد من أعضاء مجلس الدولة وأيضا يعارضها الدبيبة وحكومته”.

وتابع: “سيصطدم باتيلي بمعارضة تغيير الحكومة ما لم يكن للدبيبة دور فيها، وهو يسعى لأن تبقى حكومته مقابل تعديلات جوهرية في بعض الوزارات، منها مثلا وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، وهو ما يتعارض مع ما يريده عقيلة صالح ومن معه من النواب”.

مراوحة واحتمالات الحرب

وفق فركاش، فإن “النتيجة في ظل هذا التعنّت، وما لم تكن هناك ضغوطات حقيقية على الأطراف المشاركة في الحوار المرتقب، هي استمرار المراوحة في المكان نفسه وفشل مساعي باتيلي للأسف”، ولذلك، رأى أنه “لا بد من ضغوطات دولية جدّية على الأطراف المعنية بأن تتنازل عن مواقفها المتعنتة”.

وأضاف: “كنا قد طرحنا في السابق فكرة دمج الحكومتين أو تشكيل هيئة من الحكومتين تشرف على الانتخابات”.

وشدد على أنه “لن يكتب للانتخابات الانعقاد ما لم تتغير بعض المواد التي تتشبث بها لجنة الـ 6+6 وعقيلة صالح، مع علمهم بعدم قابليتها للتطبيق ومعارضتها من قبل طيف واسع من مجلس الدولة والشعب الليبي، والقوى الفاعلة في طرابلس”.

ووفق فركاش، فإن “الحديث عن نشوب حرب أخرى في ظل تواصل الانسداد السياسي، غير وارد الآن، إلا إذا تم تبنّي هذه القوانين (الانتخابية) ومحاولة فرضها بموادها العبثية”.

وتشهد ليبيا صراعا على السلطة بين حكومة عيّنها مجلس النواب مطلع 2022، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“ذا ناشيونال إنترست”: مناورة “أتاكمس” لبايدن يمكن أن تنفجر في وجه أمريكا

تحت هذا العنوان نشر المحلل العسكري دانيال ديفيس مقالا يتناول تداعيات قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ “أتاكمس” بعيدة المدى لضرب عمق ...