*معد عيسى
مؤلم المنظر الذي تركه حريق الغاب وجبال مصياف، والمؤلم أكثر التصريحات المتكررة منذ عشرين عاماً عن وعورة المكان وصعوبة الوصول إليه، ولكن نتيجة التلطي وراء وعورة المكان كانت كارثة بيئية واقتصادية، فغابات جبال مصياف من أقدم الغابات وأكثرها تنوعاً وجمالاً.
لم تمنع وعورة المكان بعض الأشخاص من بناء قصور خاصة بهم في أماكن أشد وعورة، ولكنها منعت جهات حكومية من شق خطوط نار إلى تلك المواقع، ومنعتهم من التفكير في خلق مسافات أمان داخل الغابات وذلك بتقسيم الغابات وترك مساحات نظيفة تمنع تمدد الحرائق إلى كامل الغابة وتوقفها عند حدود معينة.
خسرنا بسبب الحرب والتعدي غابات اللاذقية، ونخسر اليوم ما تبقى لنا من غطاء أخضر بسبب التراخي والإهمال والتقاعس. فتح خطوط النار وتقسيم الغابات إلى قطاعات لا يحتاج إلا إلى آليات هندسية لشق الطرق وفتح خطوط نار إلى المواقع الحراجية كافة، وهذا يسهل على فرق الإطفاء ويقلل من المساحات المحروقة.
منطقة الغاب ومحيطها أصابها الكثير من الإهمال، ولم يضع التغني بسهل الغاب وما يُمكن أن يقدمه لسورية من الاحتياجات في أولويات القائمين على الشأن العام، كما لم يدفعهم مشروع “الأغرو بولس” الذي طرحه السيد الرئيس إلى الاهتمام بتلك المنطقة واستثمارها، علما أن المشروع يشبه المناطق الحرة، حيث يُمكن لأي شركة عالمية أن تستأجر قطعة أرض نظيفة في سهل الغاب لإنتاج أصناف معينة أو محاصيل وتصديرها إلى بلادها.
هناك اليوم مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة شمال مدينة حماة وجنوب إدلب والتي تشكل جزءاً مهماً من سهل الغاب تم تحريرها من العصابات الإرهابية، ولكنها خارج الخطط الزراعية بسبب عدم تنظيفها من مخلفات الإرهابيين كالألغام والقذائف، وقد شهدت هذه المناطق استشهاد عدد من المواطنين بسبب انفجار عبوات ناسفة، الأمر الذي دفع أصحاب الأرض لتركها من دون زراعة بانتظار تنظيفها من الجهات المختصة، والكثير من أصحاب هذه الأراضي على استعداد للمساهمة مالياً في تمويل تنظيف أراضيهم، لكي يتمكنوا من زراعتها.
الجبال المطلة على الغاب خسرت ثوبها الأخضر بسبب التقاعس، ولحقت بسهلها المُهمل، ولا بد من تغيير العقلية الإدارية والتشريعية التي ساوت بين الغابة والصحراء، وغيبت التشاركية الحقيقية مع مجتمع الغابة، حيث أصبحت تشريعات حماية الغابات التي عنوانها التشاركية مع المجتمعات المحلية أكبر معيق لهذه المجتمعات في ممارسة حياتهم الطبيعية، وجعلت الغابة عدواً لقاطني محيطها، وهذا جعل البعض يحرقها بعد أن مُنع من الاستثمار والتحرك بشكل طبيعي بجوار الغابة بسبب قوانين لم ترحم المواطن ولم تحم الغابة.
(سيرياهوم نيوز-الثورة6-9-2020)