عشت أبني على الرمال وهل يثبت ركنٌ له الرمال دعائم؟ “فوزي المعلوف”
مازالت “ثقافة المواطنة” مُهمشة عربياً تلوكها الألسنة ولا أثر لها على أرض الواقع. مقموعة ثقافة “المواطنة” تخشى الكثير من انظمتنا مقاربتها.
“ضعف المواطنة” وصراع الهويات وغياب الحكم الرشيد –كما يقول رجل القانون الكبير د. عبد الحسين شعبان – سمة تجمع الشعوب العربية” ما أسوأها من سمة! (من حوار مع د. عبد الحسين شعبان، أجراه معه كاتب هذه السطور، “مرايا في الفكر المعاصر”)
كلامه لم يأت من فراغ فغياب الحرية وضعف العدالة الاجتماعية يؤدي الى غياب المواطنة الحقيقية، يؤدي الى اغتيالها.
يؤكد هذا المفكر على “المواطنة العضوية” التي لا تتم في ظروف استبدادية تسود الكثير من بلداننا العربية.
آن للأنظمة العربية ان تحرر نفسها من الاستبداد.
لا تحدثني عن تنمية حقيقية في ظل الاستبداد.
سياسية التخدير الممارسة في كثير من بلداننا باتت مفضوحة. سياسة التخدير لم تعد تقنع المواطن العربي. لا تحاولوا اغتيال كبريائه. لا تبيعوه أحلاماً وردية والواقع ينكرها.
يؤكد رجل القانون على انتشار ظاهرة الفساد في العالم الثالث ومن ضمنه الوطن العربي. وفي رأيه ان فكرة المواطنة “لم تترسخ بعد في الدول العربية الحديثة”. فظواهر هذه الآفة واضحة للعيان.
أين “المؤسسات العربية الناظمة للاجتماع السياسي الحكومي وغير الحكومي”. أين فكرة الدولة المدنية؟ كلها مُهمشة. أين حقوق الانسان في هذه البلدان؟ وهو محروم حتى من إبداء الرأي؟ أين حقوق الأفراد الديمقراطية؟
هذه الحقوق –شئنا أم رفضنا- منتهكة أو شبه معدومة، لأن الآفة التي تنخر فيها مازالت قائمة.
التمييز بين المواطنين يعني أن “المواطنة” مُغتالة”. يعني عدم المصداقية.
“لا مواطنة حقيقية” دون الحق في المشاركة والحق في تولي المناصب العُليا دون تمييز”. (د. عبد الحسين شعبان، “اين احترام الكفاءات التي باتت محتكرة من قبل طبقة معينة متنفذة”)
حين تغيب “المساواة” تصبح الدولة تسلطية. المتنفذون فيها نُخب تُصفق لهذا الزعيم او ذاك تحقيقاً لمصالحها.
عدم تكافؤ الفرص يعني ان الاستبداد قائم، يعني غياب العدالة و”الطبقية”. للإنسان العربي أقول: لا تضع لجاماً على فمك حتى لا يضع المُستبد سرجاً.
صدقوني، لا مواطنة حقيقية اذا كانت هذه الدولة العربية او تلك تأتمر بتعليمات الغرب الرأسمالي. الغرب الرأسمالي دأبه إضعاف “الدولة المركزية”، وتأجيج النزاعات الاثنية والدينية. متى نؤسس لِ “دولة مركزية”؟ ويل لأمة كل قبيلة فيها أُمة.
في مقال له منشور في مجلة “المنتدى” يقول الأمير الحسن بن طلال “المواطنة او المواطنية إنما تعني إعادة بناء الذات من اعمق الأعماق بل أعادة هندسة الكينونة العربية من اجل ان نكون جزء من المواطنة العالمية”. (مجلة منتدى الفكر، العدد 231-243، ص 12)
أتساءل: أين هذه الكينونة العربية الموصلة الى “المواطنة العالمية”! المواطن العربي في كثير من بلداننا فاقد “الكرامة”. بلا كرامة، لا تحدثني عن “المواطنة”، “المواطنة” قيمة إنسانية نفتقدها اليوم؟
يدعو الحسن بن طلال الى ضرورة تحول الأفراد من “رعايا” الى مواطنين “الى كائنات حية يتمتعون بومضة الاشراق”.
والمعنى كما أراه ان لا يعود المواطن العربي يُساق من خياشيمه الى الانحناء امام هذا الحاكم المستبد او ذاك. متى نربي انساننا على الكرامة! متى تعمّ “ومضة الاشراق” كل الارجاء العربية، فتنيرها؟
ما نلاحظه عربياً ان المواطن العربي يعطي ولاءه للعقيدة الدينية او للشأن القبلي او المذهبي دون ان يعير اهتماماً لقيم “المواطنة”. لا يربط بين الولاءين.
“المواطنة” التي نريد ينبغي ان توفر للإنسان العربي حقوقه الخاصة والعامة. المواطن العربي مَلّ من التنظير والشعارات الفارغة.
هناك ربط لا نجده متوفراً حالياً في كثير من بلداننا العربية بين “المواطنة والديمقراطية”. باتت “الديمقراطية” “بُعبعاً” لكثير من انظمتنا العربية.
لن تتحقق “المواطنة” للإنسان العربي الا بالتقريب بين الحاكم والمحكوم ولن يتم ذلك دون ترسيخ الديمقراطية وإقصاء “الاستعلاء”.
مطلوب من حكامنا العرب ان يتبعوا “نهج التسامح” هذا النهج الذي يقبل الآخر وإن خالف رأي الحاكم.
لا بد ان يتم استئصال الاستبداد العربي الذي يحول دون تنفيذ أي اصلاح حقيقي يؤدي الى التوزيع العادل للثروة. أين التأسّي بنهج الرسل والانبياء؟
يبقى ان أقول إن أي اصلاح او تنمية عربية لن يتما الا اذا تحررت بلداننا من أية تبعية للنظام الرأسمالي، لأن عدم التحرر يعني ان سيادتها غير مكتملة، يعني فقدان “الكرامة”
متى تتحرر “الذهنية العربية” من عللها المزمنة؟ متى نصبح امة عربية ذات عنفوان؟
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم