آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » وعود الإدارة الجديدة تتلاشى: السوريون في «أسوأ» رمضاناتهم

وعود الإدارة الجديدة تتلاشى: السوريون في «أسوأ» رمضاناتهم

 

 

يعيش السوريون ظروفاً اقتصادية هي الأسوأ في تاريخهم، تزامناً مع حلول شهر رمضان الذي عادة ما تتضاعف فيه المصاريف الشهرية. ويتجلى ذلك في توقّف الرواتب، والكساد في الأسواق التجارية، والانخفاض الواضح في حركة البيع والشراء، بالإضافة إلى استحواذ البنك المركزي السوري على الحوالات وتسليمها بسعر السوق السوداء. ورغم التفاؤل العام الذي ساد المجتمع، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، نتيجة الوعود الاقتصادية التي تلقاها الأهالي من الإدارة السورية الجديدة، بزيادة الرواتب 400%، وتنشيط حركة الاقتصاد عبر تدوير عجلة إعادة الإعمار، واعتماد نظام اقتصادي يوفر فرص عمل كثيرة، إلا أنه بعد مضي نحو ثلاثة أشهر على السقوط، بدأت هذه الإدارة تتراجع عن تصريحاتها السابقة، بل وتتّخذ إجراءات تعسفية غير مسبوقة، عبر منح ما لا يقل عن 40% من موظفي القطاع العام إجازة بأجر، تمهيداً لفصلهم.

 

ولم تكتفِ بذلك، فحتى الإجازة بأجر كانت بمنزلة شيك من دون رصيد، مع عدم تسلّم شريحة واسعة من الموظفين رواتبهم، بسبب إجراءات حبس السيولة المعتمدة في النظام المصرفي، وهو ما أدى إلى عرقلة حصول كثير من موظفي القطاع الخاص أيضاً على رواتبهم، إلا بالقطارة. كما أن وضع الإدارة الجديدة يدها على كثير من شركات القطاع الخاص، بتهمة علاقتها المشبوهة مع نظام الأسد، أدى إلى خسارة عدد كبير من الناس مصدر دخلهم، في حين أن القطاع الصناعي بات مهدداً، في ظل إغراق الأسواق السورية بالبضائع التركية.

 

رمضان بما تيسر

تلك الظروف كلّها دفعت كثيرين إلى تمضية شهر رمضان بما تيسر لديهم، أو بالاعتماد على مدخراتهم الشخصية، أو على الحوالات الخارجية حتى بسعر صرف السوق السوداء المعتمد لدى «المركزي»، أي أقل بنسبة 25% من القيمة الحقيقية. ويقول مواطن عرّف عن نفسه بِاسم بَاسم، وهو من مدينة اللاذقية، لـ«الأخبار»، إن «الوضع الاقتصادي سيئ جداً، ولم يمرّ على السوريين مثله طوال الـ14 عاماً الفائتة. والناس تأكل ما تيسر لها من طعام في الشهر الفضيل»، مؤكداً أن «غالبية الموظفين لم يتسلّموا رواتبهم، مع خسارة أكثر من نصف الموظفين وظائفهم بعد موجة تسريح غير مسبوقة»، لافتاً إلى أن «غالبية أهالي اللاذقية يعتمدون على الوظائف الحكومية، لكون المحافظة لا تملك معامل أو منشآت كبرى، وهي ليست محافظة صناعية أو زراعية».

 

وتؤكد مواطنة عرّفت عن نفسها باسم مرح، من دمشق، بدورها، أن «أجواء شهر رمضان التي عادة ما يشهدها حي الميدان في مدة الإفطار والسحور، متراجعة جداً»، مشيرة إلى أن «الموائد الرمضانية فقيرة جداً هذا العام، وهي انعكاس للوضع الاقتصادي الصعب». وتعرب عن أملها في أن «تكون هذه الظروف استثنائية»، قائلة إن «الجميع ينتظر أن يتحسّن الوضع الخدمي والاقتصادي وتتوافر فرص العمل، بعد الوعود الحكومية بتغيير الحال خلال أقل من عام من التحرير، وليس لنا إلا الانتظار».

 

أما رنيم، من حمص، فتشير في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الأهالي اضطروا إلى بيع ذهبهم أو اللجوء إلى مدخراتهم التي عادة ما يحتفظون بها للطوارئ، لتلبية جزء من احتياجات شهر رمضان»، داعية إلى «اتخاذ إجراءات عاجلة من مثل إلغاء التسريح التعسفي للموظفين، وتسليم الرواتب في وقتها، والعمل على تحريك الأسواق، بما يؤمن فرص عمل توفر للأهالي دخلاً يسد رمق العيش فقط، مثلما كان عليه الوضع قبل سقوط النظام على الأقل». وتعلّق على تحسن سعر الليرة السورية مقابل الدولار، والذي أدى إلى انخفاض أسعار السلع التجارية، بالقول إن «الحال في سوريا ينطبق عليه المثل: الجمل بليرة، ولكن ما في ولا ليرة».

 

صعوبات في الشرق

قد يبدو الوضع في مناطق سيطرة «قسد» شمال شرقي سوريا، أفضل نسبياً، لوجود أعداد كبيرة من العسكريين في «قسد»، أو موظفي «الإدارة الذاتية» والمنظمات والجمعيات العاملة في الشأن الإنساني، والتي تعمل بمعزل عن النظام المالي الحكومي، وهو ما يعطي أفضلية لحركة الأسواق. لكن مع ذلك، فإن وجود أكثر من 100 ألف موظف حكومي، يعيشون شهرهم الرابع من دون أجور، في ظل تعطّل عمل المصارف والدوائر الحكومية بشكل كامل، وتعثر الاتفاق بين دمشق و«قسد»، ينعكس أيضاً على الحركة التجارية خلال رمضان.

 

ويقول عدنان، وهو صاحب محل لبيع اللحوم في الحسكة، لـ«الأخبار»، إن «حركة بيع اللحوم، والتي عادة ما تزدهر في شهر رمضان المبارك، باتت في حدها الأدنى قياساً بالمدة نفسها من العام الماضي، مع تراجع في الكميات المباعة والتي وصلت أحياناً إلى 100غرام فقط، رغم انخفاض سعر الكيلوغرام الواحد إلى النصف قياساً بأسعار العام الفائت»، مشيراً إلى أن «من يُقبل على شراء كميات من اللحوم هم أصحاب الحوالات الخارجية، في ظل وجود عدد كبير من أبناء المحافظة في دول الاغتراب».

 

ويلفت أحمد، وهو صاحب محل لبيع الحلوى، بدوره، إلى أن «هناك حركة لكن من دون بركة»، مبيناً أن «الناس كانوا يشترون أكثر من صنف وبكميات كبيرة، فيما الشراء هذا العام هو صنف واحد، وبالحد الأدنى». ويكشف أن محله «قام بصنع حلوى بجودة منخفضة جداً، لبيعها بأسعار تتناسب مع دخل الناس»، واصفاً الأحوال الاقتصادية بـ«التعبانة»، ومتمنياً أن «تتحسن في المدة القادمة، وينتهي هذا الانكماش الاقتصادي الذي يعتبر انعكاساً طبيعياً لأحوال الناس هذه الأيام». كما يدعو «المغتربين إلى إرسال الحوالات إلى ذويهم لتحريك عجلة الأسواق قبل حلول موسم عيد الفطر».

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزير الاقتصاد والصناعة يبحث في إدلب تطوير بيئة العمل ودعم المشاريع ‏المحلية

بحث وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور محمد نضال الشعار وعدد من ‏الصناعيين والتجار في محافظة إدلب اليوم، واقع القطاعين الصناعي ‏والتجاري، والتحديات والمقترحات المتعلقة بتطوير بيئة العمل ...