آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » وفد أميركي «مستعجل» في بغداد: نتائج الانتخابات تخيّب واشنطن

وفد أميركي «مستعجل» في بغداد: نتائج الانتخابات تخيّب واشنطن

 

فقار فاضل

 

غداة الانتخابات النيابية الأخيرة، وجدت بغداد نفسها مجدّداً في قلب لعبة النفوذ بين واشنطن وطهران، لكن بنسخة أكثر تعقيداً من ذي قبل. فالنتائج التي أفرزت تقدّماً إضافياً للأذرع السياسية للفصائل المسلّحة داخل البرلمان، وتراجع القوى المقرّبة من الولايات المتحدة، دفعت واشنطن وطهران إلى تكثيف حراكهما السياسي للتأثير في إجراءات ما بعد الانتخابات. وبينما يسرّع «الإطار التنسيقي» خطواته لتشكيل الحكومة، تتحرّك البعثات الدبلوماسية والوفود الأمنية بين بغداد والعواصم المعنيّة، في مشهد يعكس حجم الصراع.

ويسعى «التنسيقي»، الذي شكّل «الكتلة النيابية الأكبر»، إلى اختيار رئيس الحكومة الجديدة ضمن مهلة قصيرة، خشية تفجّر خلافات داخلية. ويفيد قياديون فيه بأنّ هناك لجنتين وضعتا مواصفات محدّدة لشخصية رئيس الوزراء، وذلك في محاولة للتوصّل إلى «قرار شيعي موحّد» يضمن تماسك الكتلة ويحدّ من الاختراقات الخارجية. ويرى القيادي في «التنسيقي»، علي الفتلاوي، أنّ «القرار السياسي هذه المرة أكثر استقلالية»، مشيراً إلى أنّ التدخّلات الأميركية والإيرانية «لم تعد بالقوة نفسها كما في السنوات الماضية»، وأنّ وفود الدولتين التي تزور بغداد «تبحث ملفات أمنية واقتصادية، أكثر ممّا تتدخّل في اختيار رئيس الوزراء». غير أنّ هذه القراءة لا تحجب حقيقة أنّ الصراع الأميركي – الإيراني بلغ مستويات لا تسمح لأي من الطرفين بالتراجع عن محاولة التأثير داخل العراق.

 

وتشير معلومات متقاطعة إلى اجتماعات متواصلة بين قادة إيرانيين وشخصيات محورية داخل «التنسيقي»، في سياق مساعي اختيار رئيس الحكومة وتوزيع الحقائب الأمنية والاقتصادية الحسّاسة. إذ إنّ إيران، ترى في عملية تشكيل الحكومة الجديدة فرصة لإعادة تثبيت حضورها، خصوصاً بعد أن حصلت الفصائل المقرّبة منها على أكثر من 25 مقعداً، بينها 7 مقاعد لـ«كتائب حزب الله» وحدها. ويشكّل هذا الثقل ورقة ضغط أساسية لطهران في مواجهة رغبة واشنطن، في تحجيم تلك الفصائل وتعديل بنية الدولة بما يحدّ من «النفوذ الإيراني».

وإذ ستسعى إيران إلى تثبيت «هوّية سياسية» للحكومة المقبلة تضمن استمرار استراتيجيتها الإقليمية في مواجهة إسرائيل من جهة، وبقاء نفوذها على مستوى خطوط التجارة والطاقة من جهة أخرى، فإنّ المعركة الأساسية التي ستواجه البرلمان الجديد تتجاوز تسمية رئيس الوزراء وتوزيع الحقائب، لتشمل «الوضع القانوني للحشد الشعبي»، والعبء المالي المتزايد لبعض تشكيلاته. إذ إنّ أي محاولة لإضعاف الحشد ستستفزّ الفصائل وطهران، فيما أي تعزيز له سيُقابَل بردّ فعل أميركي، يتمثّل بضغوط مالية وعقوبات واستهداف لمصادر تمويله.

 

واشنطن تشعر بخيبة أمل من نتائج الانتخابات التي أفرزت كتلة ضعيفة للسوداني

 

والأخطر، وفق مراقبين، أنّ استمرار التوتر بين إيران والكيان الإسرائيلي، قد ينذر بتحوّل العراق إلى ساحة مواجهة في أي جولة مقبلة.

على الضفة المقابلة، تُصعّد واشنطن، من ضغوطها العلنية على بغداد؛ حيث تحاول إدارة الرئيس دونالد ترامب، ربط الاستقرار السياسي والاقتصادي العراقي بجملة شروط تتعلّق بـ«نزع سلاح الفصائل»، وتقليص نفوذ إيران، عبر أدوات مالية وتجارية، على رأسها ملف التحويلات بالدولار ونافذة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. وتكشف مصادر متعدّدة أنّ مبعوث ترامب إلى العراق، مارك سافايا، أجرى سلسلة لقاءات في بغداد، حمل خلالها رسائل مباشرة من البيت الأبيض إلى قادة سياسيين، بعضها يشدّد على «ضرورة اختيار شخصية حكومية منفتحة على واشنطن».

 

ورغم هذا الضغط، تدرك الولايات المتحدة، أنها لا تستطيع الذهاب بعيداً في المواجهة. فالعراق لا يزال شريكاً أساسياً في ملف «مكافحة الإرهاب»، كما أنّ النفط العراقي عنصر مهمّ لاستقرار أسواق الطاقة، ما يجعل الولايات المتحدة تعتمد سياسة «العصا والجزرة»: عقوبات وتصنيفات إرهابية من جهة، وحوار أمني – اقتصادي من جهة أخرى.

 

وفي خضمّ ذلك، تُطرح تساؤلات حول مصير رئيس الوزراء المنتهية ولايته، محمد شياع السوداني، الذي تشير مصادر داخل الحكومة إلى أنه حاول في أثناء الأشهر الماضية استمالة الولايات المتحدة ودول خليجية لضمان دعمه لولاية ثانية، لكن تصاعد نفوذ الفصائل داخل البرلمان، جعل موقعه أضعف من أن يضمن الاستمرار من دون غطاء خارجي. ويرى الباحث في الشأن السياسي، عبد الستار العيساوي، أنّ واشنطن «تشعر بخيبة أمل» من نتائج الانتخابات التي أفرزت كتلة ضعيفة للسوداني لا تتجاوز 15% من البرلمان، وهو ما سيُضعف قدرته على المناورة ويجعل مفاوضات تشكيل الحكومة أكثر توتراً.

 

وعلى خلفية ذلك، تؤكّد المصادر الدبلوماسية في بغداد أنّ وفداً أميركياً يستعدّ لزيارة العراق، لإيصال رسائل جديدة تخصّ شكل الحكومة المقبلة. وتأتي هذه الزيارة بعد أشهر من جمود دبلوماسي، لم يُكسر إلا باتصال وحيد بين وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، والسوداني، وزيارة وفد أميركي رفيع ناقش ملفات الانسحاب من بعض القواعد وصفقات الطاقة وترتيبات التعاون الاقتصادي.

 

ويرجح السياسي العراقي المستقلّ، داوود القيسي، أن يكون العراق مقبلاً على مرحلة شديدة الحساسية، قد تتّسم إمّا بتوازن هشّ مهدّد بالانفجار، أو بانفجار يمنح القوى الخارجية فرصة أكبر لتشكيل مستقبل البلاد. ويشير إلى أنّ «ما نراه اليوم في العراق يعكس واقعاً معقّداً، إذ إنّ أي خطوة نحو تشكيل الحكومة المقبلة لا يمكن فصلها عن التأثيرات الإقليمية والدولية»، مضيفاً أنّ «التنسيقي لا يستطيع تجاهل حجم النفوذ الخارجي المتداخل في كل مفاصل القرار».

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١- الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إسرائيل تصعّد كلامياً وتقصف منازل في الجنوب | ضغط أميركي على الجيش: الفتنة الآن!

    يبدو أن مشروع الدفع نحو مواجهة مباشرة بين الجيش اللبناني وحزب الله تحوّل اليوم إلى محور أساسي في البرنامج الأميركي – الإسرائيلي الذي ...