قال المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في النيجر في انقلاب الشهر الماضي إنه سيقاضي الرئيس المعزول محمد بازوم بتهمة الخيانة العظمى على خلفية تعاملات له مع زعماء دول أجنبية ومنظمات دولية.
واحتجز قادة الانقلاب بازوم وحلوا الحكومة المنتخبة، مما أثار تنديدا من قوى عالمية ودول الجوار في غرب أفريقيا والتي فعَّلت قوة عسكرية احتياطية يمكن أن تتدخل لإعادة بازوم إلى المنصب.
ولا تقتصر المخاوف على مصير النيجر، وهي من الدول الرئيسية في إنتاج اليورانيوم وحليفة رئيسية للغرب في الحرب على المتمردين الإسلاميين، إذ إن هناك مخاوف أيضا على نفوذ القوى العالمية المتنافسة ذات المصالح الاستراتيجية في المنطقة.
وقال المتحدث باسم المجلس الكولونيل أمادو عبد الرحمن في بيان أذاعه التلفزيون الرسمي في وقت متأخر من مساء أمس الأحد إن “المجلس العسكري جمع المعطيات اللازمة لمحاكمة الرئيس المعزول… بتهمة الخيانة العظمى وتقويض الأمن الداخلي والخارجي للنيجر”.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن محاولة توجيه اتهامات إلى بازوم “مقلقة للغاية”.
ومن جهتها أعربت الولايات المتحدة الإثنين عن استيائها من إعلان المجلس العسكري في النيجر عزمه محاكمة الرئيس المخلوع محمد بازوم بتهمة الخيانة العظمى، في خطوة يخشى أن تزيد من التوتر المتصاعد منذ انقلاب 26 تموز/يوليو.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل “نحن مستاؤون بشدة من التقارير عن أن الاحتجاز غير العادل للرئيس بازوم قد مضى نحو خطوة أبعد حتى… هذه الخطوة لا داعي لها وغير مبرّرة بالكامل، ولن تساهم صراحة في حلّ سلمي لهذه الأزمة”.
ونددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) هذه الخطوة وجددت، مثل الأمم المتحدة، دعوتها للإفراج عن بازوم وإعادته إلى منصبه على الفور.
وقالت إيكواس في بيان إن هذا “يمثل شكلا آخر من أشكال الاستفزاز ويتناقض مع ما تردد عن استعداد السلطات العسكرية في جمهورية النيجر لإعادة النظام الدستوري بالطرق السلمية”.
وقال سكان من نيامي أصيب كثير منهم بخيبة أمل عميقة من حكومة بازوم ويدعمون قادة الانقلاب إنهم يؤيدون محاكمة الرئيس المخلوع.
وقال إلياسو أبو بكر “لا مفاجأة في هذا لأنكم سمعتم تصريحات ومناشدات مختلفة طالب فيها المجتمع الدولي ليس بفرض عقوبات لكن أيضا بالتدخل عسكريا في أراضي النيجر”.
وأضاف أبو بكر “لكن ما نتمناه هو أن يتم هذا وفقا للقانون، مع احترام جميع الإجراءات وتعيين قضاة يتمتعون بالمهارات المطلوبة للقيام بالمهمة”.
وقال مجاهد دورماز، المحلل البارز في شؤون غرب أفريقيا في شركة فيريسك مابلكروفت لاستشارات المخاطر إن المجلس العسكري يريد تقليص شرعية بازوم وإثناء عزم القوى الأجنبية عن محاولة إعادته إلى منصبه.
وأضاف “محاكمة بازوم ستجبر على الأرجح المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا على تخفيف موقفها ضد المجلس العسكري والتركيز على إبرام صفقة انتقالية للسماح بالعودة إلى الحكم الديمقراطي”.
* تضليل
وقال عبد الرحمن، المتحدث باسم المجلس العسكري، إن هناك حملة تضليل ضد المجلس العسكري لمحاولة “إفشال أي حل تفاوضي للأزمة لتبرير التدخل العسكري… باسم إيكواس”.
ورفض المجلس العسكري عدة بعثات دبلوماسية في الأسبوعين الأولين بعد الانقلاب، على الرغم من أنه أشار إلى استعداد محتمل للتواصل منذ أن قالت إيكواس إنها “ستنشط” القوات في وضع الاستعداد لاحتمال استخدامها في النيجر.
وقال برلمان إيكواس يوم السبت إنه يرغب في إرسال لجنة للقاء المجلس العسكري في نيامي. ولم يتضح بعد التوقيت المقترح لهذه المهمة.
وعبر كل من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة عن القلق إزاء ظروف احتجاز بازوم.
وقال حزب بازوم السياسي إن أسرة الرئيس المعزول لا يتسنى لها الحصول على مياه جارية أو طعام طازج أو زيارات أطباء، وقال بازوم لمنظمة هيومن رايتس ووتش إن ابنه بحاجة إلى زيارة الطبيب لأنه يعاني من اعتلال خطير في القلب.
لكن المجلس العسكري قال أمس الأحد إن بازوم يلتقي بطبيبه بانتظام وإن الزيارة الأخيرة كانت في 12 أغسطس آب.
وقال عبد الرحمن “بعد هذه الزيارة لم يعبر الطبيب عن أي مخاوف على الحالة الصحية للرئيس المخلوع به وأفراد أسرته”.
ومن المتوقع أيضا أن يجتمع مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي المؤلف من 55 دولة اليوم لمناقشة الوضع في النيجر، في مؤشر على مستوى القلق من التداعيات المحتملة للانقلاب السابع في غرب ووسط أفريقيا خلال ثلاث سنوات.
وتتمركز قوات أمريكية وفرنسية وألمانية وإيطالية في النيجر، حيث قتلت جماعات محلية مرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية الآلاف وشردت الملايين.
وفي الوقت نفسه، يتزايد النفوذ الروسي مع تفاقم حالة انعدام الأمن وتراجع الديمقراطية وبحث القادة عن شركاء جدد لاستعادة النظام.
وتخشى القوى الغربية احتمال تزايد النفوذ الروسي إذا حذا المجلس العسكري في النيجر حذو مالي وبوركينا فاسو، حيث تم طرد قوات القوة الاستعمارية السابقة فرنسا في أعقاب انقلابات في البلدين.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم