ثناء عليان:
في رحاب متحف طرطوس أطلقت جمعية العاديات في طرطوس مباردة (آثاريون صغار) بالتعاون مع دائرة آثار طرطوس، وفرع اتحاد شبيبة الثورة ومديرية التربية، بمشاركة 30 طفلاً وطفلة من الصف السابع والثامن، جاؤوا من مدرسة دار الأمان لأبناء الشهداء، ومن فريق (معاً لتمكين التعليم) ومدرسة مصطفى حيدر.
وتضمنت المبادرة التي أقيمت على مدار ثلاثة أيام مجموعة من الأنشطة التفاعلية، وبيّنت رئيس جمعية العاديات وصاحبة المبادرة الدكتورة بتول علي أن مبادرة “آثاريون صغار” مبادرة توعوية وتربوية هادفة أطلقتها جمعية العاديات بالتعاون مع دائرة آثار طرطوس للتعريف بالمواقع الأثرية وأهميتها، الهدف منها رفع وعي الأطفال واليافعين بأهمية التعاطي مع الآثار، وتعزيز الانتماء للإرث السوري العريق والاعتزاز به، وتنمية روح العمل الجماعي بين الأطفال باعتبارهم الحاضن الحقيقي لمستقبل سورية، ولذلك كان من الضروري التوجه إليهم لتوعيتهم بأهمية الآثار والحفاظ عليها، لأنها جزء أساسي من هويتنا، ومرتكز حقيقي يمكن الاستناد عليه للنهوض بمستقبل البلاد، لافتة إلى أن هذه المبادرة هي الخطوة الأولى التي سيتبعها خطوات لاحقة في قادم الأيام.
بدورها أكدت أمينة المتحف صبا عمران أن هذا النشاط المقام في متحف طرطوس بمبادرة من جمعية العاديات في طرطوس وبالتعاون مع دائرة الآثار هو نشاط مهم جداً لتطوير المعرفة والثقافة العامة حول مفهوم الآثار والتراث عند الأطفال، وتأتي أهمية إقامة هذه المبادرة في متحف طرطوس لتعزيز وتطوير التربية المتحفية والتي نحاول منذ فترة طويلة أن تصبح قسماً رئيسياً في متحف طرطوس.
وبيّنت عمران أن دائرة ٱثار طرطوس قامت بتنفيذ نشاطين مختلفين خلال عامي ٢٠١٣ و٢٠١٤ الأول بعنوان: “ٱثاريون صغار” والثاني بعنوان: “ٱثارنا في عيون صغارنا”، وذلك برعاية الأمانة السورية للتنمية، وقد لاقى كل من هذين النشاطين صدى إيجابياً واسعاً على مستوى المحافظة والمديرية العامة للآثار والمتاحف، وقد جاءت فكرة هذه الأنشطة نتيجة الاطلاع على تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، حيث حرصت هذه الدول على تطوير وتعميق فكرة التربية المتحفية، التي أصبحت ضرورة ملحة في تربية الأطفال منذ الصغر، ولتعزز لديهم الدافع الذاتي لحماية البيئة والموارد الطبيعية، ولتبرز لهم أهمية تاريخنا الحضاري المميز، وضرورة الحفاظ عليه وتعميق ارتباطهم به، وذلك من خلال التفاعل المباشر والمحسوس مع المكونات البيئية، والتحفيز على الاستكشاف والبحث عن المعلومة، وربط كل هذه العناصر مع بعضها لتكوين الصورة العامة للحياة عبر الزمن أي باختصار التعلم بالتسلية.. ولفتت عمران إلى أن متحف طرطوس هو المتحف الوحيد في سورية الذي قام بتنفيذ المبادرات التي تم ذكرها سابقاً، والتي كان عنوانها تطوير النشاط المتحفي عند الأطفال، وذلك من خلال إحضار طلاب الرياض مع معلماتهم إلى المتحف، وتنفيذ نشاطات مختلفة خلال العام الدراسي، مؤكدة أن فكرة النشاطات المتحفية بدأت عام ٢٠١٣ في متحف طرطوس، وما زالت مستمرة إلى الآن، ولكن تبقى هذه المبادرات خجولة لعدم توفر التمويل الكافي لتنفيذها.
وختمت عمران حديثها متمنية أن يصبح في كل متحف قسماً خاصاً بالتربية المتحفية مع التمويل اللازم، لنتمكن من تعزيز دور المتاحف في نشر الثقافة والوعي الحضاري لدى الأطفال وبناء أجيال جديدة مرتبطة بجذور التاريخ، لتثمر عقولاً منفتحة وأفكاراً تنير المستقبل.
وتضمن اليوم الأول محاضرة نظرية جاءت بعنوان: “رحلة القطعة الأثرية من الولادة إلى المتحف” قدمتها الدكتورة بتول علي صاحبة المبادرة بأسلوب بسيط ومحبب عرفت خلالها بعض المفاهيم الأساسية للآثار “الأثر، التنقيب الأثري، المتحف، …الخ”.. وشرحت بعض بنود قانون الآثار السوري والتراث المادي واللامادي، وبيّنت أن هناك آثاراً منقولة وغير منقولة وأعطت أمثلة عليها مع استعراض صوراً للقلاع والمواقع الأثرية الموجودة في سورية، وكان تفاعل الأطفال لفت للنظر وخاصة أن البعض يملكون الكثير من المعلومات عن آثار بلادهم، واختتمت فعالية اليوم الأول باصطحاب الأطفال في جولة تعريفية على المتحف مع شرح تفصيلي عن المبنى والمحفوظات المتحفية فيه، قدمته صبا عمران أمين متحف طرطوس، إضافة إلى تطبيق عملي للتنقيب عن الآثار وما يرتبط بها، حيث تم تحضير موقع تمثيلي للأطفال ودفن بعض القطع المتنوعة ليمنح الأطفال فرصة الفرح باكتشافهم للقى الأثرية.. وتضمن اليوم الثاني من المبادرة تطبيقات عملية حيث تم توزيع صوراً لقطع أثرية محدد نوعها، إضافة لنشاط فني حيث طلب من المشاركين تلوين لوحات تتضمن صوراً لمواقع أثرية في طرطوس باستخدام المياه والقهوة.
واختتمت المبادرة فعالياتها بإقامة معرض في الهواء الطلق للأعمال التي نفذها المشاركون والمرتبطة جميعها بالآثار والمواقع الأثرية في سورية، كما تم منحهم شهادات تقدير لمشاركتهم في هذه المبادرة..
سيرياهوم نيوز٣_تشرين