قتل 340 مدنيا علويا على يد قوات الأمن السورية ومجموعات رديفة لها خلال عمليات تمشيط واشتباكات مع موالين للرئيس السابق بشار الأسد بدأت قبل يومين في المنطقة الساحلية بغرب البلاد، على ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت، غداة دعوة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع المسلحين العلويين الى تسليم أنفسهم.
وتعد الاشتباكات التي اندلعت الخميس، الأعنف منذ إطاحة الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، وتشكّل مؤشرا على حجم التحديات التي تواجه الشرع لناحية بسط الأمن في سوريا، مع وجود فصائل ومجموعات مسلحة ذات مرجعيات مختلفة بعد 13 عاما من نزاع مدمر.
وأورد المرصد “مقتل 340 مدنيا علويا في مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية على يد قوات الأمن ومجموعات رديفة لها” منذ الخميس.
وتحدث المرصد عن “عمليات تصفية على أساس طائفي ومناطقي” و”عمليات إعدام ميدانية” ترافقت مع “عمليات نهب للمنازل والممتلكات”.
وأكد المصدر أن من بين القتلى أكثر من 60 مدنيا بينهم “10 نساء و5 أطفال” في مدينة بانياس بمحافظة طرطوس “أُعدموا رميا بالرصاص”.
وارتفعت الحصيلة الاجمالية منذ بدء الاشتباكات إلى 553 قتيلا، بينهم 213 مسلحا من الطرفين، بحسب المرصد الذي أحصى 93 قتيلا من “الأفراد العسكريين في وزارتي الداخلية والدفاع”، و”120 عنصرا مسلحا” من الموالين للأسد.
وتشهد المنطقة السبت “هدوءا نسبيا”، لكن القوات الأمنية تواصل عمليات “الملاحقة والتمشيط في الأماكن التي يتحصن فيها المسلحون” وأرسلت تعزيزات إضافية، بحسب المرصد.
وأعلن مصدر في وزارة الدفاع لوكالة الأنباء الرسمية السورية سانا “بالتنسيق مع إدارة الأمن العام، إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل، وذلك لضبط المخالفات ومنع التجاوزات وعودة الاستقرار تدريجيا إلى المنطقة”.
وقال إن الوزارة “شكلت سابقا لجنة طارئة لرصد المخالفات، وإحالة من تجاوز تعليمات القيادة خلال العملية العسكرية والأمنية الأخيرة إلى المحكمة العسكرية”.
وأفادت بأنّ قوات الأمن عززت انتشارها السبت لا سيما في مدن بانياس واللاذقية وجبلة بهدف “ضبط الأمن”.
وتصدّت قوات الأمن فجر السبت “لهجوم من قبل فلول النظام البائد” استهدف المستشفى الوطني في مدينة اللاذقية، وفق سانا.
– “ذبحوا جميعهم” –
وبدأ التوتر الخميس في قرية ذات غالبية علوية في ريف اللاذقية على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، وما لبث ان تطور الأمر إلى اشتباكات بعد إطلاق نار مسلحين علويين النار، وفق المرصد.
وقالت السلطات في اليوم الأول إنها تواجه مجموعات مرتبطة بسهيل الحسن، أحد أبرز ضباط الجيش السوري السابق.
وإثر تعرض قوة تابعة لها لكمين في محيط بلدة جبلة، أوقع 16 قتيلا، ارسلت قوات الأمن تعزيزات عسكرية إلى الساحل وفرضت حظر التجول.
وأفاد المرصد إثر ذلك عن وقوع “مجازر” أودت بحياة مدنيين في منطقة الساحل منذ الخميس.
ونشر مستخدمون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا موقع فيسبوك، منشورات تتحدّث عن قتل مدنيين من أفراد عائلات وأصدقائهم ينتمون إلى الطائفة العلوية في المنطقة، لم تتمكّن فرانس برس من التحقق منها بشكل مستقل. وقالت ناشطة إن والدتها وأخوتها “ذبحوا جميعهم في منزلهم”.
ووجه سكان من مدينة بانياس نداءات استغاثة للتدخل من أجل حمايتهم، بحسب منشورات على فيسبوك كذلك.
وشارك ناشطون والمرصد السوري الجمعة مقاطع فيديو تظهر عشرات الجثث بملابس مدنية مكدسة قرب بعضها بعضا في باحة أمام منزل، وقرب عدد منها بقع من الدماء، بينما كانت نسوة يولولن في المكان.
وفي مقطع آخر، يظهر عناصر بلباس عسكري وهم يأمرون ثلاثة أشخاص بالزحف على الأرض، واحدا تلو الآخر، قبل أن يطلقوا الرصاص عليهم من رشاشاتهم من مسافة قريبة. ويظهر في مقطع ثالث مقاتل بلباس عسكري وهو يطلق الرصاص تباعا من مسافة قريبة على شاب بثياب مدنية في مدخل مبنى قبل أن يرديه قتيلا.
ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من مقاطع الفيديو.
– “قبل فوات الأوان” –
تتركز الأقلية العلوية التي ينتمي إليها آل الأسد في منطقة الساحل، وتتواجد كذلك في مناطق أخرى خصوصا في الوسط. وينظر الى الساحل بوصفه حاضنا للعائلة التي حكمت البلاد بقبضة من حديد لأكثر من خمسة عقود.
وكان للعلويين الذين يشكلون نحو تسعة في المئة من سكان سوريا ذات الغالبية السنية، حضورهم خلال الحكم السابق في المؤسسات العسكرية والأمنية التي اعتمدت الاعتقال والتعذيب لقمع أي معارضة.
وحضّ الرئيس الانتقالي أحمد الشرع المقاتلين العلويين ليل الجمعة على تسليم أنفسهم “قبل فوات الأوان”.
وقال الشرع “لقد اعتديتم على كل السوريين وإنكم بهذا قد اقترفتم ذنبا عظيما لا يغتفر وقد جاءكم الرد الذي لا صبر لكم عليه فبادروا إلى تسليم سلاحكم وأنفسكم قبل فوات الأوان”، وذلك في خطاب بثّته قناة الرئاسة السورية على منصة تلغرام.
وتابع “سنستمر بحصر السلاح بيد الدولة ولن يبقى سلاح منفلت”.
ومنذ إطاحة الأسد، نفّذت السلطات الجديدة حملات أمنية بهدف ملاحقة “فلول النظام” السابق، شملت مناطق يقطنها علويون خصوصا في وسط البلاد وغربها.
وتخلل تلك العمليات اشتباكات وحوادث إطلاق نار، يتهم مسؤولون أمنيون مسلحين موالين للأسد بالوقوف خلفها.
ويفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر بحصول انتهاكات تشمل اعمالا انتقامية بينها مصادرة منازل أو تنفيذ إعدامات ميدانية وحوادث خطف، تضعها السلطات في إطار “حوادث فردية” وتتعهد ملاحقة المسؤولين عنها.
أخبار سوريا الوطن١_رأي اليوم