هل تستطيع إسرائيل “العظمى” (!) القتال على جبهة غزّة وجبهة الشمال ضدّ حزب الله في آنٍ واحدٍ؟ بحسب الدلائل والمؤشّرات، وغوص جيش الاحتلال في مستنقع القطاع، فيبدو واضحًا أنّ الإجابة على السؤال سلبيّةً، ذلك، أنّه خلافًا للقتال في غزّة، فإنّ الأمر يختلِف كثيرًا في الشمال، لأنّ حزب الله، باعتراف مسؤولين إسرائيليين، وهو أقوى منظمة عسكريّة بالشرق الأوسط، فيما يؤكِّد وزير الأمن الأسبق، أفيغدور ليبرمان، أنّ الحزب يملك عتادًا عسكريًا أكثر من عدّة دولٍ في حلف شمال الأطلسيّ (الناتو).
علاوة على ذلك، وَجَبَ التذكير بأنّ اللواء المُتقاعد، نوعام تيفون، صرحّ قبل عدّة أيّامٍ للقناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ أنّ الردع الإسرائيليّ اختفى، وأنّ أحدًا في الشرق الأوسط لا يخشى قوّة إسرائيل، على حدّ قوله، وللتأكيد على ذلك، تكفي الإشارة إلى أنّ حزب الله لم يتوقّف بتاتًا منذ الثامن من أكتوبر الماضي عن قصف إسرائيل بالصواريخ، وأجبر أكثر من مائة ألف مستوطنٍ بالشمال على الرحيل إلى (مناطق آمنةٍ)!
إلى ذلك، قال موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب إنّه “وفقًا لتقديرات جيش الاحتلال فإنّه لدى حزب الله 150 ألف صاروخ من مختلف الأنواع”.
وأضاف الموقع، نقلاً عن ذات المصادر، أنّه “بعد 18 عامًا من حرب لبنان الثانية، يتعاظم حزب الله”، وفقاً لهذه التقديرات، التي أوضحت أنّ “الترسانة تحتوي على صواريخ يتراوح مداها بين 15 و700 كيلومتر، وصواريخ مجنحة يصل مداها إلى 200 كيلومترات وطائرات دون طيار قادرة على الوصول إلى مدى 400 كيلومتر”.
كما لفت الموقع الإسرائيليّ إلى أنّه “في المواجهة القادمة مع المنظمة (حزب الله)، يقدر الجيش الإسرائيلي أنّه سيتم إطلاق ما بين 1000 و3000 صاروخ في اليوم”.
وأضاف الموقع أنّ حزب الله مزود بصواريخ شاطئ-بحر متطورة من طراز C802 الصينية الصنع و(ياخونت) الروسيّة الصنع، إلى جانب قذائف (كورنيت) متطورة المضادة للمدرعات، ولديه قدرة إطلاق قذائف هاون وصواريخ مضادة للطائرات من طرازي SA-17 وSA-22 القادرة على استهداف طائرات من دون طيار ومروحيات، معظمها من إنتاج محلي، لتنفيذ مهمات هجومية لمدى يصل إلى 400 كيلومتر، ومئات الطائرات المسيرة لتنفيذ مهمات تكتيكية متنوعة. ويضاف إلى ذلك قدرات في المجالين الرقمي والإلكترو-بصري.
من جهتها، ذكرت صحيفة (هآرتس) العبريّة أنّ مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، يقدرون أنّ “فرصة الحرب الواسعة مع لبنان لا تزال مرتفعة، على وقع تبادل إطلاق النار بين الكيان وحزب الله على الجبهة الشماليّة”.
وتابعت: “يستعدون في إسرائيل وحزب الله لاحتمالية اندلاع حرب نتيجة حادثة موضعية تؤدي إلى تدهورٍ”.
ولفتت الصحيفة إلى أنّه “على الرغم من المحاولات التي تُنسَب لإسرائيل في وسائل الإعلام الأجنبيّة لضرب مشروع دقّة الصواريخ لدى حزب الله، إلّا أنّ المنظمة نجحت في تطوير هذه القدرات بشكلٍ يُقلِق المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة.
