آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يلتقي بوجهاء وأعيان محافظة اللاذقية خلال زيارته المدينة

رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يلتقي بوجهاء وأعيان محافظة اللاذقية خلال زيارته المدينة

 

 

الخطر الحقيقي لا يكمن فقط فيما يبثه الإعلام الموجه، بل أيضاً في استسلام الشعوب لهذه السرديات من دون تمحيص أو وعي، وهو ما يجعل الوعي سلاحاً حقيقياً في هذه المعركة.

 

 

إلهامي المليجي

 

في عالم يتحكم الإعلام في مشهده، سياسياً واجتماعياً، لم يعد دور وكالات الأنباء يقتصر على نقل الأخبار، بل تحول إلى سلاح رئيس في أيدي القوى الكبرى لإعادة تشكيل الوعي الجمعي، وفقاً لأجنداتها.

 

كشف ترامب، في واحدة من شطحاته المثيرة للجدل، عن تعاون سري بين وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالة الأنباء العالمية، “رويترز”، بحيث تمول الوزارة الوكالة بملايين الدولارات ضمن مشاريع بحثية تتعلق بـ”الهندسة الاجتماعية”. وهو تعبير لا يحتاج إلى كثير من التأويل، لكنه يسلط الضوء على مدى تغلغل الاستخبارات في صناعة الإعلام.

 

هذا الكشف يثير تساؤلات خطيرة بشأن حقيقة الدور الذي تؤديه المؤسسات الإعلامية الكبرى، وما إذا كانت وظيفتها الحقيقية هي نقل الحقيقة، أم توجيه العقول وتشكيل السرديات.

 

الهندسة الاجتماعية.. سلاح ناعم في حروب السيطرة

لم يعد الإعلام مجرد ناقل للمعلومات، بل تحول إلى أداة للتحكم في العقول، عبر تقنيات “الهندسة الاجتماعية”، التي تهدف إلى التأثير في السلوك البشري وصياغة قناعاته على نحو يخدم مصالح القوى المهيمنة.

 

بدلاً من استخدام القوة العسكرية المباشرة، تلجأ الأنظمة إلى نشر الأخبار والمعلومات بطريقة تخلق وعياً زائفاً، يمهد من أجل قبول سياسات معينة من دون مقاومة. عبر دراسة سيكولوجية المجتمعات، يتم اختيار العبارات والمصطلحات بعناية لتوجيه النقاش العام، وإعادة تشكيل الإدراك الجماعي وفقاً لرؤية محددة.

 

الإعلام أداة استخبارية.. من الصحافة إلى التجسس

منذ الحرب الباردة، أدت وكالات الأنباء الكبرى دوراً محورياً في التلاعب بالرأي العام، عبر نشر معلومات مضلِّلة، أو ترويج سرديات دعائية معينة. لكن الكشف عن العلاقة المباشرة بين المؤسسات الإعلامية والاستخبارية يرفع مستوى القلق إلى أبعاد جديدة.

 

لم يعد الأمر يقتصر على تمرير الأخبار الموجَّهة، بل بات يشمل استخدام التقنيات الرقمية لاختراق الأجهزة الشخصية للمستخدمين وسرقة بياناتهم.

 

من خلال زرع كلمات مفتاحية في المقالات والتقارير، يمكن استغلال محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي لاستهداف الأفراد بناءً على توجهاتهم الفكرية.

 

ترامب.. كاشف المستور أم متورط في اللعبة؟

 

 

على رغم أنه جزء أصيل من المنظومة السياسية الأميركية، فإن ترامب كان أحياناً يؤدي دور “الكاشف غير المقصود” للعمليات التي تديرها الدولة العميقة.

 

تصريحه بشأن علاقة “رويترز” بالبنتاغون يفتح المجال للسؤال: هل أراد كشف هذا التعاون بدافع الانتقام من خصومه في الإعلام التقليدي، أم أنه كشف جانباً من اللعبة من دون أن يدرك تداعيات الأمر؟

 

لكن الأهم من ذلك أن ترامب، على رغم مواقفه المثيرة للجدل، قدَّم معلومات تُسلط الضوء على التحالف العميق بين الإعلام والاستخبارات، وهو تحالف لم يكن واضحاً بهذه الدرجة من قبلُ.

 

فهل كان ترامب يحاول توجيه رسالة، مفادها أن الدولة العميقة تستخدم الإعلام أداةً لفرض هيمنتها؟ أم أنه كان يستخدم هذا الكشف سلاحاً سياسياً في صراعه مع المؤسسات التقليدية في واشنطن؟

 

بغض النظر عن نيته الحقيقية، فإن تصريحاته تؤكد أن الإعلام الغربي ليس محايداً كما يدّعي، بل يتحرك ضمن أجندة مرسومة مسبّقاً، بحيث لا يتم نشر أي معلومة في وسائل الإعلام الكبرى من دون أن تخدم، بصورة أو بأخرى، المصالح الاستراتيجية للقوى المهيمنة.

 

كيف نواجه التلاعب الإعلامي؟

في ظل انتشار الأخبار المزيفة والتلاعب بالسرديات، يصبح الوعي هو السلاح الأهم لمواجهة هذه الأدوات. ولتحصين أنفسنا ضد هذا المد الإعلامي الموجه، يجب:

 

1- التدقيق في مصادر المعلومات، والتعامل بحذر مع الأخبار القادمة من المؤسسات الإعلامية الكبرى.

 

2- فهم آليات الدعاية الحديثة، وكيف يتم تشكيل الرأي العام، عبر طرائق خفية.

 

3- تعزيز الأمن الرقمي، لحماية البيانات الشخصية من الاختراقات المحتملة.

 

4- إنشاء منصات إعلامية مستقلة، تقدم رؤية بديلة وتتصدى للدعاية الصهيوأميركية.

 

معركة الوعي في مواجهة الإعلام المسيّر

لم يعد الإعلام ساحة محايدة، بل تحول إلى أحد أخطر أسلحة الهيمنة في العصر الحديث، بحيث تتلاعب به القوى الكبرى لإعادة تشكيل العقول وترسيخ السرديات التي تخدم مصالحها.

 

وما كشفه ترامب ليس إلا نافذة صغيرة على منظومة إعلامية ضخمة، تعمل في الخفاء، عبر آليات دقيقة وخطط مدروسة، من أجل إعادة رسم الخرائط الجيوسياسية وإخضاع الشعوب عبر الدعاية الخادعة والتضليل المنهجي.

 

إن التحدي الأهم اليوم لا يقتصر فقط على فضح هذه الأدوات، بل يتطلّب أيضا تطوير استراتيجية إعلامية بديلة، قادرة على كسر احتكار الحقيقة وفضح حملات التشويه والتلاعب. فالمعركة ليست مجرد تنافس بين روايات، بل هي معركة وجودية تدور في عقول الناس قبل ساحات السياسة، بحيث يتم تطويع الحقائق لخدمة الأجندات الاستعمارية.

 

وإذا كانت القوى، التي تسعى لفرض مشاريعها الصهيوأميركية المناهضة لطموحات أمتنا وشعوبنا، تستخدم الإعلام أداةً لإعادة صياغة الواقع وفقاً لرؤيتها، فإن أمتنا، وفي مقدمتها محور المقاومة والقوى الوطنية، في حاجة إلى مشروع إعلامي مقاوم، لا يكتفي بالرد، بل يساهم في إنتاج وعي جديد، قادر على بناء سردية مستقلة تقطع الطريق أمام مشاريع الاختراق، فكرياً وسياسياً.

 

فالخطر الحقيقي لا يكمن فقط فيما يبثه الإعلام الموجه، بل أيضاً في استسلام الشعوب لهذه السرديات من دون تمحيص أو وعي، وهو ما يجعل الوعي سلاحاً حقيقياً في هذه المعركة، التي لم تعد تقتصر على الجغرافيا، بل امتدت إلى إدراك الإنسان ووعيه مصيرَه ومستقبله.

 

 

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١ الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

التعليم العالي توجه بعدم حجب علامات الطلاب المتخلفين عن سداد الرسوم ‏للعام الحالي

‏   أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تعميماً طلبت بموجبه من ‏الجامعات الحكومية والمعاهد العليا، عدم حجب علامات الطلاب، الذين تخلفوا ‏عن سداد الرسوم ...