آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » تاريخ الاقتصاد اللبناني… بين الماضي والحاضر

تاريخ الاقتصاد اللبناني… بين الماضي والحاضر

 

 

منذ تأسيس الدولة اللبنانية عام 1943، شهدنا نموذجين عن الاقتصاد، خلال مرحلتين متباينتين.

عام 1990، بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، كان الدَّين العام يبلغ 1.8 مليار دولار، وإنما بالليرة اللبنانية.

منذ تأسيس الدولة اللبنانية عام 1943، شهدنا نموذجين عن الاقتصاد، خلال مرحلتين متباينتين. الأولى منذ 1943 إلى 1975، أما الثانية فامتدت من 1990 إلى 2019.

 

النموذج الأول

تمكّن النموذج الاقتصادي الأول من تحقيق أرقام قياسية على مستوى تصدير المنتوجات المصنعة محلياً. وأصدرت مؤسسات دولية، على رأسها البنك الدولي، بيانات وتقارير تُشيد بقوّة الاقتصاد اللبناني بين عامي 1971 و1973، إذ وصلت نسبة تصدير السلع المحلية إلى 60%. وساوى الدولار الأميركي يومها 220 قرشاً، وبذلك كانت العملة اللبنانية الأقوى في الشرق الأوسط.

 

وفي ذلك الحين، كان لبنان رائداً على مستوى النهضة، فكرياً وثقافياً، وأدى أدواراً متعددة على مستوى الخدمات التعليمية، والاستشفائية، والمعرفية، والتأمينية، والاستشارات القانونية، والترانزيت، والصناعة عالية الجودة، والزراعة الريفية، الأمر الذي أوصل البلاد إلى نمو اقتصادي مستدام، مع العلم بأنه خلال الفترة الممتدة بين عامي 1943 و1975، واجهت البلاد صعوبات جمّة. ففي عام 1958، كادت تندلع حرب طائفية بين معسكرين، “الموالي للغرب” و”الموالي للرئيس المصري جمال عبد الناصر”، وأزمة عام 1969، التي أنتجت اتفاق القاهرة، واختتمت هذه الحقبة بالحرب الأهلية في لبنان.

 

أما المحطات الاقتصادية المفصلية فكانت على الشكل التالي:

 

1- بنك إنترا: الذي أسسه يوسف بيدس عام 1951 وأصبح أكبر مصرف في لبنان، إذ وصلت قيمة الإيداعات إلى 17 في المئة من إجمالي الودائع في البلاد. واستمر بصورة كبيرة عبر أموال الاغتراب. لكن، في النهاية، أدى الواقع السياسي إلى انهيار أكبر إمبراطورية مالية عام 1966، والمفارقة كانت أنّ الاقتصاد لم ينهَر، بل استمر في النمو على رغم فداحة وضخامة الخسارة. فالمسار الاقتصادي واكبته قوانين وإيرادات من الدولة ساهمت في هذا النمو.

 

2- تأسيس مصرف لبنان عام 1963 بموجب قانون النقد والتسليف، والذي باشر عمله في بداية نيسان/أبريل 1964، وكانت المهمّات الرسمية المنوطة به على الشكل التالي:

 

– المحافظة على سلامة النقد والاستقرار الاقتصادي.

 

– المحافظة على سلامة أوضاع النظام المصرفي.

 

– تطوير السوق النقدية والمالية وتنظيم عملها.

 

– تنظيم عمليات التحويل المالية والأسهم والسندات التجارية.

 

ومن أبرز إنجازات المصرف المركزي آنذاك كان القرار، الذي اتخذه الرئيسان الراحلان إلياس سركيس وسليم الحص، الأول كحاكم للمصرف المركزي والثاني كرئيس لجنة الرقابة على المصارف، وهو شراء 286 طناً من الذهب، الأمر الذي جعل لبنان الثاني في حجم احتياطي الذهب بين البلدان العربية بعد المملكة العربية السعودية.

 

3- عهد الرئيس فؤاد شهاب، الذي عُرف بعهد بناء المؤسسات، التي كان لها دور مهم في الدفع إلى النمو المستدام، أبرزها إنشاء وزارة التخطيط، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومديرية الشباب والرياضة، وتعاونية موظفي الدولة، والمجلس الوطني للسياحة، ومجلس الخدمة المدنية، إضافة إلى وضع قانون التنظيم المدني، ووضع قانون النقد والتسليف.

 

ويبقى أنّ هناك مفارقات لم تُذكَر في هذه المرحلة، كالتدفق الكبير للأموال الفلسطينية إلى لبنان، ثمّ أموال منظمة التحرير، وبعدها الأموال الهائلة، التي دُفعت في تلك الفترة من أجل الوطن البديل.

 

والمفارقة الأهم أنه، منذ ذلك الوقت، قام 20% من اللبنانيين بتكديس ثرواتهم على حساب 80% من الشعب، الأمر الذي دفع إلى تأسيس الحركة الوطنية في عام 1969، وطرحِ برنامج إصلاحي اقتصادي واجتماعي في عام 1976. وعلى رغم كل الملاحظات التي وُضعت في حينها، فإنّ هذا الوضع استمرّ قائماً حتى يومنا هذا.

 

وعلى رغم كل ذلك أيضاً، فإن الإنماء المتوازن بقي مُهمَلاً، وخصوصاً في جنوبي لبنان وشماليه وأجزاء من البقاع.

 

النموذج الثاني

في عام 1990، بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، كان الدَّين العام يبلغ 1.8 مليار دولار، وإنما بالليرة اللبنانية. وتقسم المرحلة الثانية، الممتدة من العام المذكور إلى عام 2019، إلى جزأين.

 

1- من 1990 إلى 2004

 

في الجزء الأول من هذه المرحلةـ كان هناك احتلال إسرائيلي ووصاية سورية. وبعد انطلاق مشروع الإعمار الكبير، الذي قاده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تعرّض لحربين: عدوان الأيام السبعة عام 1993، وعناقيد الغضب في نيسان/أبريل 1996، إضافة إلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.

 

 

 

على مستوى الاقتصاد الكلي، شهدت الفترة الممتدة من 1992 حتى 2000 طفرة كبيرة ونمواً وإعماراً وطرقات وبنى تحتية واتصالات وشبكة خلوية. وكانت تقديمات الحكومة والدولة، على المستويين الصحي والتعليمي، هي الأكبر في تاريخ لبنان، على رغم الاستغلال الكبير للأحزاب في تلك المرحلة.

 

ولو قٌدّر لهذه المرحلة الإعمارية الاستمرار وإكمال مشروعها الاقتصادي، والذي جوبه من كل الفئات الداخلية السياسية من دون استثناء، لكان لبنان هو الخريطة الاقتصاديّة – الاجتماعيّة لكلّ المنطقة.

 

لكن غابت الرؤية الاستراتيجية عن الاقتصاد، وشُرّعت الأبواب على التدخلات السياسية في الاقتصاد والإدارة والدولة. ولم يتمكّن لبنان من استغلال الثقة الخارجية به وتدفّق الأموال إليه، بل تم تأسيس اقتصاد الريع على حساب الإنتاج، وازداد حجم الأموال المودعة في المصارف في مقابل فوائد مرتفعة أرخت ظلالها على الاقتصاد.

 

2- من 2004 إلى 2019

 

في الجزء الثاني، تعرّض لبنان لصدمتين: الأولى، اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي وُصف بـ “الزلزال الاقتصادي”، والثانية عدوان تموز 2006، والذي أحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية والقرى الجنوبية وضواحي بيروت.

 

عقب ذلك، جرى ترسيخ “النظام الريعي” على الثوابت التالية:

 

– سعر صرف ثابت مُضخّم وبتكلفة مرتفعة.

 

– الاستدانة بالدولار من دون وجود مصدر دخل بالعملات الصعبة.

 

– تشجيع التهرّب الجمركي وعدم حماية المنتج المحلي.

 

– تدمير القطاعات الإنتاجية والاعتماد على الاستيراد.

 

– توظيف 60% من موجودات المصارف في مصرف لبنان كـ”سندات خزينة”.

 

– دفع 35% من الموازنة لخدمة الدّين العام.

 

– تعيين بواسطة المحسوبيات لتدمير إنتاجية القطاع العام وفعاليته.

 

– تعطيل لجان الموازنة وقطع الحساب وأجهزة الرقابة المالية.

 

– إجراء هندسات مالية بفوائد فاحشة.

 

– ارتفاع الدين العام إلى 70% من الناتج المحلي.

 

– إقرار سلسلة الرتب والرواتب على الرغم من العجز في الموازنة.

 

– انهيار موازنة الدولة والتخلّف عن الدفع.

 

– انهيار سعر الصرف.

 

– ارتفاع معدّلات الفقر والبطالة والهجرة.

 

– مرحلة الحصار الاقتصادي.

 

– الفشل في حل مشكلة الكهرباء.

 

وعليه، هل سنكون في عام 2025 أمام مرحلة انطلاق عهد جديد مع إصلاحات اقتصادية وإدارية، وتطبيق للقوانين، والاستفادة من الفرص، وتطوير العقد الاجتماعي؟ أم أنّ الرّياح السياسية الإقليمية والدولية المقبلة على المنطقة ستمنع أن تكون هناك وظيفة اقتصادية حقيقية وجديدة للبنان؟

 

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١_ الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أين الجولاني؟ الكيان يؤكِّد إقامة سبع قواعد عسكريّةٍ إضافيةٍ بسوريّة والبقاء لأجلٍ غيرُ مسّمى.. وزير الخارجيّة الإسرائيليّ يقترح تقسيم بلاد الشام لكانتونات ويُبادِر لعقد مؤتمرٍ دوليٍّ لإعادة صوغ سوريّة

مع اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيليّ لسلسلةٍ من القرى السورية في الجولان المحتل قبل شهرين تقريبًا، أكّد الجنود للسكان المحليين أنّ وجودهم سيكون مؤقتًا، وأنّ الهدف ...