عبد اللطيف شعبان
قدم الدكتور علاء عبد الكريم سليمان الاختصاصي بالأمراض القلبية محاضرة قيمة جداً في المكتبة الأهلية بقريةالجروية أمام حضور كريم مفصلاً وشارحاً وموضحاً، بلغة فصيحة ودون تكرار أية فكرة، بلا كلل منه ولا ملل من الحضور، واستمع وأجاب بكل دقة علمية طبية على جميع تساؤلات الحضور، ومما جاء في محاضرته التي استمرت لمدة ثلاث ساعات مايلي:
*القلب أكبر بكثير من كونه مضخة تضخ الدم، ويتكون تشريحياً من 4 أجواف: بطينين وأذينين يسرى ويمنى، وكل بطين وأذين مضخة مفرده قائمة بذاتها، وهو مزود بدسامات أو صمامات عديدة منها ما يفصل بين الأذين والبطين كالتاجي أو بين البطين والشرايين الرئيسية كالأبهري، هذه الصمامات تنظم دخول وخروج الدم من القلب وإليه، ويتكون القلب من عدة طبقات من العضلات وكل طبقة لها جهة ميلان معينة يعطي هذا الميلان تشريحياً كفاءة عالية للضخ ونشبه عمله بطريقة عصر المنشفة، والقلب يعمل بشكل متواصل وبدون توقف لعشرات السنين ولا يوجد مضخة قادرة على مجاراته ولو توقف مثلاً لثلاثة ثوان تكون كافية ليفقد الانسان وعيه. ولدى القلب جهاز عصبي معقد ينتج وينظم الكهرباء، بالإضافة الى حساسات ضغط ضمن الشرايين الرئيسية تتنبه لارتفاع الضغط او انخفاضه، ويضخ في الدقيقة الواحدة ما يقارب / 4.5-5 / ليتر من الدم بحالة الراحة، يمكن أن تزداد الى ثلاثة اضعاف هذا الرقم عند القيام بمجهود.
* يحصل القلب على نسبة جيدة من التروية من جوفه، حيث يكون على اتصال مباشر مع الدم لكن القسم الاعظم من التروية يأتي من الشرايين الإكليلية أو التاجية، التي سميت كذلك لأنها تحيط بالقلب بمثابة التاج من الرأس، وهناك الكثير من الحكمة والابداع الرباعي تتجلى في آلية عمل التروية القلبية.
وهذه لمحه عن أمراض العضلة القلبية:
1 – التصلب العصيدي: وهو الداء الذي يصيب الشرايين ويؤدي الى تضيقها ويقال أن عمرالانسان من عمر شرايينه.
2- نقص التروية القلبية: عندما يصل تضيق الشرايين الى مرحلة حرجة (أكثر من 60% ) تبدأ مشكلة عدم قدرة هذا الشريان على إعطاء التروية الكافية أثناء الجهد، ومع ازدياد شدة الإصابة يحدث خناق غير مستقر أو احتشاء عضلة قلبية.
3-ارتفاع الضغط الشرياني: يؤدي الى تعرض جميع أنسجة الجسم الى تأثير راض يؤذي بطانة الشرايين وخاصه بالأعضاء النبيلة كالدماغ والكليتين والقلب والعينين، مما ينعكس على تروية هذه الاعضاء، والضغط الطبيعي هو اقل من 14/9 وأي ارتفاع أكثر من ذلك هو مرض ويجب تدبيره وعلاجه، ولتشخيص ارتفاع الضغط يلزم اكثر من قياس خلال عده ايام وأثناء الراحة حصراً وبجهاز جيد فنياً وشخص مدرب لقياس الضغط بشكل صحيح.
4 – أمراض اضطراب النظم: ويقصد بها خلل بكهرباء القلب منها التسرعات ومنها التباطؤات
5- أمراض الدسامات القلبية: منها الخلقي ومنها المكتسب مثل الروماتيزم الذي سببه الأساسي خلل مناعي بعد الإصابة بنوع معين من الجراثيم تسمى العقديات المقيحة التي تؤدي الى التهاب اللوز القيحي مثلاً.
6 – أمراض خاصة بالعضل القلبي :منها اعتلال العضلة القلبية الضخامي ويعني تسمك غير طبيعي بعضلة القلب وينتج عنه مضاعفات خطيرة، وهو مرض وراثي وعند تشخيصه يستوجب أن تفحص كل العائلة للبحث عنه وتدبيره قبل ان تحدث مضاعفات مفاجئة.
7- أمراض التامور: وهو الغشاء المحيط بالقلب وأمراضه عديده وأشيعها التهابات التامور التي ربما تتطور الى التهاب بالعضلة القلبية.
الاعراض التي ربما يشكي منها المريض:
1 – الخفقان: وهو احساس المريض بدقات القلب، قد يكون بسبب مرضي وقد يكون بسبب القلق او بسبب ضربات قلبية باكرة أو متأخرة غير منتظمة.
