حسين فحص
اشتكى بعض اللاعبين من نقص الشفافية في القضية إثر تبرئة سينر رغم ثبوت ظهور اختبارين إيجابيين له هذا العام (ا ف ب)
يستمر الجدل حول «فضائح» المنشطات في عالم الرياضة. رغم القوانين المتواجدة للحؤول دون الغش أو تعريض اللاعبين لمخاطر صحية، تتزايد حالات الكشف عن مواد منشطة في تحاليل الرياضيين، وسط «شكوك» حول قرارات الإدانة أو التبرئة في ظل عدم وضوح «بروتوكولات» الجهات المسؤولة
بعد خضوع لاعب كرة المضرب الإيطالي يانيك سينر للفحص خلال دورة إنديان ويلز الأميركية لماسترز الألف نقطة في آذار/مارس 2024، أظهرت النتائج تلوث تحاليله «بمستويات منخفضة» لمادة كلوستيبول المشتقة من هرمون التستوستيرون، وهي مادة محظورة من قبل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، قبل أن تأتي نتيجة اختباره إيجابية مرة أخرى بعد عشرة أيام من الفحص الأول.مع ذلك، برّأت محكمة مستقلة سينر، عازيةً قرارها إلى تصديق شهادة المصنف أول عالمياً الذي أشار إلى تناوله مادة كلوستيبول عن غير قصد.
قرارٌ هزَّ عالم الكرة الصفراء والرياضة على حد سواء، وسط اتهامات بالتساهل تبعاً لتصنيف اللاعب الإيطالي العالي. واشتكى بعض اللاعبين من نقص الشفافية في القضية إثر تبرئة سينر رغم ثبوت ظهور اختبارين إيجابيين له هذا العام، فيما دعا النجم الصربي نوفاك ديوكوفيتش إلى اعتماد «بروتوكولات واضحة» و«أساليب موحدة» في التعامل مع قضايا المنشّطات في كرة المضرب.
هذه القضية فتحت فصلاً جديداً ضمن مجلدات الجهات الرياضية المكافِحة للمنشطات، مع زيادة التساؤلات عن مدى كفاءة معاييرها المتبعة رغم اعتمادها في الوسط الرياضي منذ عقود.
تحدياتٌ كبيرة
بشكل عام، هناك فئات عدة من العقاقير المحظورة بالنسبة إلى الرياضيين، أكثرها شيوعاً هي المنشطات والهرمونات. تُحظر هذه المواد عندما تلبي معيارين على الأقل من المعايير الثلاثة التالية: تعزيز الأداء، تشكيل تهديد لصحة الرياضي، أو انتهاك روح الرياضة.
ولضمان امتثال الرياضيين للقوانين الموضوعة، تقوم «Wada» بإجراء اختبارات بشكلٍ عشوائي وفي أوقاتٍ مختلفة، ما يعني عدم إعطاء اللاعبين أي تحذير بشأنها. وتؤخذ عينات الدم أو عينات البول أو كلتاهما من الرياضيين في محاولة للكشف عن المنشطات، علماً أن بعض الترسبات الثانوية للمواد المنشطة تكون صغيرة جداً لدرجة أنها قد لا تُنتج إشارة قوية بما يكفي للكشف عنها.
وإذا فشل اللاعب/ة أو رفض/ت تقديم العينة أو تهرّب/ت من الاختبار أو عبث/ت به، فإن ذلك يُعتبر انتهاكاً لقواعد مكافحة المنشّطات ما يوجب معاقبته/ا، تماماً كما حصل عام 2003 مع لاعب كرة القدم الإنكليزي ريو فرديناند وغيره الكثير…
على نهج الجهات السابقة، واجهت «Wada» حالات عدة فاضحة وثقها التاريخ، أبرزها ربما اتهام الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات روسيا عام 2016 بـ«دعم عملية تعاطي الرياضيين المواد المنشطة المحظورة» مع توصيتها بمعاقبة رياضيين ومدربين روس بالإيقاف مدى الحياة. وظهرت ألعاب القوى الروسية حينها في قلب الاتهامات بتعاطي المنشطات، وهو ما وعد قيّمون روسيون بتوضيحه أو إصلاحه في حال الثبوت، في حين استنكر آخرون ما حصل واصفين إياه بمحاولة «تشويه صورة روسيا والتخلص من منافس مهم»، كما قال وزير الرياضة في البلاد حينها. وكشفت تحقيقات وتقارير مختلفة بعد ذلك احتمالية تورّط الولايات المتحدة الأميركية في تشويه صورة روسيا، التي تعد أحد أكبر أعدائها في مختلف الساحات.
دعا النجم الصربي نوفاك ديوكوفيتش إلى اعتماد «بروتوكولات واضحة» و«أساليب موحدة» في التعامل مع قضايا المنشّطات
تحديات «وادا» زادت خلال العامين الأخيرين الممتلئين بالفضائح، بدءاً من سقوط لاعب كرة القدم الفرنسي بول بوغبا في اختبار المنشّطات الذي خضع له عقب مباراةٍ بين فريقه يوفنتوس ومضيفه أودينيزي في 20 آب/أغسطس 2022-2023 بعد أن تم اختياره بشكل عشوائي. ورغم إفادة المقربين من اللاعب حينها أن التستوستيرون جاء من مكمّل غذائي وصفه طبيب استشاري لبوغبا في الولايات المتحدة، تم إيقاف متوسط الميدان 4 أعوام.
على خطٍ موازٍ، كان الأميركيون أكثر المطالبين بمعاقبة رياضيين صينيين في الألعاب الأولمبية التي انتهت قبل أسابيع في فرنسا. أرسلت الصين 11 سبّاحاً متورطين في فضيحة تعاطي المنشطات إلى أولمبياد باريس، وواجه فريق السباحة الصيني تدقيقاً متزايداً منذ أبريل/ نيسان الماضي بعد أن أظهرت النتائج عام 2021 وجود عقار محظور في عينات 23 سباحاً يزيد من تدفق القلب، قبل أن يسُمح لهم بالمنافسة في أولمبياد طوكيو في ذلك العام ثم في أولمبياد فرنسا 2024. رغم النتائج الإيجابية، لم تُعاقبهم الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات بعدما قبلت حجّة السلطات الصينية بأن ذلك كان ناجماً عن تلوّث غذائي. من جهتها، قالت الوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات (يوسادا) إن «وادا» والهيئة الصينية لمكافحة المنشطات «تجاهلتا تلك النتائج الإيجابية»، ووصفت القضية بأنها «تغطية محتملة».
طبعاً، هناك حاجة إلى وجود جهات رسمية تُعنى بكشف «غش» الرياضيين. لكن، وفي ظل تباين الأحكام من رياضي إلى آخر، لا بد من وضع بروتوكولات أكثر وضوحاً وحزماً، تماماً كما دعا ديوكوفيتش ولاعبون غيره. في النهاية، القوانين الرياضية وُضعت لتُنفّذ على الجميع، بلا حصانةٍ تصنيفية أو سياسية، وهو التحدي الأكبر الذي تواجهه «وادا» ونظراؤها ربما.
Here Are The Best AGVs Manufacturers In Mexico 2024
Machinery I Search Ads
تاريخٌ حافل
في ظل تأثيرها السلبي على الرياضيين والرياضة عموماً، كان من الضروري فرض قيود على استخدام المواد المنشّطة في عشرينيات القرن الماضي. عام 1928، أصبح الاتحاد الدولي لألعاب القوى (IAAF) أول اتحاد رياضي دولي يحظّر المنشطات. وفي 1966، كانت الهيئات العالمية الحاكمة لكرة القدم ولركوب الدراجات أول من أدخل اختبارات المنشطات في بطولات العالم الخاصة بها، كما حصلت أول اختبارات أولمبية عام 1968 ضمن الألعاب الشتوية في فرنسا والألعاب الصيفية في المكسيك. وبحلول سبعينيات القرن العشرين، أدخلت معظم الاتحادات الدولية للرياضة اختبارات للمواد المنشّطة.
في تلك السنوات، أُدين عدد من الرياضيين باستخدام المواد المنشطة المحظورة، منهم الطواف البريطاني توم سيمسون الذي مات في طواف فرنسا عام 1967 (وُجدَت أنابيب من الفيتامينات في قميصه وفي جثته بعد تشريحها)، والعداء الكندي بن جونسون عام 1988 بسبب تعاطيه الستيروييد، ولاعب كرة القدم الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا الذي أوقف عام 1991 لمدة 15 شهراً بسبب تعاطيه عقار «الكوكايين» قبل أن يعود إلى الملاعب ويكرر الأمر نفسه أثناء مواجهتي الأرجنتين ونيجيريا في كأس العالم 1994…
ولعلَّ أبرز فضيحة رياضية للمنشطات المحظورة جاءت في سباق فرنسا للدراجات عام 1998، ما عزّز الحاجة إلى وجود وكالة دولية مستقلة تُعنى بوضع معايير المكافحة. عليه، تم تأسيس الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في العام التالي، أو ما يعرف اليوم بـ«Wada».
سيرياهوم نيوز١_الاخبار