أكد المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية السفير ميلاد عطية أن الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية مستمرة بتسييس عمل المنظمة الدولية، داعياً جميع الدول الأطراف لإدراك خطورة هذه السياسة في تقويض عمل المنظمة.
وقال السفير عطية في بيان سورية أمام الدورة الخاصة الخامسة لمؤتمر الدول الأطراف لاستعراض عمل اتفاقية الأسلحة الكيميائية: سورية تؤكد أن أي محاولة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لتحويل هذا المؤتمر إلى منصة جديدة لتحقيق أهداف سياسية تخدم أجنداتها هو مخالفة لنصوص الاتفاقية ومحاولة لحرف هذه المنظمة عن مهامها والأهداف التي أنشئت من أجلها.
وأضاف عطية: إن وفد بلادي يأسف لإقحام هذه المنظمة الفنية مجدداً بقضايا جيوسياسية وأمنية ذات طابع إقليمي ودولي، وحرفها عن الأهداف التي أنشئت من أجلها، حيث حولتها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية إلى منصة لتوجيه الاتهامات الباطلة ضد روسيا باستخدام أسلحة كيميائية أو التحضير لاستخدام تلك الأسلحة، كما فعلت مع سورية طوال السنوات التسع الماضية.
وتابع عطية: هذا الكلام ليس اتهاماً، بل يجد صحته ومصداقيته في البيانات التي تقدمت بها تلك الدول إلى مؤتمر الاستعراض الخامس وهي بين أيدينا، وفي هذا السياق، تؤيد سورية حق روسيا في الدفاع عن نفسها وحماية أمنها القومي رداً على السياسات الغربية العدوانية.
وأكد السفير عطية أن موقف سورية المؤيد للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا كان وسيبقى قائماً على اعتبارات ومبادئ سياسية وأخلاقية وقانونية راسخة، ولا علاقة لهذه العملية العسكرية الروسية الخاصة في أعمال مؤتمرنا هذا.
وأوضح عطية أن سورية تشدد على أن الهدف الرئيس من مؤتمر الاستعراض كما نصت عليه الفقرة الـ 22 من المادة الثامنة هو إجراء دراسات استعراضية لسير العمل بالاتفاقية، وبالتالي تحقيق موضوع الاتفاقية والغرض منها، ومعالجة أوجه القصور أو الخلل خلال خمس سنوات مضت، وتصحيح الأخطاء إن وجدت، والعمل على إزالة العوائق التي تعترض تنفيذها تنفيذاً كاملاً وفعالاً وغير تمييزي.
وأضاف السفير عطية: منذ عشر سنوات تقريباً، انضمت سورية بقرار سيادي إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية، وبذلت قصارى جهدها وعملت بكل جد ومصداقية وشفافية على تنفيذ كل ما يترتب عليها من التزامات بموجب عملية الانضمام هذه، رغم الجداول الزمنية الصارمة التي فرضتها المنظمة عليها والأوضاع الصعبة للغاية التي كانت تمر بها سورية خلال تلك المرحلة، ومع ذلك أنجزت سورية كل ما هو مطلوب منها، وتعاونت بشكل كامل مع الأمانة الفنية للمنظمة وفرقها، باعتراف المنظمة ومديرها العام.
وتابع عطية: تؤكد سورية رفضها القاطع، استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان، وفي أي مكان، وتحت أي ظرف، لكن للأسف هذا التعاون والالتزام السوري لا يجد له مكاناً في بيانات وتقارير الأمانة الفنية والمدير العام للمنظمة.
وأوضح أنه منذ عام 2018 عاشت المنظمة مرحلة جديدة من التسييس والاستقطاب لم تشهدها منذ بدء نفاذ الاتفاقية عام 1997 حتى الآن، فقد عملت بعض الدول الغربية على تسييس عمل هذه المنظمة واستخدامها أداة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية.
وقال عطية: كان الملف الكيميائي السوري ومحاولات إقحام الاتحاد الروسي في لعبة استخدام الأسلحة الكيميائية مثالاً صارخاً على تحويل هذه المنظمة من منظمة فنية لها أهداف سامية إلى أداة تقودها أمريكا وحلفاؤها، حيث ابتعدت عن المهنية والأغراض التي أنشئت من أجلها، وتعيش، في الوقت الحاضر، حالة من الانقسام غير المسبوق يهدد مستقبلها.
وأشار السفير عطية إلى أنه بعد فشل آلية التحقيق المشتركة “جي اي ام” بالوفاء بالولاية المحددة لها بموجب الاتفاقية وقرار إنشائها، وبعدما تبين بالدليل القاطع عدم مهنيتها من خلال التقارير الصادرة عنها حول بعض الحوادث المزعومة، عملت الدول الغربية على عقد الدورة الاستثنائية الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في حزيران عام 2018، ونتج عنها إصدار قرار يخالف نصوص الاتفاقية، وإنشاء فريق غير شرعي يدعى فريق “التحقيق وتحديد الهوية”.
وقال عطية: إن هذا الفريق أعطي ولاية لا تنص عليها الاتفاقية بشكل واضح، وقد بنيت على تقارير هذا الفريق غير الشرعي المفبركة والمزيفة قرارات جائرة مسيسة حرمت سورية من بعض حقوقها وامتيازاتها في المنظمة، وللأسف تلقى تقارير هذا الفريق المضللة والمفبركة التمجيد والدعم الأعمى من قبل العديد من الدول الأطراف، والأخطر من كل ذلك أن الدول الغربية تحاول في بياناتها وما قدمته في مشروع الوثيقة الختامية إعطاء الشرعية لهذا الفريق وتقاريره في مؤتمرنا هذا.
وأضاف: لقد عملت تلك الدول على إنشاء ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” بشكل غير قانوني داخل المنظمة، وتم تصميمه كأداة لفبركة الاتهامات ضد الحكومة السورية وغيرها لاحقاً باستخدام أسلحة كيميائية، لتبرير العدوان الغربي عليها، كما حصل عامي 2017 و 2018 من قبل ثلاث دول أعضاء دائمين في مجلس الأمن، لذلك اعتبرت سورية وعدد من الدول الأخرى أن هذا الفريق غير شرعي ولن تعترف بكل ما يصدر عنه.
وأكد عطية أن سورية تعتبر “فريق التحقيق وتحديد الهوية” فريقاً غير شرعي، كونه أعطي ولاية تخالف أحكام الاتفاقية، وشكل سابقة خطيرة عبر تفويض منظمة فنية بمسائل تدخل في صلاحيات واختصاصات مجلس الأمن، لهذا فإن سورية، لا تعترف فقط بعدم شرعية هذا الفريق وعمله، بل وترفض تمويله، ووصوله للمعلومات السرية التي قدمتها الحكومة السورية للمنظمة وإلى مجلس الأمن، وبالتالي ترفض أي مخرجات صدرت وتلك التي ستصدر عنه مستقبلاً، وبناء عليه، تطلب سورية من جميع الدول الأطراف في مؤتمر الاستعراض الخامس تصحيح هذه المخالفة لأحكام الاتفاقية حفاظاً على الاتفاقية ومستقبل المنظمة.
وفيما يخص بعثة تقصي الحقائق قال عطية: لقد فشلت هذه البعثة في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية والشروط المرجعية التي تم الاتفاق فيها مع سورية، وثبت بالدليل القاطع عدم مهنيتها ونزاهتها من خلال التقارير التي صدرت عنها، وخاصة تقرير حادثة دوما المزعومة عام 2018، وما لحق بهذا التقرير من تسريبات خطيرة تؤكد عدم مصداقيته وحجم التزوير فيه.
وأضاف عطية: لقد منعت بعض الدول الغربية، وبضغوط منها على المدير العام والأمانة الفنية، أي حوار مهني فني بناء حول تقارير تلك البعثة، وذلك لإخفاء الطبيعة المزيفة التضليلية لاستنتاجات تلك التقارير وبالوقت ذاته، لأن تلك الاستنتاجات تخدم أهدافها السياسية العدوانية ضد سورية، وتجاهلت تلك الدول والأمانة الفنية تأكيد سورية ومعها العديد من الدول ضرورة وجود فرق تحقيق تتبع للمنظمة، على أن تكون فرق غير متحيزة ونزيهة وتعمل بمهنية بعيداً عن التسييس، وأن لا تتحول إلى أداة سياسية لتحقيق أهداف دول معروفة بمواقفها المعادية لسورية منذ عام 2013، إلا أن الواقع كان عكس ذلك تماماً.
وتابع عطية: ومع كل ذلك لقد تعاونت سورية مع بعثة تقصي الحقائق بشكل كامل، وخلال الفترة القريبة الماضية لبت سورية كل مطالب هذه البعثة، رغم أن الحوادث التي طلبت التحقيق فيها مضى عليها أكثر من سبع سنوات.
وقال عطية: إن سورية تؤكد أن اختبار مهنية “بعثة تقصي الحقائق” ومصداقيتها، هو رهن تجاوز البعثة للعيوب المرتبطة بنهج وطرائق عملها، واحترامها لأحكام الاتفاقية، والالتزام بمعاييرها المهنية ووثيقة الشروط المرجعية التي جرى الاتفاق عليها مع سورية، وإثبات عدم انحيازها في التقارير التي ستصدر عنها، وليس كما فعلت في تقاريرها المضللة والمفبركة السابقة في حادثة خان شيخون 2017، وحادثة حلب 2018، وحادثة سراقب 2018، وحادثة دوما 2018.
وأضاف عطية: تطالب حكومة بلادي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها من الدول الغربية بالتوقف عن ممارسة الضغوط على فريق هذه البعثة، وعن تغطية جرائم الإرهابيين وذراعهم جماعة “الخوذ البيضاء” في هذا المجال.
وقال: حاولت الدول الغربية توجيه اتهام باطل لسورية بعدم التعاون مع الأمانة الفنية للمنظمة في أوراقها الوطنية التي قدمتها إلى اجتماعات الفريق العامل مفتوح العضوية للتحضير لمؤتمر الاستعراض الخامس، وعملت على فرض هذا الاتهام في مشروع الوثيقة الختامية للمؤتمر، وأنكرت تلك الدول تعاون سورية غير المسبوق مع المنظمة بهدف جر سورية إلى موقف ومكان آخر وهو التعامل برد الفعل وعدم التعاون مع الأمانة الفنية للمنظمة، إلا أن سورية تعاملت وتتعامل بحكمة تجاه هذا الموقف الغربي، إذ استمرت في التعاون مع الأمانة الفنية للمنظمة رغم هذا التجاهل والإنكار وكيل الاتهامات الباطلة بعدم التعاون، وهي مصرة على الاستمرار بتعاونها والانتهاء من هذا الملف بأسرع وقت ممكن.
وأوضح عطية أنه فيما يخص فريق تقييم الإعلان، فقد تم إنشاء هذا الفريق بناء على طلب سورية لمساعدتها في إعداد وتقديم إعلانها الأولي إلى المنظمة لعدم توافر الخبرة الكافية لدى سورية في إعداد هذا الإعلان بعد انضمامها للاتفاقية.
وقال: مع مرور الوقت، وفي إطار تسييس الملف الكيميائي السوري، تحول هذا الفريق إلى فريق تحقيق ينفذ أجندات سياسية تسعى إليها بعض الدول، وعقدت سورية لغاية الآن 24 جولة مشاورات مع هذا الفريق، وثلاثة اجتماعات مع ما أسمته الأمانة الفنية “الفريق المصغر” التابع لفريق تقييم الإعلان، آخرها في الفترة من الـ 12 إلى الـ 19 من نيسان 2023، وقدمت لهذا الفريق كل التسهيلات المطلوبة من لقاءات وشهود وزيارات لمواقع وأخذ عينات، إلا أن الدول الغربية استطاعت تحويل هذا الفريق إلى أداة إضافية لاتهام سورية بعدم الامتثال وإخفاء أسلحة كيميائية، واستباق ما يمكن أن تتمخض عنه نتائج جولات المشاورات التالية.
وأضاف السفير عطية: ولكونه ليس فريق تحقيق أو تفتيش فقد طلبت سورية، انطلاقاً من حقها السيادي، ولكونها هي التي بادرت لطلب تشكيل هذا الفريق، بتغيير أحد أعضاء هذا الفريق لأسباب موضوعية سيادية، إلا أن الأمانة الفنية والمدير العام مع الأسف استجابوا للضغوط السياسية التي مارستها تلك الدول عليهم، ورفضوا عقد جولة المشاورات رقم 25، رغم المطالبة السورية بضرورة عقد هذه الجولة لوضع حد للاتهامات السياسية التي توجهها الدول الغربية والانتهاء من ملف المسائل العالقة بأسرع وقت ممكن.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن التهديدات الإرهابية الكيميائية من المجموعات الإرهابية والكيانات من غير الدول تشكل خطراً جسيماً على أمن واستقرار الدول الأطراف، وتطالب سورية جميع الدول الأعضاء في المنظمة بتعزيز الجهود الدولية لمواجهة هذا التهديد الحقيقي.
وقال: لقد بات جلياً أن الدول الغربية تسعى للتغطية على جرائم وممارسات المجموعات الإرهابية في سورية، وقد شجع هذا النهج الخاطئ أولئك الإرهابيين على ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة بحق المواطنين السوريين، والتحضير لارتكاب جرائم جديدة تستخدم فيها مواد سامة لاتهام الحكومة السورية بها.
وأضاف عطية: وقد دأبت سورية على إطلاع المنظمة ومجلس الأمن على استمرار المجموعات الإرهابية، وجماعة “الخوذ البيضاء” الإرهابية بالتحضير لمسرحيات استخدام الأسلحة الكيميائية، وخاصة في أرياف محافظات إدلب وحلب وحماة وحمص واللاذقية، وأرسلت مئات الرسائل الموثقة حول تحضيرات الإرهابيين لمسرحيات استخدام أسلحة كيميائية، وكان آخرها قبل عدة أيام، لكن للأسف لم تلق تلك المعلومات المهمة أي اهتمام من قبل الأمانة الفنية والعديد من الدول الغربية.
وبين عطية أن النهج الذي تقوم به بعض الدول الغربية يقوض عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فلم تكتف تلك الدول بانتهاك جسيم موثق لأحكام اتفاقية الأسلحة الكيميائية، بل أسهمت بانقسامات غير مسبوقة داخل المنظمة، من خلال لجوئها إلى فرض قرارات عبر التصويت، بعيداً عن توافق الآراء، وقد كانت الحالة السورية المتمثلة في قرار الدورة الـ 25 لمؤتمر الدول الأطراف عام 2021 وقرار الدورة الـ 94 للمجلس التنفيذي عام 2020 من أبرز الأمثلة على طريقة تعامل تلك الدول مع المنظمة ومحاولات تسييسها.
وشدد السفير عطية على أن تحقيق عالمية اتفاقية الأسلحة الكيميائية يمثل خطوة مهمة جداً في ضمان إقامة نظام عالمي فعال ضد الأسلحة الكيميائية، إلا أن هذا الأمر لن يتحقق من دون إلزام “إسرائيل” بالانضمام إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية، وبقية الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، وقال: في هذا الصدد تعرب الجمهورية العربية السورية عن أسفها لأن دولاً راعية لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية تعوق أي مسعى لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وذلك من أجل حماية “إسرائيل”، وإبقائها خارج أي رقابة دولية على منشآتها النووية والكيميائية والبيولوجية.
وأكد عطية أن الولايات المتحدة وحلفاءها، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي يستمرون في مخالفة ما تنص عليه المادة الحادية عشرة من الاتفاقية وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ وقواعد القانون الدولي، بشكل صارخ، من خلال مواصلتها استخدام سياسة الإرهاب الاقتصادي ضد سورية ودول أطراف أخرى، والمتمثلة بالإجراءات القسرية أحادية الجانب.
وقال عطية: إن الخطير في هذا الموضوع هو ادعاء تلك الدول الكاذبة حرصها على حقوق الإنسان في سورية، فهي لا تكتفي بفرض هذه الإجراءات، بل تمارس حملات من الضغط الهائل على الدول الأخرى التي تتعامل مع الدولة السورية ومؤسساتها كافة، مما انعكس سلباً على حياة المواطنين السوريين والعجز عن تأمين أبسط متطلبات الحياة، من أدوية ومعدات طبية وكهرباء ونفط وغذاء ومياه ومستلزمات التعليم وغيرها من الاحتياجات الضرورية للمواطنين السوريين، وقد برز ذلك جلياً بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في شهر شباط 2023.
وأضاف عطية: في هذا السياق، تدعو سورية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والدول الأطراف إلى تحمل مسؤولياتها لضمان التنفيذ الكامل والفعال وغير التمييزي للمادة الحادية عشرة من الاتفاقية ومطالبة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بالتوقف عن انتهاك وتقويض أحكام الاتفاقية، ورفع تلك الإجراءات القسرية أحادية الجانب عن سورية، كما وتدعو سورية إلى التعاون الدولي لمواجهة القيود غير الشرعية التي فرضتها تلك الدول على نقل التكنولوجيا العلمية للأغراض السلمية إلى الدول النامية، بهدف منعها من تحقيق التنمية الاقتصادية والعلمية لشعوبها، ومنعها من استخدام الكيمياء للأغراض السلمية في مخالفة صريحة لأحكام الاتفاقية والقانون الدولي.
وأوضح السفير عطية أن مؤتمر الاستعراض الخامس يشكل فرصة لجميع الدول الأطراف الحريصة على الاتفاقية ونجاح هذه المنظمة لتحديد خياراتها وأولوياتها خلال السنوات الخمس القادمة لتصحيح ما شاب عمل المنظمة من أخطاء ومخالفات جسيمة لنصوص الاتفاقية، والابتعاد عن تسييسها وحرفها عن طبيعتها الفنية ومهنيتها، وبالتالي مصداقيتها، ووضع حد للانقسامات داخلها.
وقال: من هذا المنطلق ندعو جميع الدول الأطراف إلى رفض محاولات الدول الغربية تسييس هذه المنظمة وعدم الانجرار وراء تلك الدول ونهجها الهدام للمنظمة ومستقبلها وأسس الاتفاقية، إن التحدي الجدي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا يخص سورية فحسب، بل هو مشكلة تهم جميع الدول الأطراف والدول الساعية للسلام والأمن والاستقرار العالمي.
ودعا عطية في ختام بيانه إلى اعتبار هذا البيان وثيقة رسمية من وثائق الدورة الخاصة لمؤتمر الاستعراض الخامس، ونشره على الموقعين العام و”كاتاليست” لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وكان السفير عطية بدأ بيانه بتأكيد انضمام الوفد السوري إلى بيان دول حركة عدم الانحياز والصين الأطراف في الاتفاقية، والذي ألقاه نيابة عنها ممثل جمهورية أذربيجان في هذا الاجتماع.
وفي سياق متصل ورداً على التضليل الذي مارسه ممثل كيان الاحتلال الإسرائيلي خلال المؤتمر قال السفير عطية: يبدو أن بيان ممثل الكيان الإسرائيلي جاء ليكمل صورة الخداع والتضليل وحملة الأكاذيب التي تعمل عليها الدول الغربية لشيطنة الحكومة السورية من خلال الملف الكيميائي السوري، لكن ممثل هذا الكيان اختار المكان والتوقيت الخطأ، وسأوضح ذلك للدول الأطراف.
وقال السفير عطية: المكان هو منبر منظمة هدفها القضاء على أحد أخطر أنواع أسلحة الدمار الشامل، ألا وهو الأسلحة الكيميائية، والسؤال موجه لجميع الدول الأطراف، بما فيها ممثل هذا الكيان، لماذا لم تنضم “إسرائيل” إلى اتفاقيتنا أو أي معاهدة أخرى لنزع أسلحة الدمار الشامل حتى الآن، فمن المعيب أن يتحدث ممثل هذا الكيان من على منصة هذا المؤتمر وبالتالي المنظمة، ليعطينا دروساً في الأخلاق، مجرم وإرهابي يعطينا دروساً في الأخلاق والعدل والإنسانية، إن آخر من يحق له التحدث من على منبر هذه المنظمة هو ممثل هذا الكيان المجرم الإرهابي.
وأضاف عطية: أما في التوقيت فيجب أن نذكر ممثل هذا الكيان والدول الأطراف أننا نعيش هذه الأيام ذكرى نكبة فلسطين التي مر عليها لغاية الآن 75 عاماً، فمنذ عام 1948 ارتكبت “إسرائيل” المجازر والقتل والحصار والاستيطان والتهويد بحق الشعب الفلسطيني والسوري في الجولان السوري المحتل وبحق شعبنا العربي في مصر والأردن ولبنان والعراق والسودان وعلى الأراضي الليبية والتونسية وفي مناطق أخرى في العالم، وكان آخرها العدوان الوحشي قبل أيام على غزة، والذي راح ضحيته 33 شهيداً من أطفال ونساء ورجال.
وقال عطية: 75 عاماً من التواطؤ الدولي وعجز الأمم المتحدة عن وقف ذبح الشعب الفلسطيني ومساءلة “إسرائيل” وعقابها وتطبيق ما اتخذته من قرارات، لم يترك الكيان الإسرائيلي وسيلة إلا واستخدمها في المجازر التي ارتكبها بحق الشعب العربي، ولعل ما يجب التوقف عنده ونحن في هذا المؤتمر هو تاريخ “إسرائيل” في استخدام كل أنواع أسلحة الدمار الشامل ضد الشعب العربي، فـ “إسرائيل” أكبر مستودع لأسلحة الدمار الشامل بأنواعها المختلفة من بيولوجية وكيماوية ونووية على مستوى أوروبا وآسيا، وللأسف تغض الدول الغربية الطرف عن “إسرائيل”.
وذكر السفير عطية بأن هذا الكيان قد اعترف عبر كبار مسؤوليه بأنه استهدف في عدوان غاشم في حزيران عام 2021 أحد المواقع التي أعلنت عنها سورية، وكانت تحت إشراف وعلم المنظمة لتدميره، وهذا دليل مهم على براءة سورية من حادثة تمت فبركتها في دوما عام 2018، وهو مستمر في عدوانه بذرائع كاذبة لا أساس لها على الأراضي السورية.
وأكد السفير عطية أن تاريخ “إسرائيل” مليء بالجرائم ضد الإنسانية والإرهاب بكل أشكاله وأنواعه، إلا أن أخطرها هو استخدام كل أنواع أسلحة الدمار الشامل بحق الشعب العربي، وخاصة الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى الآن، وهناك مئات الجرائم الموثقة والمعروفة عالمياً، والمتاحة للجميع، ويمكن التأكد منها، للأسف لا يتسع المجال لذكرها الآن.
وقال: لقد حولت “إسرائيل” الكثير من المناطق المحتلة في لبنان وسورية وفلسطين ومصر والأردن إلى حقل تجارب لأسلحتها البيولوجية والكيميائية والنووية، ولم يسلم منها حتى المعتقلون العرب في السجون الإسرائيلية، مشدداً على أن “إسرائيل” قامت بحروب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية صمت عنها العالم أجمع.
ويستمر مؤتمر الاستعراض الخامس في أعماله لغاية يوم الجمعة الـ 19 من أيار الجاري.
سيرياهوم نيوز 4_سانا