ديب علي حسن:
تمر هذه الأيام ذكرى رحيل شاعر الأرض المحتلة محمود درويش.. الشاعر الذي نال شهرة لم ينلها شاعر عربي فلسطيني آخر, صحيح أن الكثير من التساؤلات طرحت حول الكثير من مواقفه في الفترة الأخيرة من حياته, ولاسيما أنه تخلى عن نبض الشعر المقاوم وتوجه إلى ما يسميه هو الشعر الصافي, ولكن ماذا لو أنه كان الآن على قيد الحياة ورأى هول ما يجري… في ذكرى رحيله ليس أفضل من اختيار قبسين من عيون شعره المقاوم
مدبح الظل العالي
هــــــــذه آيـــاتـــنـــا فــــاقـــــرأ
بــاســـم الـفــدائــي الــــــذي خــلــقــ
مــــــــن جــــزمـــــة افــــقـــــا
بــاســـم الـفــدائــي الـــــذي يـــرحـــل
مـــــــن وقــتــكـــم.. لــنــدائـــة الأول
الأول الأول
ســــنــــدمـــــر الـــهـــيـــكــــل
بــاســـم الــفــدائــي الــــــذي يـــبـــدأ
………………….
نامي قليلاً، يا ابنتي، نامي قليلاً
الطائراتُ تضُّني. وتعضُّ ما في القلب من عَسَلٍ
فنامي في طريق النحل ’ نامي
قبل أن أصحو قتيلا
الطائراتُ تطير من غُرَفٍ مجاورةٍ إلى الحمَّام , فاضطجعي
على درجات هذا السُّلّم الحجريِّ، انتبهي إذا اقتربتْ
شظاياها كثيراً منكِ وارتجفي قليلا
نامي قليلا
كُنَّا نحبُّك’ يا ابنتي,
كنا نَعُدُّ على أصابع كفِّك اليُسرى مسيرتَنا
ونُنْقِصُها رحيلا
نامي قليلا
الطائراتُ تطيرُ، والأشجارُ تهوي،
والمباني تخبز السُكَّانَ ’ فاختبئي بأُغنيتي الأخيرةِ، أو بطلقتيَ
الأخيرةِ، يا ابنتي
وتوسّديني كنتُ فحماً أَم نخيلا
نامي قليلا
وتَفَقَّدي أزهارَ جسمكِ،
هل أُصيبتْ؟
واتركي كفِّي, وكأسَيْ شاينا, ودعي الغَسيلا
نامي قليلا
لو أَستطيع أَعدتُ ترتيب الطبيعةِ:
ههنا صفصافةٌ… وهناك قلبي
ههنا قَمَرُ التردُّد
ههنا عصفورةٌ للانتباهِ
هناكَ نافذةٌ تعلِمكِ الهديلَ
وشارعٌ يرجوكِ أن تَبْقَي قليلا
نامي قليلا
كُنَّا نحبكِ، يا ابنتي,
والآن، نعبدُ صمتَك العالي
ونرفعهُ كنائس من بَتُوْلا
هل كنتِ غاضبةً علينا، دون أن ندري.. وندري
آهِ مِنّا… آهِ ماذا لو خَمَشْنا صُرَّةَ الأُفقِ.
قد يَخْمِشُ الغرقى يداً تمتدُّ
كي تحمي من الغَرَقِ
بيروت – لا
ظهري أمام البحر أسوارٌ و….لا
قد أَخسر الدنيا ’ نَعمْ,
قد أَخسر الكلماتِ والذكرى
ولكني أَقول الآن: لا
حمام الشام
في دِمَشْقَ،
تطيرُ الحماماتُ
خَلْفَ سِياجِ الحريرِ
اُثْنَتَيْنِ….
اُثْنَتَيْنِ….
في دِمَشْقَ،
أَرى لُغَتي كُلَّها
على حبَّة القَمْحِ مكتوبةً
بإبرة أُنثى،
يُنَقِّحُها حَجَلُ الرافِدَيْن
في دِمَشْقَ،
تُطَرَّزُ أَسماءُ خَيْلِ العَرَبْ،
مِنَ الجاهليَّةِ
حتى القيامةِ،
أَو بَعْدها،
….بخُيُوطِ الذَهَبْ
في دِمَشْقَ:
تسيرُ السماءُ
على الطُرُقات القديمةِ
حافيةً، حافيةْ
فما حاجةُ الشُعَراءِ
إلى الوَحْيِ
والوَزْنِ
والقافِيَةْ؟
في دِمَشْقَ،
ينامُ الغريبُ
على ظلّه واقفاً
مثل مِئْذَنَةٍ في سرير الأَبد
لا يَحنُّ إلى بَلدٍ
أَو أَحَدْ…
في دِمَشْقَ،
يُواصل فِعْلُ المُضَارِع
أَشغالَهُ الأُمويَّةَ:
نمشي إلى غَدِنا واثِقِينَ
من الشمس في أَمسنا.
نحن والأَبديَّةُ،
سُكَّانُ هذا البَلَدْ!
سيرياهوم نيوز١_الثورة