شيّع حزب الله الخميس مقاتلا في صفوفه غداة مقتله في اشتباك أعقب انقلاب شاحنة للحزب محمّلة بذخائر لدى مرورها على طريق عام في بلدة قريبة من بيروت، ما أثار توتراً مع سكان البلدة وتبادل إطلاق نار أودى أيضا بحياة أحد أبنائها.
وأعلن الجيش اللبناني الخميس مصادرة حمولة ذخائر كانت في شاحنة تابعة لحزب الله انقلبت أمس على طريق عام في بلدة قريبة من بيروت ما أثار توترا واشتباكا بين سكان البلدة وعناصر الحزب أدى الى سقوط قتيلين.
وأعلن الجيش أن تحقيقا “بإشراف القضاء المختص” فُتح في “الإشكال” الذي وقع في بلدة الكحالة، وطوقته قوة من الجيش أقدمت على نقل حمولة “ذخائر” من شاحنة كانت انقلبت في المكان “إلى أحد المراكز العسكرية”.
وبدأ الإشكال مساء الأربعاء بعد انقلاب شاحنة تابعة لحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، على كوع طريق الشام الذي يمرّ ببلدة الكحالة ويُعدّ المدخل الرئيسي الى العاصمة من منطقة البقاع (شرق) الحدودية مع سوريا.
وقال مختار الكحالة عبود أبي خليل لوكالة فرانس برس ليل الأربعاء إن أشخاصاً “يرتدون ملابس مدنية” ضربوا على الفور طوقاً أمنياً حول الشاحنة. ولدى محاولة السكان الاقتراب منها، أطلقوا النار فقُتل أحد أبناء البلدة فادي يوسف.
لكن حزب الله اتهم “مسلّحين… بالاعتداء على أفراد الشاحنة في محاولة للسيطرة عليها”، مشيرا الى أنهم بدأوا “برمي الحجارة أولًا ثم بإطلاق النار مما أسفر عن إصابة أحد الإخوة المولجين بحماية الشاحنة”، قبل وفاته متأثراً بجروحه.
ونعى حزب الله “الشهيد المجاهد أحمد علي قصاص… الذي ارتقى أثناء قيامه بواجبه الجهادي” والذي سيشيع الساعة الثالثة (12,00 ت غ) في منطقة الغبيري في الضالحية الجنوبية لبيروت، أبرز معاقل الحزب.
وتداول مناصرون للحزب صورة لقصاص بزي عسكري، قالوا إنها خلال قتاله في سوريا حيث يدعم الحزب القوات الحكومية منذ 2013 بشكل علني.
وعلى مدى ساعات خلال الليلة الماضية، تجمّع عدد من أهالي بلدة الكحالة والقرى المجاورة قرب مكان انقلاب الشاحنة وقطعوا الطريق ومنعوا الجيش من إخراج الحمولة والشاحنة احتجاجا على عبور السلاح في منطقتهم ومقتل مواطن من البلدة.
وحمل بعضهم لافتات منددة ب”الاحتلال الإيراني” للبنان، وأطلقوا هتافات مناهضة لحزب الله.
وتمكّن الجيش اللبناني فجراً من رفع الشاحنة وفتح الطريق. وأورد في بيانه أنه يواصل “متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة”.
في السياق، أدان لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، الاعتداء من قبل مسلحين على شاحنة تابعة للمقاومة، ما أدى إلى مقتل الشاب أحمد القصاص، ومقتل أحد أفراد المجموعة المعتدية نتيجة الرد على مصادر النيران.
وقال بيان لقاء الأحزاب والقوى إن “الاعتداء يقدّم خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي، لأنه يستهدف عامل القوة الذي يؤمّن الحماية للبنان وثرواته، ويردع العدو الإسرائيلي عن القيام بأي عدوان على لبنان من خلال معادلة الردع التي فرضتها المقاومة، والتي أجبرت العدو على الاعتراف بحق لبنان في ثرواته البحرية”.
وأضاف أن “الهجوم المسلّح الذي نفذته عناصر مجرمة تابعة لبعض القوات المعروفة سابقاً بتعاملها مع العدو الصهيوني، يؤكد أنها ما زالت تعمل وفق أجندة خارجية بعيدة كل البعد عن مصلحة لبنان واستقراره وأمنه”.
كما أدان اللقاء “الخطاب التحريضي المشبوه الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام المأجورة، والمعروفة الثمن، ضاربة بعرض الحائط المصلحة الوطنية، على حساب مصالحها المالية والطائفية والفئوية”.
هذا وأكد اللقاء مجدداً أن “سلاح المقاومة الذي حقّق توازن الردع مع العدو الصهيوني، هو الضمانة لانتشال لبنان من أزماته الاقتصادية والمالية من خلال حماية الغاز والنفط”.
ويوم أمس، أصدرت العلاقات الإعلامية في حزب الله، بياناً أوضحت فيه طبيعة الإشكال الذي وقع عند منعطفات الكحالة في منطقة عاليه في محافظة جبل لبنان.
وقالت إنه “أثناء قدوم شاحنة لحزب الله من البقاع إلى بيروت انقلبت في منطقة الكحالة”.
وأضاف بيان حزب الله أنه “في ما كان الإخوة المعنيون بإيصالها يقومون بإجراء الاتصالات لطلب المساعدة ورفعها من الطريق لمتابعة سيرها إلى مقصدها، تجمّع عدد من المسلحين من الميليشيات الموجودة في المنطقة، وقاموا بالاعتداء على أفراد الشاحنة في محاولة للسيطرة عليها”.
وأشار البيان إلى أنّ “المسلحين بدأوا برمي الحجارة أولاً ثم بإطلاق النار، ما أسفر عن إصابة أحد الإخوة المولجين بحماية الشاحنة، وتم نقله بحال الخطر إلى المستشفى حيث استشهد لاحقاً”.
في غضون ذلك، تابع رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، مع قائد الجيش، العماد جوزيف عون، ملابسات الحادثة.
وطلب رئيس الحكومة الإسراع في التحقيقات الجارية لكشف الملابسات الكاملة لما حصل، بالتوازي مع اتخاذ الإجراءات الميدانية المطلوبة لضبط الوضع.
ودعا رئيس الحكومة الجميع إلى “التحلي بالحكمة والهدوء وعدم الانجرار وراء الانفعالات، وانتظار نتيجة التحقيقات الجارية”.
وأكد ميقاتي أنّ الجيش مستمر في جهوده لإعادة ضبط الوضع، ومنع تطور الأمور بشكل سلبي.
وأثارت الحادثة توتراً في لبنان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدي حزب الله وخصومه الذين ينتقدون امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة يقول إنها لمواجهة إسرائيل، وتأخذ عليه أطراف في الداخل أنه يستخدمها للتحكّم بالحياة السياسية في لبنان.
وهي المرة الثانية التي تحصل فيها مواجهة مماثلة بين عناصر حزب الله وسكان محليين. إذ تسبب مرور شاحنة محملة براجمات صواريخ، بعد وقت قصير من إطلاق صواريخ على إسرائيل في آب/أغسطس 2021، في قرية شويا ذات الغالبية الدرزية في جنوب البلاد، بتوتر بين الحزب وسكان رفضوا إطلاق الصواريخ من مناطق سكنية.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم