كريم حمادي
نجح صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يُدير أصولاً بقيمة 930 مليار دولار خلال العامين الماضيين في تنفيذ أكثر من 10 صفقات استثمارية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أبرزها مصر والبحرين والأردن وسلطنة عُمان، كما نجح في إطلاق أول برنامج لإصدار الأوراق التجارية خارج المملكة، وحصل على تصنيفات ائتمانية مرتفعة من كل وكالات التصنيف الائتماني، فما هي استثمارات الصندوق الأخيرة في الأسواق العربية، وما هي خطوته التالية، والأهداف المرصودة من إطلاق برنامج إصدار الأوراق التجارية خارج المملكة، وكيف يستفيد الصندوق من التصنيفات الائتمانية المرتفعة؟
10 صفقات استراتيجية في عامين
نجح الصندوق السيادي السعودي في تنفيذ صفقات استراتيجية في مصر شملت الاستحواذ على حصص في شركات مثل “بي تك” للإلكترونيات، ومجموعة “سيرا” للتعليم، ومجموعة “كليوباترا” للرعاية الصحية، أما في القطاع العام فاستحوذ على حصص في شركات “أبوقير للأسمدة والكيماويات”، “مصر لإنتاج الأسمدة”، “إي فاينانس” للاستثمارات المالية والرقمية، و”الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع” والتي تم أخيراً بيع كامل الحصة فيها.
وفي السوق الأردنية نجح الصندوق السعودي في الاستحواذ على حصص في منصة “السوق المفتوح”، مجموعة “كابيتال بنك”، مخابز “اليوم”، ومشروع “المملكة للرعاية الصحية والتعليم الطبي”.
وفي السوق العُمانية، استحوذ الصندوق على 9.8% من شركة “أبراج لخدمات الطاقة”، و3.75% في “أو كيو للصناعات الأساسية”، و4.9% في “أو كيو لشبكات الغاز العمانية” ليبلغ إجمالي الاستثمار 163 مليون دولار، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم مع جهاز الاستثمار العُماني، ومذكرة تفاهم أخرى مع ممتلكات البحرين القابضة “ممتلكات”، صندوق الثروة السيادي للبحرين.
تصنيفات مرتفعة وتمويل أرخص وسيولة أعلى
وحصل الصندوق على تصنيف (A-1) للائتمان القصير الأجل من وكالة “ستاندرد آند بورز” العالمية للتقييمات الائتمانية، مع نظرة مستقبلية مستقرة، ومن وكالة “موديز” حصل على تصنيف (Aa3) مع نظرة مستقبلية مستقرة، ولدى وكالة “فيتش” كان تصنيف الصندوق عند مستوى (A+) مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهذه التصنيفات الائتمانية الثلاثة المرتفعة، تعني بحسب خبراء أسواق المال، أن الصندوق يتمتع بجدارة ائتمانية مرتفعة تؤهله للحصول على التمويل اللازم بأقل تكلفة؛ نظراً إلى ثقة وكالات التصنيف الائتماني فيه.
يقول خبير أسواق المال السعودي عبدالله القحطاني، لـ”النهار” إن “حصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي على تصنيفات ائتمانية مرتفعة هو علامة فارقة تعكس قوة الصندوق المالية وقدرته على إدارة التزاماته بثقة وانضباط، فحينما تمنحه وكالات مثل ستاندرد آند بورز وموديز وفيتش درجات عالية ومستقرة، فهذا يعني أن الأسواق العالمية ترى فيه مؤسسة سيادية تتمتع بملاءة قوية، وتدفقات نقدية مستقرة، وقدرة عالية على السداد في الأجلين القصير والطويل”.
ويضيف أن هذه الثقة تمنح الصندوق ميزة مهمة تتمثل في تخفيض تكلفة التمويل، إذ يصبح الاقتراض في الأسواق الدولية أسهل وأرخص، كما تتيح له دخول أدوات مالية متقدمة وجذب شرائح واسعة من المستثمرين الدوليين الذين يبحثون عن كيانات ذات جودة ائتمانية عالية، وهو ما يعزز قدرة الصندوق على التوسع عالمياً وتمويل المشاريع الكبرى المرتبطة برؤية السعودية 2030 من دون الاعتماد المباشر على الموازنة العامة.
وفي السياق نفسه يقول، أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف ووكيل كلية العلوم الإدارية للتطوير والجودة، الدكتور سالم باعجاجة لـ”النهار” إن التصنيفات الائتمانية المرتفعة للصندوق تعكس ثقة الأسواق الدولية بالقوة المالية للصندوق واستدامة سيولته وإدارة الأخطار لديه، بما يساعده في جذب قاعدة أوسع من المستثمرين ويرفع من شهية الطلب على الأوراق المالية التي يصدرها الصندوق، سواء كانت سندات أو أذون خزانة.
ما الهدف من إصدار الأوراق التجارية خارج المملكة؟
وأطلقت السعودية برنامجاً لإصدار الأوراق التجارية عبر شركات ذات أغراض خاصة خارج المملكة، وشمل البرنامج نوعين من الإصدار: الأول أوراق تجارية بالدولار، والثاني أوراق تجارية باليورو، كما حصل البرنامج على تصنيف ائتماني (P-1) من وكالة “موديز”، و(F1+) من وكالة “فيتش”.
ويقول القحطاني إن هذه الخطوة تأتي امتداداً لمساعي الصندوق نحو تنويع مصادر تمويله والحصول على سيولة قصيرة الأجل بكفاءة عالية وبأسعار منافسة بفضل تصنيفه الائتماني المتميز.
ويقدّر المحلل الاقتصادي السعودي حجم هذا التمويل في نطاق مليارات الدولارات سنوياً بما يتناسب مع حجم محفظة الصندوق الضخمة وطبيعة مشاريعه المتعددة، وسيُستخدم في تلبية احتياجات السيولة اليومية، ودعم الاستثمارات التشغيلية، وزيادة مرونة إدارة التدفقات النقدية، بحيث يتمكن من الاستمرار في تمويل مشاريعه الضخمة من دون تأثر استثماراته طويلة الأجل.
ويرى القحطاني أنه بهذه الخطوات يظهر الصندوق واحداً من أهم الفاعلين في الأسواق المالية العالمية، وقوة اقتصادية تمتلك أدوات تمويلية متنوعة وقدرة عالية على المواءمة بين التوسع الاستثماري والاستقرار المالي، وهو ما يكرس دوره دعامة أساسية في التحول الاقتصادي للمملكة.
ويشاركه باعجاجة الرأي قائلاً إن برنامج إصدار الأوراق التجارية عبر شركات ذات الأغراض الخاصة خارج المملكة، عبارة عن أداة دين قصيرة الأجل تُستخدم في الأسواق المالية لجمع تمويل بسرعة وبتكلفة أقل من القروض البنكية أو إصدارات السندات التقليدية طويلة الأجل.
ويتابع: “إصدار برنامج الأوراق التجارية في الأسواق العالمية يُظهر توجه الصندوق نحو تعزيز مرونة هيكل رأس المال، ما يوفر له أداة قوية لإدارة السيولة، ويدعم نموه في الأسواق الدولية من منظور مالي استراتيجي”.
أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