2 -الألم الصدري : إن الألم القلبي يوصف أنه ألم ضاغط عاصر حارق بمنتصف الصدر قد ينتشر لأعلى البطن أو العنق أو الفك السفلي أو للذراع الايسر او للظهر، أما الالم الناخز الذي يحس به المريض في نقطة معينة قد ينتقل من جهة اخرى فهذا غالبا الم صدري جداري خارجي تشنجي.
3 – الزلة التنفسية: وتعني تسرع بالتنفس أكثر من 20 مرة /د الطبيعي (16-20/د اثناء الراحة)، وربما تكون الزلة التنفسية بسبب التوتر النفسي لكنها قد تنعكس عن نقص تروية قلبية أو فشل قلبي. وهناك مصطلح آخر يسمى ضيق النفس وهو عرض يحس به المريض وقد لا يعكس مشكلة جدية.
4 – الدوخة والدوار : الدوار هو مرض بجهاز التوازن بالأذن الباطنة أو مرض عصبي ويحس المريض خلاله بالدوران وقد يصحبه الغثيان والإقياء، أما الدوخة فهي احساس المريض بخلل وصعوبة التوازن
5 – التعرق والغثيان : يوصف التعرق البارد كعرض مصاحب لاحتشاء العضلة القلبية وقد يصحبه الغثيان أو الإقياء، وقد يوجد الغثيان في أمراض الجهاز الهضمي أو القولنج الكلوي.
*الأدوية التي يمكن ان نعالج بها مريض القلب:
هنالك عده مجموعات من الأدوية وكل مجموعة لها عمل ووظيفة خاصة بها.
1 – المميعات : مثل الأسبرين والكلوبيد 2 – المدرات البولية 3 – خافضات الضغط 4 – خافضات الشحوم: لها فوائد جمة على الشرايين وحمايتها 4 – حاصرات بيتا : وما يسمى بمنظمات عمل القلب عند الناس، ولكنها تقوم بتخفيض تسرع عضله القلب.
*ما هي أسباب الخطورة القلبية:
1 – أسباب لا يمكن التحكم بها مثل الوراثة
2 – الجنس: الرجال أكثر اصابه بأمراض القلب والأوعية من النساء حتى عمر / 55 / سنه وبعده يتساوى الجنسان بمعدلات الإصابة.
3 – التدخين : تحتوي السجائر على اكثر من / 100 / مادة ضارة ومسرطنة، وله اثار سلبيه سريعة مثل التهاب الشرايين أو تشنج الشرايين او القصبات، ويمكن ان يسبب سرطان يبدأ من الشفاه واللسان والبلعوم والحلق والحنجرة والقصبات والرئة ، والجدير بالذكر ان نفس النارجيلة الواحد يعادل/ 120 / سيجاره من حيث الضرر
4 – الكحول: يسبب اضرار على العضلة القلبية بشكل مباشر او أو غير مباشر.
4 – البدانة: ان الشحوم الموجودة في البطن تطلق مواد تسبب أذية للشرايين بكل الجسم , وزيادة تراكم الشحوم تزيد الأذية.
5 – السكري: الطبيعي الصيامي (70-110). ارتفاع السكر قد يؤدي الى ضرر بشرايين الجسم كامله من قلب ودماغ وكليتين وأطراف وعينين
6 – قلة الحركة والنشاط الفيزيائي: لذا لابد من الرياضة أكثر من نصف ساعة يوميا ويفضل الرياضة الهوائية كالمشي والجري البطيء لتدريب القلب والرئتين وتنفس الهواء الطلق.
*اسئلة وإجابات
وأجاب المحاضر بإسهاب وتفصيل على ثلاثة عشر سؤال هام، منهم:
1- كيف نميز الدوخة العصبية عن القلبية؟
الجواب : اذا وجدنا الضغط الشرياني طبيعي ، ودقات القلب طبيعية ولا يوجد تباطؤ أو خلل ومع ذلك المريض يحس بالدوخة، هنا لابد من البحث عن سبب اخر ربما عيني او دماغي او جهازي
2 – بخصوص الدسامات القلبية الصناعية، يقال إن منها المعدني ومنها الحيوي او البيولوجي، ما الفرق بينهما وايهما أفضل وممَّا يتركب الصمام البيولوجي ومن اي حيوان تحديدا، وهل يمكن اصلاح الصمامات بدون جراحه وهل يمكن زرع الصمام بدون جراحه؟
الجواب: الصمامات منها معدني تطورت صناعته بشكل كبير، ومنها البيولوجي المركب اساسا من صمامات قلوب بعض الحيوانات مثل الخنزير، بسبب كون حجم القلب لديه قريب لحجم قلب الانسان، ويقوم الجراح باختيار نوع الصمام حسب حاله المريض ويفضل زرع الصمامات المعدنية للأعمار الشابة بسبب كون عمرها أكثر من الحيوية، وربما يرفض المريض زرع الصمام الحيوي لأسباب شخصيه. بالإضافة لملاحظة أن الصمام المعدني يحتاج مميّع اما الحيوي فيحتاج الى مثبط للمناعة بعد اجراء العمل الجراحي وبشكل دائم طيلة الحياة.
3 – الا يوجد اجهزه تقوم بفتح الشرايين بدون حاجه الى زرع شبكات مثل الليزر او غيرها، ومتى يمكن ان نزرع شبكات ومتى تحتاج الى عمل جراحي وكم شبكة يمكن ان نزرع؟
الجواب: عندما يصل التضيق الى نسبة / 60% / فأكثر تبدأ مشكلة نقص التروية بالظهور وهي التعب أو الألم الصدري اثناء الجهد وهنا لابد من تركيب شبكة لفتح الشريان قبل تطور الحالة لمرحلة أخطر، ننتقي للتضيقات المعزولة والقليلة العلاج بالشبكات أما التضيقات الكثيرة أو في منشأ الشرايين فتحال الى العمل الجراحي أو ما يسمى المجازات الاكليلية. ويوجد أجهزة حديثة بالبلدان المتطورة يمكن من خلالها فتح الشرايين حتى التي لا يمكن فتحها بالشبكات بسبب كون الشرايين متكلسة منها يعمل بواسطة الليزر أو بآلية ميكانيكيه لكنها عالية الكلفة وباهظه.
4 – ما هي النصائح التي تقدمها للناس؟
الجواب : مرض القلب والضغط يستوجبان متابعه دوريه حتى الوصول الى العلاج المناسب، ثم مراقبه دورية لاحقه او فجائية عند الحاجة، والاهمال يؤدي الى نتائج خطيره، ومن الضروري أخذ العلاج بوقته المحدد وبشكل منتظم، وإيقاف العلاج بشكل عشوائي يحرم المريض من فوائده ويضعه أمام مخاطر تتطور بشكل صامت وبدون إحساس المريض، ولا بد من ضبط لعوامل الخطورة من تدخين وسكري وضغط لتقليل المخاطر الإضافية التي تتعرض لها الشرايين.
5 – نرجو أن تذكر حادثتين مرتا معك تتعلق بالمرضى لا تزال بذهنك؟
الجواب : الحالة الأولى : خلال مناوبتي حضر مريض يشكو من ألم بالظهر ويطلب بإصرارأخذ ابرة مسكن بدون فحص طبي قائلا: لدي فقط وتاب يا دكتور، وبعد الفحص واستماع لشكاية المريض رفضت إعطاء المريض أي مسكن قبل إجراء تخطيط للقلب، وقد تبين أنه مصاب باحتشاء العضلة القلبية حاد وهو بحاجة الى عناية قلبية وقثطرة قلبية، ولو كنا قد سمحنا بإعطائه ابرة مسكنة مع هذه الحالة ربما كان قد فارق الحياة.
الحالة الثانية : أيضا خلال أحد أيام المناوبات حضر الى قسم الاسعاف مريض شاب / 45 / سنة بقصة الم صدري ، وبعد الفحوصات أخبرنا الطبيب المشرف على القثطرة وجود حالة احتشاء عضلة قلبية حاد ويحتاج قثطرة اسعافية. وأثناء تحضير المريض للنقل الى قسم القثطرة حدث لديه توقف قلب مفاجئ ورجفان بطيني ، فباشرنا فورا بالانعاش القلبي الرئوي بدون تأخر وتم الإنعاش بدون توقف لمدة / 45/ دقيقة وهي أطول فترة انعاش نجريها . وفي أخر لحظات الانعاش قال لي رئيس قسم الاسعاف بصوت خافت – ( حاج دكتور ) بمعنى أنه لا أمل يرتجى – قلت له حسنا لننتظر دقيقة أخرى ثم نعلن الوفاة – بعد أقل من دقيقة أحسست بنبض المريض قد عاد من جديد لكنه ضعيف – أوقفنا بعض إجراءات الإنعاش حسب الأصول مثل تمسيد الصدر وأعطينا جرعة إضافية من الادوية ضمن السيروم فإذا بالضغط يتحسن قليلا قليلا، وبدأ المريض يحرك عينيه ويتحسن إلى أن استيقظ المريض وهو بكامل وعيه خلال دقائق معدودة وبدون أية أذية دماغية التي يمكن أن تتطور بالعادة بعد ثلاثة دقائق فقط على توقف القلب، وبعدها أجريت له قثطرة مباشرة وتم تركيب شبكة اكليلية على الشريان الامامي النازل وتخرج من المستشفى بخير وسلامة بعد عدة أيام .
*عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السوريه
(موقع سيرياهوم نيوز)