بعد مرور أكثر من عشرة أعوام على الحرب الكونية والمؤامرة التي حيكت ضد بلدنا والتي دمرت معظم مقدراتنا الاقتصادية والاجتماعية وكشفت الكثير من نقاط الضعف في البنية الاقتصادية والاجتماعية من جهة, وطريقة التعاطي مع تداعيات الأزمة على كافة المستويات من جهة أخرى ..!!
الأمر الذي يؤكد الحاجة الماسة لزيادة فاعلية القطاع العام وإعادة تموضعه الحقيقي ضمن التركيبة الاقتصادية المتنوعة والتي تشكل بنية الاقتصاد السوري وخاصة مؤسساته الاقتصادية التي شهدت حالة من الترهل لأسباب مختلفة على امتداد العقود الماضية, لاسيما المؤسسات التسويقية أو ما سميت بمؤسسات التدخل الإيجابي تحت مسميات وعناوين براقة تدخلت بها في السوق ولكن دون تحقيق الغاية الأساسية من وجودها, نتيجة اختلاف الفقهاء والقائمين على إدارتها تجاه الأسلوب والطريقة التي تتعامل بها مع السوق وخاصة بعد أن أثبتت التجربة فشل عملية الدمج التي نقلت المؤسسات من حالة التخصص في العمل إلى العموم التسويقي ، وهنا لا نريد أن نقلل من أهمية تلك المؤسسات بقدر ما نريد تحقيق فاعلية أكبر من خلال عودة المؤسسات التسويقية المتخصصة , ولعب كل منها دورها في تأمين حاجة السوق وفق منظور اقتصادي متكامل ,لا يحتاج للاجتهادات بقدر ما يحتاج للمرونة في الحركة وتلبية المطلوب في الظرف والزمان واللذين تفرضهما الضرورة, أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية في الوقت ذاته.
وبالتالي فإن الواقع الحالي وانكشاف الحالة التسويقية وضعفها في مجاراة الأزمات، وعدم قدرتها على زيادة حجم تدخلها رغم كل حالات الدعم التي وفرتها الحكومة، ضئيلة جداً قياساً باتساع حجم السوق, وهذا بدوره يكشف بالدليل النتائج العكسية للدمج على الرغم من تسجيل بعض الإيجابيات لحالات خاصة تعيشها (السورية للتجارة), ويكشف أيضاً الحاجة الماسة لوجود حالة من التخصص في العمل, وعودة المؤسسات التسويقية المدموجة إلى سابق عهدها وفق شركات تسويقية جديدة مهمتها التدخل المباشر تحت إشراف جهاز حكومي يتمتع بصلاحيات واسعة للتدخل ..! وبذلك يمكن تحقيق الغاية من عملية التدخل الإيجابي وعودة هيبة المؤسسات التسويقية وفرض وجودها في السوق ليس لجهة تأمين حاجة السوق من مواد وسلع , بل الاتجاه نحو فاعلية أكبر تكمن في تسويق المحاصيل الرئيسية واستلامها من الفلاحين وفق تشاركية اقتصادية واضحة تحقق المنفعة المتبادلة للطرفين وإنقاذ الفلاحين من تجار الأزمات والتي غالباً ما تكون من صنعهم , والأزمة التي نعيشها حالياً خير دليل وبرهان على حالة الضياع للتدخل والذي أقل ما يقال فيه أنه سلبي , فياليت أمجاد الماضي تعود ..؟!
(سيرياهوم نيوز-تشرين)