أمام قضية بحجم مستقبل كامل واتهام يرقى بأذاه إلى مستوى الوصمة الاجتماعية المتشظية بكل تبعاتها النفسية والمعنوية والمجتمعية التي ستلاحق، مدى الحياة، طلاب الثانوية العامة الذين أدرجتهم وزارة التربية في قوائم التزوير بالتنتيج، يحق لهؤلاء المدانين بنظر التربية والمجتمع ولأهاليهم أيضاً الدفاع عن أنفسهم، وإفساح المجال لهم لتقديم التوضيحات والتفاصيل، وكل ما من شأنه المساهمة في إعادتهم إلى حياتهم الطبيعية كطلاب متفوقين ناجحين، وبجدارة، كما كانوا في جميع المراحل الدراسية السابقة، وذلك حسب ما يؤكد عليه أهالي الطلاب الذي لجؤوا إلى الإعلام “جريدة البعث” لإيصال صوتهم وكشف التفاصيل التي يرون أنها تحمل وجهاً آخر للحقيقة. وطبعاً هذا الحق القانوني والمصيري لعشرات العائلات والطلاب يسمح لنا كإعلام من باب المسؤولية الوطنية والمهنية والقانونية والاجتماعية والإنسانية طرح قضيتهم، والاستماع لما يقولونه دفاعاً عن مستقبل أبنائهم الذين تم حرمانهم لدورتين من الشهادة الثانوية، بناء على خلاصة التحقيقات التي قامت بها وزارة التربية، والتي انتهت إلى وجود تلاعب بنتائج الطلاب، مع التأكيد أن كلمة الفصل ستكون في النهاية للقضاء بعد استكمال التحقيقات من قبل الجهات المعنية.
الأهالي، ومن يمثلهم، وضعوا أمامنا العديد من النقاط والمفارقات في قضية التنتيج، ومنها أن هناك ١٤ طالباً راسباً تم إدراجهم ضمن القوائم، أي أنهم ليسوا من بين الناجحين أصلاً.. فهل يعقل أن يدفع الأهل ليرسب أبناؤهم؟
وأشار الأهالي إلى وجود ثغرات قانونية في الاتهام الموجه للطلاب، فالمادة 28 من التعليمات التنفيذية للمرسوم رقم 300، تاريخ 12/ 8/ 2012، المعدل المرسوم 153 تاريخ 14/ 4/ 2011، الناظم لنظام الامتحانات الشهادة الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي تنص على ما يلي: “يبلغ الطالب العقوبة التي فرضت بحقه بعد إعلان النتائج مباشرة من قبل مديرية التربية في لوحة إعلاناتها ومدارسها، كما يحق للطالب المعاقب الاعتراض على العقوبة المفروضة بحقه خلال فترة زمنية تحدد بتعليمات تنفيذية وزارية ويبلغ نتيجة اعتراضه عن طريق مديرية التربية”.
كما نص القانون رقم 42 للعام 2023 على أن “تفرض بحق كل من يقوم من غير التلاميذ الطلاب بالأفعال التي تشكل مخالفة للتعليمات الامتحانية وأعمال التصحيح والنتائج أو بالتدخل أو المساهمة فيها العقوبات الواردة في المواد /3-4ـ5ـ6/ من هذا القانون دون الإخلال بالعقوبات الأشد الواردة في أي قانون آخر”.
ومن المفارقات التي طرحت أيضاً وجود 14 طالب من الطلاب في القائمة من أصل 70 طالب وطالبة راسبين في الدورتين، فهل يعقل أن يتم التلاعب من قبل الطلاب أو أولياء أمورهم في عملية التنتيج من أجل رسوب أبنائهم!
وأشار الأهالي إلى أنه عندما أرسلت لفرع الأمن الجنائي قائمة تتضمن أسماء الطلاب من قبل وزارة التربية على أنهم متلاعبون في عملية التنتيج، صدرت قائمة حرمان من وزارة التربية بأسماء هؤلاء الطلاب، ولكن عند المطابقة بين القائمتين تبين وجود أسماء لطالبتين لم تشملهم عقوبة الحرمان من وزارة التربية رغم وجود إسميهما في القائمة المرسلة للأمن الجنائي.
كما بيّن أولياء الطلاب أنه في الدورة الأولى تم كشف حالات تبديل أوراق وطباعة أوراق من أجل عملية التبديل، وتم إحالة مدير تربية دمشق إلى التحقيق، ومن ثم إلى السجن على هذا الأساس، ورغم ذلك لم يحرم الطلاب إلا من مادة واحدة، أما بالنسبة لأبنائهم فقد صدر قرار الحرمان بحقهم لدورتين رغم عدم وجود أي مستند أو دليل يربطهم بأي عملية تلاعب أو تزوير أو غش حصلت، بل لمجرد الشك بخطأ في عملية النقل إلى الحاسب.
وكشفوا من خلال متابعتهم لمجريات التحقيق في الجهة الشرطية المسؤولة عن الملف، أن كلمة المرور نفسها موجودة لدى جميع الموظفين في قسم التنتيج، وعددهم سبعة، إلى جانب موظف في قسم الصيانة، وهذا مخالف للقانون، ما يجعل إمكانية أي موظف بالدخول إلى أي حاسب من حواسيب زملائه ممكنة ومتاحة دون معرفة من دخل للحاسب.
ولفت الأهالي إلى أنهم لدى مراجعة وزارة التربية، تم إعلامهم بأنه إجراء احترازي فقط لحين تبين الأخطاء المقصودة، كما أنهم لدى مراجعة القضاء الإداري من أجل إصدار قرار منه بوقف قرار العقوبة مؤقتاً والسماح للطلاب بالتسجيل في الجامعات لحين الانتهاء من التحقيقات وتقديم معلومات بأن القضاء الجزائي أخلى مسؤولية الطلاب من القضية، تبيّن – حسب الأهالي – أن القرار الذي كان سيصدر يؤكد أحقية الطلاب قانونياً بالتسجيل في الجامعات وإيقاف القرار الصادر عن وزارة التربية، ولكن الوزارة أبلغت القضاء الإداري بوجود توجيه بخصوص قرار الحرمان، ولذلك لم يتم إيقاف التنفيذ.
وأكد الأهالي أنه لم تستجب وزارة التربية لطلبهم بالسماح لهم بلاطلاع على الأوراق الامتحانية الخاصة بأبنائهم للتأكد من علاماتهم، ولم تستجب أيضاً لاحتساب علاماتهم حسب العلامة الموجودة على الأوراق وليس الموجودة على الحاسب، بما أن الخطأ ناتج عن الحاسب، وبينوا أن التباين في علامة الأوراق الامتحانية لبعض الطلاب مع العلامة الموجودة في الحاسب في مادة واحدة فقط، وبأجزاء من العلامة، لا يغير حالة الطالب من حيث القبول الجامعي ولا يفيده لجهة التسجيل بفرع أفضل في الجامعة.
وبيّن الأهالي أن قسما كبيرا من الطلاب المحرومين هم من الطلاب المتفوقين على مستوى المحافظات والقطر منذ بداية مراحلهم التعليمية الابتدائية والإعدادية والمرحلة الثانوية، ويوجد ما يثبت ذلك من أوراق ووثائق، وهناك من هو متفوق على مستوى الوطن العربي والعالم ضمن فريق الأولمبياد الوطني السوري.
ومن ضمن الأخطاء التي يراها الأهل في القرار أن سبب العقوبة هو مخالفة الطلاب للتعليمات الامتحانية رغم عدم تدخلهم، وليس لهم علاقة في عملية التنتيج التي هي من مسؤولية وزارة التربية فقط، وأكدوا أنه لا توجد مخالفة أو ضبط امتحاني بحق أي من الطلاب، وما يوجد هو اعتراف، من قبل الموظفة المتلاعبة، بعلامة طالبة واحدة طلبت تعديل علاماتها، وهي الوحيدة المذكورة من الموظفين الموقفين، وأشاروا أيضاً إلى وجود خطأ في الرقم الامتحاني لإحدى الطالبات الواردة أسماؤهن في القائمة بحيث تضمن القرار رقما امتحانيا ليس لها، بل لطالب اخر لم يرد اسمه في قائمة الحرمان.
وطالب الأهالي بإعادة النظر بهذه العقوبة من حيث السماح للطلاب بالتسجيل في الجامعات حسب العلامات الموجودة في أوراقهم وليس الصادرة على الحاسب وإنصافهم نظراً لتعرضهم للظلم، حسب ما تشير إليه مجريات التحقيق والقرارات والمراسيم.
سيرياهوم نيوز 2_البعث