خرج يحيى السنوار، رئيس حركة حماس في قطاع غزة، من ظلّ المعتقلات الإسرائيلية الى المراكز القيادية في حماس حتى أصبح “الرجل الحي الميت” بالنسبة لإسرائيل التي تتهمه بأنه مهندس هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
أمضى السنوار (61 عاما) 23 عاما في السجون الإسرائيلية، ثم تولى مسؤوليات أمنية داخل حماس. وهو متهم بالوقوف خلف الهجوم المباغت وغير المسبوق الذي شنته الحركة على أراض إسرائيلية ويعتبر الأسوأ ضد المدنيين في تاريخها. وقد خلّف 1200 قتيل، بينما اقتاد مقاتلو حماس معهم 240 شخصا رهائن الى قطاع غزة.
تقول ليلى سورات من المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية في باريس إن التخطيط للهجوم استغرق ربما ما بين عام أو عامين، مضيفة “هذه استراتيجيته، هو من خطط له” قبل أن “يفاجىء الجميع” ويحاول “تغيير ميزان القوى على الأرض”.
ردّت إسرائيل على الهجوم يقصف عنيف لقطاع غزة استشهد خلاله زهاء 15 ألف شخص معظمهم من المدنيين.
بالنسبة للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيخت، فإن السنوار يمثّل “وجه الشرّ”. وأضاف أنه “رجل حي ميت”.
و لم يظهر السنوار علنا منذ يوم الهجوم.
في العام 2017، وبعد انتخابه زعيما للحركة في قطاع غزة، التقت وكالة فرانس برس أبو عبد الله المنتمي الى حماس والذي أمضى بضع سنوات مع السنوار في المعتقلات الإسرائيلية. وقال إن السنوار معروف بتكتمه خاصة لا سيما أنه رجل أمني “بامتياز”.
وأضاف أن السنوار “يتخذ قراراته بهدوء تام لكنه صعب المراس عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن مصالح حماس”.
– معاقبة المتعاونين –
ولد يحيى السنوار في مخيم خانيونس للاجئين الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة وانضم لحركة حماس التي أسسها الشيخ أحمد ياسين قبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى في العام 1987.
أنشأ السنوار الجهاز الأمني للحركة في العام 1988، وهو المسؤول عن ملاحقة المتهمين بالتجسس لصالح إسرائيل ومعاقبتهم وأحيانا إعدامهم.
بحسب محضر التحقيق الذي خضع له في إسرائيل ونشر في وسائل إعلام عبرية، اعترف السنوار بخنقه متعاونا مع إسرائيل بالكوفية حتى الموت في مقبرة في خانيونس.
تخرّج السنوار من الجامعة الإسلامية في قطاع غزة وتعلّم اللغة العبرية التي يتحدثها بمستوى جيد خلال 23 عاما قضاها في السجون الإسرائيلية. ويقال إن لديه فهما عميقا للثقافة والمجتمع الإسرائيليين.
حكم على السنوار بالمؤبد أربع مرات لقتله جنديين إسرائيليين. وكان من بين 1027 فلسطينيا أطلق سراحهم في صفقة أبرمت في العام 2011 مقابل إطلاق سراح الجندي الفرنسي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
لاحقا، أصبح السنوار قائدا بارزا في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قبل أن يصبح زعيم الحركة في القطاع.
– “راديكالي وعملي” –
يحلم السنوار بدولة فلسطينية واحدة تجمع بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة من إسرائيل إلى جانب القدس الشرقية منذ العام 1967.
ووفقا لمجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية (مركز أبحاث)، تعهّد السنوار بمعاقبة أي شخص يعرقل المصالحة مع حركة فتح.
وخاضت الحركتان في العام 2006 نزاعا داميا أفضى إلى طرد حركة فتح من قطاع غزة وسيطرة حماس عليه.
ورغم تقارب واضح في العلاقات، إلا أن جهود المصالحة بين الحركتين الفلسطينيتين جميعها باءت بالفشل.
وبعد الحرب الحالية واتفاق الهدنة السائد منذ الجمعة بين حماس وإسرائيل والذي أطلق بموجبه معتقلون فلسطينيون من سجون إسرائيل، ارتفعت شعبية الحركة الإسلامية في الضفة الغربية وشعبية السنوار نفسه.
وتقول سورات إن السنوار اعتمد مسارا “راديكاليا في التخطيط العسكري وآخر براغماتيا في السياسة”.
وتضيف “إنه لا يدعو إلى القوة من أجل القوة بل من أجل إجراء مفاوضات” مع إسرائيل.
في العام 2015، أضيف اسم السنوار إلى قائمة الولايات المتحدة لأكثر “الإرهابيين الدوليين” المطلوبين، إلى جانب محمد الضيف، القائد الحالي لكتائب عز الدين القسام والعقل المدبر الثاني لهجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وفق إسرائيل.
وتقول مصادر أمنية خارج غزة إن السنوار والضيف موجودان في شبكة الأنفاق التي بنتها حماس تحت القطاع.
وتعهد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في وقت سابق هذا الشهر بـ “العثور على السنوار والقضاء عليه”، وحضّ سكان قطاع غزة على تسليمه.
وأضاف غالانت “إذا وصلتم إليه قبلنا فسيؤدي ذلك إلى تقصير مدة الحرب”.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم