آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » 2025 سنة المعادن من دون منازع

2025 سنة المعادن من دون منازع

 

شهدت الأسواق العالمية عام 2025 موجة صعود استثنائية في أسعار المعادن الثمينة، جعلت من هذا العام محطة فارقة في مسارها. فقد ارتفعت أسعار الذهب والفضة والبلاتين والبلاديوم بنسب تراوحت بين 40% و75%، ما وضعها في صدارة المشهد الاقتصادي العالمي. وجاءت هذه القفزة مدفوعة بمزيج من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية، إلى جانب تطورات هيكلية في العرض والطلب الصناعي.

 

 

 

الذهب الذي يُنظر إليه تقليدياً باعتباره الملاذ الآمن الأبرز، سجل أفضل أداء سنوي له منذ نحو 16 عاماً بارتفاع بلغ 49%. الزيادة الكبيرة ارتبطت بارتفاع الطلب على الأصول الآمنة وسط التوترات الجيوسياسية وتنامي المخاوف من ركود اقتصادي أو إغلاق حكومي محتمل في الولايات المتحدة. كما ساهمت التوقعات بخفض أسعار الفائدة في زيادة جاذبية الذهب، في وقت واصلت فيه البنوك المركزية حول العالم شراء المعدن النفيس لتعزيز احتياطاتها وتنويعها بعيداً من الدولار. إضافة إلى ذلك، دعم ضعف العملة الأميركية الأسعار عالمياً، بينما ظل الذهب أداة رئيسية للتحوط ضد التضخم في بيئة اقتصادية مضطربة.

 

 

 

الفضة بدورها حققت مكاسب لافتة تجاوزت في بعض الفترات مكاسب الذهب، إذ ارتفعت بنسبة 64% لتسجل أعلى مستوياتها منذ 13 عاماً. ويعود هذا الأداء إلى طبيعتها المزدوجة بين الاستثمار والاستخدام الصناعي. فالفضة تتحرك عادة في الاتجاه نفسه مع الذهب لكنها توفر عوائد نسبية أكبر في فترات الصعود. في المقابل، عزز الطلب الصناعي المتزايد من قوتها، إذ يشكل أكثر من نصف استهلاكها العالمي، مدفوعاً بالاستخدامات المتنامية في الطاقة الشمسية والإلكترونيات والبطاريات والقطاع الطبي. كما استمر العجز في سوق الفضة للعام الخامس على التوالي، وهو ما ساهم في زيادة الأسعار، في وقت ظل العرض محدوداً نتيجة كونها معدناً يستخرج غالباً كمنتج جانبي من النحاس والزنك.

 

 

 

 

 

 

 

البلاتين كان أبرز الرابحين في 2025 في نسبة الصعود، إذ ارتفع بنسبة 75%، وهو ما جعله نجم العام بين المعادن الأربعة. هذه المكاسب تعكس نمو الطلب الصناعي إلى جانب الاهتمام الاستثماري المتزايد. ويظل قطاع السيارات المحرك الأساسي للطلب. كما استفاد من التوسع في مشاريع الهيدروجين الأخضر التي عززت استخدامه في الخلايا الوقودية. من جهة أخرى، أدت مشكلات الإنتاج في جنوب أفريقيا التي تعد أكبر منتج عالمي، إلى تقليص المعروض ودعم الأسعار. كما ساهم الإقبال الاستثماري المتزايد على المعادن البديلة في تعزيز موقع البلاتين في الأسواق.

 

 

 

أما البلاديوم فسجل ارتفاعاً بلغ 40% خلال العام، لكنه جاء من دون مكاسب الفضة والبلاتين. وبرغم أن الطلب من صناعة السيارات، خصوصاً سيارات البنزين، ما زال يمثل المحرك الأساسي لأسعاره، فإن المعدن واجه تحديات مرتبطة بتزايد توجه بعض الشركات نحو استبدال البلاتين الذي يعد أقل تكلفة نسبياً به. إضافة إلى ذلك، شكلت التقلبات في المعروض الروسي عنصر ضغط على الأسعار، في وقت ظل فيه الطلب الاستثماري على البلاديوم محدوداً مقارنة بالذهب والفضة.

 

 

 

المراقبون يرون أن ما حدث في 2025 لا يقتصر على كونه ارتفاعاً سعرياً موقتاً، بل يعكس تحولاً أعمق في دور المعادن داخل الاقتصاد العالمي. فالذهب عزز مكانته أداة أساسية للاستقرار في أوقات الأزمات، فيما أثبتت الفضة أنها أكثر من مجرد معدن تابع، بل عنصر محوري في الصناعات التكنولوجية والتحول الطاقي. في المقابل، صعد البلاتين ليحتل موقعاً متقدماً في أسواق الطاقة النظيفة، بينما يواجه البلاديوم تحدياً للحفاظ على مكانته في ظل المنافسة المتزايدة.

 

 

 

ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن الاتجاهات المستقبلية للمعادن ستظل مرتبطة بعوامل متعددة، أبرزها السياسات النقدية للبنوك المركزية، ومسار الدولار الأميركي، وحجم الطلب الصناعي المتعلق بالتحول نحو الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر. كما يتوقع أن تستمر البنوك المركزية في تنويع احتياطاتها بعيداً من الدولار، ما قد يدعم الذهب خاصة في السنوات المقبلة.

 

 

 

في المحصلة، يمكن القول إن 2025 كان عاماً استثنائياً للمعادن، إذ لم يعد الذهب والفضة والبلاتين والبلاديوم مجرد أدوات استثمارية، بل عناصر استراتيجية ترتبط مباشرة بالتحولات الاقتصادية العالمية. وبحسب المحللين، فإن هذه المكاسب قد تكون بداية لعصر جديد تتصدر فيه المعادن المشهد الاقتصادي، ليس فقط بوصفها أصولًا مالية، بل أيضاً كمكونات أساسية في مسار التحول الصناعي والطاقوي الذي يشهده العالم.

 

 

 

*جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية – Cedra Markets

 

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ارتفاع أسعار الذهب 15 ألفاً في السوق السورية

    ارتفعت أسعار الذهب في السوق السورية المحلية 15 ألفاً عن السعر الذي سجله أمس الأول، وهو مليون و255 ألف ليرة سورية للغرام عيار ...