آخر الأخبار
الرئيسية » الأخبار المحلية » وفد كردي نحو دمشق: الخلافات لا تزال عميقة

وفد كردي نحو دمشق: الخلافات لا تزال عميقة

 

 

بعد أكثر من شهر على تجميد تطبيق اتفاقَيْ حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، وسدّ تشرين في ريفها الشمالي الشرقي، عاد ملفّ التفاوض بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) إلى الواجهة، مدفوعاً بحراك يتغذّى على العوامل الدولية والإقليمية لإنهاء مرحلة الحرب في البلاد، خصوصاً في ظل قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإعلان حزب «العمال الكردستاني» حلّ نفسه. وسرّبت وسائل إعلام سورية مقرّبة من السلطات الجديدة، بأن وفداً كردياً يستعدّ لزيارة دمشق خلال أيام، في إطار مسعى لـ«بحث تسوية سياسية شاملة» و«ضمان عودة المهجّرين».

 

ومن المتوقّع أن يبحث الوفد القضايا الخلافية التي توقّفت عندها المفاوضات، وخاصة المتعلقة بمسألة إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة «قسد» و«الأسايش»، وتسريع عملية عودة المهجّرين من مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض، بالإضافة إلى مشاركة الكرد في الحكم، وحقوقهم السياسية والثقافية. كما من المتوقّع أن تحاول دمشق الضغط على الكرد لتسليمها ملفَّي إدارة حقول النفط والغاز، ومعتقلات ومخيمات عناصر وعوائل تنظيم «داعش»، إلى جانب بحث مطلبها المتمثل بتسليم سلاح «قسد» ودمج أفرادها في الجيش السوري الذي يتم تشكيله، كمدخل أساسي لتطبيق شامل للاتفاق.

 

ومع ذلك، تقلّل مصادر مطّلعة من احتمال تحقيق اختراق نوعي في المدى القريب، نظراً إلى التباينات الجوهرية في مقاربات الطرفين، ولا سيّما في ظلّ إصرار «قسد» على الحصول على خصوصية في مناطقها، وتمسّكها بالانضمام إلى الجيش كتشكيل متماسك، وهو ما ترفضه دمشق رفضاً قاطعاً، وتطلب انضمام عناصرها أفراداً. وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن نجاح المسار التفاوضي «يبقى مشروطاً بدخول طرف دولي موثوق لرعاية التفاهمات»، وسط ترجيحات بأن تتولّى واشنطن أو باريس هذا الدور، في ضوء حضورهما المستمرّ في الملف الكردي، منذ سقوط نظام الرئيس السابق، بشار الأسد، قبل نحو ستة أشهر.

 

من جهتها، تُبدي أنقرة استعجالاً واضحاً في تنفيذ اتفاق 10 آذار، المُوقّع بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، والقائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي، لما يمثّله اندماج «قسد» و«الإدارة الذاتية» في المؤسسات المدنية والعسكرية للدولة السورية، من فرصة استراتيجية لها لتصفية ملفّ السلاح الكردي. ويبرز هذا التوجّه في تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، والتي أطلقها خلال حديثه إلى الصحافيين عقب عودته من بودابست؛ إذ قال إنّ بلاده «تتابع عن كثب تنفيذ الاتفاق بين دمشق وقسد»، داعياً الحكومة السورية إلى «تركيز جهودها على هذا الاتفاق».

 

وأشار إردوغان إلى أنّ «قرار تفكيك حزب العمال الكردستاني يشمل أيضاً الجماعات المرتبطة به داخل سوريا»، لافتاً إلى تشكيل «اللجنة الرباعية» التي تضمّ كلاً من تركيا وسوريا والعراق والولايات المتحدة، وهدفها «مناقشة مصير مسلحي «داعش» المحتجزين في المعسكرات التي تديرها قسد شمال شرقي البلاد».

 

في المقابل، سارع القيادي الكردي وعضو «هيئة الرئاسة في حزب الاتحاد الديمقراطي»، ألدار خليل، إلى الردّ على التصريحات التركية، بالتأكيد أن «إدارة ملف داعش من دون «قسد» غير ممكنة»، مذكّراً بـ«وجود معادلة عدم ثقة بقدرات دمشق ووجود فصائل ضمن الحكومة السورية كانت بالأمس داعش». وأكّد خليل أن «التحالف الدولي والإدارة الأميركية لم يخطرا «قسد» ولا «الإدارة الذاتية» بتسليم ملف داعش للحكومة السورية». وجدّد التأكيد أن «قسد ووحدات الحماية ليست امتداداً لحزب العمال الكردستاني»، وأنّ «مستقبل هذه القوات يُناقش مع دمشق، ولا نقبل بإملاءات تركية لنزع سلاحنا».

 

كذلك، أبدى خليل انفتاح «الإدارة الذاتية» على الحوار مع حكومة الشرع، لمعالجة «القضايا السياسية والاقتصادية والخدمية والعسكرية»، لافتاً إلى أن «قرار حلّ حزب العمال لنفسه، أوجِد أساساً لتغيير سياسات تركيا وخفض التصعيد تجاه شمال شرق سوريا». واعتبر أن إصرار الحكومة السورية على «المركزية» من شأنه أن «يقسّم سوريا ويؤدي بها إلى الحرب الأهلية»، مبيّناً، في الوقت نفسه، أن «وفد التفاوض مع حكومة دمشق سيكون ممثلاً عن الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا والوفد الكردي جزء منه»، محدّداً أجندة وفد «الذاتية» بـ«تعديل دستور سوريا والتوافق عليه، والاعتراف بالقضية الكردية ونظام الحكم في البلاد والجيش».

 

وفي هذا السياق، تشير مصادر مطّلعة، في حديثها إلى «الأخبار»، إلى «تباين واضح في تموضع كل طرف»، لافتةً إلى أن «دمشق تسعى لتكريس سلطتها المركزية على كامل الجغرافيا السورية، فيما تتمسّك «قسد» بالحصول على خصوصية في مناطق سيطرتها». وتضيف أن «الخلافات عميقة وجوهرية وتتطلب تنازلات كبيرة من الطرفين من أجل التوصل إلى تفاهمات معقولة».

 

أيضاً، توضح المصادر أن ثمّة تبايناً داخل المكوّن الكردي نفسه، لافتة إلى أن «المجلس الوطني الكردي» يؤكّد أنّ الوفد «سيكون مستقلاً عن وفد مفاوضات اتفاق الشرع – عبدي»، بينما تنفي «الإدارة الذاتية» ذلك، وتصرّ على «دمج الوفد الكردي بالوفد العام المفاوض للحكومة عن كل مكوّنات المنطقة»، مستبعدةً «التوصل إلى تفاهمات قريبة بين الطرفين في ظل هذا المناخ من الخلافات السياسية والإيديولوجية».

 

ومع ذلك، ترجّح المصادر «إمكان تدخل كلّ من واشنطن وأنقرة للضغط على الطرفين، ودفعهما نحو مرونة أكبر في الملفات بما يفتح ثغرات لتحقيق اختراق نحو التفاهم». وتضيف أن الأسابيع المقبلة ستكون «حاسمة في مسار المفاوضات، التي من شأن مخرجاتها أن ترسم معالم استقرار، أو تفتح الباب مجدّداً أمام مواجهة عسكرية».

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اجتماع بين وزارة الخارجية والمغتربين والبنك الدولي لتوسيع التعاون في المرحلة المقبلة

عقد اجتماع متابعة بين وزارة الخارجية والمغتربين وممثلي البنك الدولي، بهدف البناء على مخرجات اجتماعات الربيع الأخيرة، وتأسيس شراكة أوسع وأطول مدى خلال الفترة المقبلة. ...