وكان محلل الشؤون العسكريّة بالقناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ، ألون بن دافيد، قد أكّد أنّ “التقدير في إسرائيل هو أنّ حزب الله نجح حتى اليوم في مراكمة عدة مئات من الصواريخ الدقيقة لمديات متوسطة وبعيدة، وأنّه يوجد في لبنان الآن عدة منشآت تحتوي على مكونات صواريخ دقيقة”، طبقًا لمصادره الأمنيّة.
كما نقلت وسائل إعلامٍ عبريّةٍ عن خبيرٍ إسرائيليٍّ نهاية العام المنصرم، قوله إنّ “الصواريخ الدقيقة لحزب الله هي الخطر الأكبر على إسرائيل والجيش الإسرائيليّ”، فيما قال قائد (جبهة إيران) في جيش الاحتلال اللواء طال كالمن، إنّ “التفكير في توجيه ضربةٍ وقائيّةٍ في لبنان ضدّ مشروع الدقة لحزب الله (الصواريخ الدقيقة) أمر مُعقد، لأنّه قد يتحول إلى حربٍ إقليميّةٍ”.
من ناحيته، لخصّ د. شيمعون شابيرا، وهو جنرالٌ متقاعدٌ، خطة حزب الله لاحتلال الجليل بالكلمات التالية، كما نشرها في صحيفة (يسرائيل هايوم): “الخطّة الأصليّة وضعها عماد مغنية بهدف تغيير أهداف الحرب، والأنفاق التي تمّ حفرها هي نموذج مأخوذ من كوريا الشماليّة، وتمّت عملية إقامتها بإرشادٍ من مهندسين إيرانيين”، كما قال.
وأضاف: “الخطّة العملياتيّة لحزب الله تشمل بناء قدرة لإطلاق الصواريخ بشكلٍ مكثّفٍ باتجاه المراكز والمناطق المأهولة ومنشآتٍ إستراتيجيّةٍ في منطقة حيفا والشمال، تل أبيب والمركز وحتى ديمونا في الجنوب. وبحسب تصوّر حزب الله فإنّ هذا الوضع سيؤدّي إلى تركيز كامل الاهتمام العسكريّ الإسرائيليّ، وفي هذا الوقت بالذات، سينتهز ويستغّل حزب الله الفرصة لإخراج (خطّة احتلال الجليل) إلى حيّز التنفيذ”، على حدّ تعبيره.
د. شابيرا، من كبار الباحثين الإسرائيليين المُختصّين بحزب الله، والذي يتابعه من أربعين عامًا، قال لصحيفة (هآرتس): “نصر الله يقول إنّ إيران نشرت في لبنان مائة ألف جندي، وهذا الرقم مبالغ فيه، ولكن هذا العدد هو بمثابة إشارة للكوادر الكبيرة التي بإمكان حزب الله أنْ يقوم بتجنيدها”، مُشدّدًا في ذات الوقت على أنّ “إسرائيل ستُواجِه في الحرب القادمة أيضًا أفراد فيلق الغرباء أوْ الأجانب الشيعيّ الذي أقامه قاسم سلمياني في سوريّة، بما في ذلك مقاتلين من أفغانستان وباكستان”، على حدّ قوله.
أمّا المُستشرِق آفي إيسخاروف فقد كشف النقاب في مقالٍ نشره بموقع (واللا) الإخباريّ-العبريّ، عن أنّه “حتى دون الأنفاق، فإنّ عناصر الكوماندوز التابعين لحزب الله، سيُحاولون وبشكلٍ سريٍّ اقتحام الحدود ومداهمة عددٍ من المواقع والمُستوطنات في شمال إسرائيل، وعلى الرغم من علم الحزب بأنّ الثمن الذي سيدفعه سيكون جسيمًا، إلّا أنّ الإنجاز الإدراكيّ أوْ على صعيد الوعيْ سيكون حاسمًا وبالغ الأهمية”، على حدّ تعبيره.
سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم