آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » 40 عاماً على «الكفاح المسلّح» | تركيا وأكرادها: لا سلام

40 عاماً على «الكفاح المسلّح» | تركيا وأكرادها: لا سلام

| محمد نور الدين

قدّم سقوط ستة جنود أتراك في معركة مع مسلّحي «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق، الأربعاء الماضي، «المثال الأوضح» على أن المشكلة الكردية في تركيا لم تَجد حلّاً لها بعد مرور 39 عاماً على أول عمليّة نفّذها الحزب ضدّ الجيش التركي، في الـ15 من آب عام 1984، في قرية أروح شرقي البلاد، ما عنى رسميّاً بدء «الكفاح المسلّح» من أجل نَيْل المطالب الكردية.

لا تعود المشكلة الكردية إلى ما قبل 40 عاماً؛ إذ إنها حيّة منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى، حين طالب أكراد تركيا بإقامة حكم ذاتي لهم في جنوب شرق الأناضول، وهو ما أقرّته «اتفاقية سيفر» لعام 1920، بين الدول المنتصرة. لكنّ «حرب التحرير الوطنية» التي قادها مصطفى كمال، نجحت في تعطيل مفاعيل «سيفر»، فيما توقيع «اتفاقية لوزان» اعتُبر هزيمة كبرى لأكراد تركيا، من جراء تجاهلها وجودهم من أساسه. وعلى إثر ذلك، اندلعت انتفاضات متفرّقة في العشرينيات والثلاثينيات ضدّ الدولة، مِن مِثل ثورة الشيخ سعيد بوران عام 1925، وانتفاضات آغري ودرسيم من بداية الثلاثينيات، والتي استمرّت حتى نهايتها. ومثّلت الأربعينيات والخمسينيات فترة «سكون» في الحركة الكردية، ما لبثت شرارات إحيائها أن تطايرت ابتداءً من الستينيات، بالتزامن مع تصاعد النضال اليساري والشيوعي والعلوي. وفي عام 1978، كان تأسيس الحزب الذي سيطبع الساحتَين التركية والشرق أوسطية بتأثيراته الهائلة على مدى العقود اللاحقة، وهو «حزب العمال الكردستاني». ويمكن – بجزم – اعتبار مؤسّس الحزب، عبدالله أوجالان، الملقّب بـ«آبو»، أبرز شخصية كردية في العصر الحديث، و«مشكّل» الوعي القومي الكردي بأبعاده المختلفة ليس فقط في تركيا بل أيضاً في الشرق الأوسط. ويشكّل تاريخ الـ15 من آب 1984، بداية انتفاضة الأكراد في تركيا من أجل الاعتراف بالهوية الكردية الثقافية والسياسية، بما في ذلك «إقامة دولة مستقلَّة».

وعَرفت جدلية المعركة بين «حزب العمال» والدولة التركية، ثنائية الأمن والتنمية، إذ لم تَنظر الدولة بكلّ حكوماتها المتعاقبة – بما فيها حكومة «حزب العدالة والتنمية» -، إلى نشاط الحزب سوى على أنه فعل «إرهابي» لا يمتّ بصلة إلى القضيّة الكردية. وعلى هذا، كانت ترى ضرورة تسليم الحزب سلاحه قبل أيّ مفاوضات معه، فيما كان هو يشترط التفاوض والتجاوب مع المطالب الكردية قبل التخلّي عن العمل المسلّح. كذلك، عَرف مسار الكفاح الكردي المسلّح منعطفاً ثانياً مع اعتقال زعيم «الكردستاني»، أوجالان، في الـ15 من شباط عام 1999، في كينيا، بعدما أُخرج من سوريا في تشرين الأول من عام 1998، على إثر تهديدات تركية باجتياح البلد الجار. ولا يزال الرَّجل معتقلاً في جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة، إلى الآن. وفي سنوات سجنه، سجّلت القضيّة الكردية «تحديثاً» في الطروحات لجهة تخلّي زعيم «الكردستاني» عن حلم «الدولة الكردية المستقلّة»، والمطالبة، بدلاً من ذلك، بحكم ذاتي.

توسّعت الحركة الكردية المسلّحة في تركيا، لتشمل تواجداً مكثّفاً في مناطق شمال العراق

اليوم، مع ذكرى أول عمليّة عسكرية كردية ضدّ الجيش التركي، توسّع النشاط الكردي المسلّح وتغيّرت الخريطة الكردية في المنطقة. فقد توسّعت الحركة المسلّحة في تركيا، لتشمل تواجداً مكثّفاً في مناطق شمال العراق، ولا سيما في مثلّث جبال قنديل على الحدود العراقية – الإيرانية – التركية، حيث قيادة «حزب العمال الكردستاني». وفي العراق، نالت كردستان فدراليتها الأقرب إلى الدولة المستقلة. أمّا في إيران، فإن الحركة الكردية أقلّ نشاطاً لأسباب مختلفة، فيما دخلت مناطق شمال سوريا في ما يسمّيه الأكراد جغرافيّاً «روج آفا» تحت سلطة «إدارة ذاتية» يسيطر عليها «حزب الاتحاد الديموقراطي» السوري (الكردي)، وتَعتبرها أنقرة امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني».
لم يشفع لتركيا نجاحها مع الاستخبارات الأميركية في اعتقال أوجالان، لكنها عملت على الضغط على «حزب العمال» من وقت إلى آخر، من خلال منع محاميه أو أقاربه أو آخرين من مقابلة زعيمه في سجنه، وهو الأمر الذي كان يدفع منظمات موالية للحزب في أوروبا، إلى التظاهر للمطالبة بتحسين ظروف اعتقال أوجالان ومنْع عزله عن العالم. والمرّة الأخيرة التي تكلّم فيها أوجالان إلى أحد، كانت منذ 29 شهراً، وتحديداً في الـ25 من آذار 2021، مع شقيقه محمد الذي اتّصل به هاتفيّاً في مخابرة قصيرة جدّاً تمّ قطعها. والأمر نفسه يسري على ثلاثة معتقلين أكراد آخرين في إيمرالي، هم: عمر خيري كونار، وفيسي آقطاش، وحاملي يلديريم. ويقول محمد أوجالان (69 عاماً) الذي يصغر أخاه عبدالله بخمس سنوات، إن إطباق العزل على أوجالان بالكامل «أمر مقلق»، مضيفاً أن «الأمر يتعدّى مسألة عزل شخص إلى محاولة إبادة رئيس دولة»، إذ إن العزل الذي يتمّ تطبيقه، بحسبه، هو «انتقام من رئيس دولة»، داعياً، في هذا الإطار، إلى التحرّك سريعاً للتثبّت من وضع أخيه و«إنهاء العزل قبل فوات الأوان». ومن جهته، يرى المحامي، إرجان كنار، من «جمعية الحقوقيين من أجل الحرية»، أن الاستمرار في عزل أوجالان هو «جرم إنساني لا مكان له في قوانين العقوبات العالمية»، لافتاً إلى أن «الأمم المتحدة أصدرت، في عام 1955، قراراً يمنع تطبيق سياسة العزل على المعتقلين والمسجونين. وجدّدت الجمعية القرار المعروف باسم “قواعد نلسون منديلا” عام 2015». ولكن تركيا، كما يضيف، «لا تطبّق هذه القرارات أو غيرها من القرارات الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان». وبحسب كنار، فإنه «كما تصدّت منظّمات حقوق الإنسان في الثمانينيات والتسعينيات لقرار إلغاء عقوبة الإعدام، فهي مدعوّة إلى العمل على إلغاء عقوبة “السجن حتى الوفاة” المطبّقة على أوجالان، لأنه ليس فرداً بل زعيم الشعب الكردي، وإيذاؤه إيذاء للشعب الكردي».

ويكتب فايسي صاري أوزين، في صحيفة «يني أوزغور بوليتيكا» المؤيّدة لـ«حزب العمال الكردستاني»، عن اعتقال أوجالان، قائلاً إن «الزمن يعمل لمصلحة الدولة التركية. وحُكم الإعدام الذي صدر في حقّ أوجالان وتحوّل فوراً إلى السجن حتى الوفاة، يتمّ تنفيذه تدريجيّاً»، داعياً السلطات التركية إلى «ألّا تخاف من أوجالان وهو حيّ معتقل، بل أن تخاف ممّا بعد موته». ويضيف أن «أوجالان وحده يمكن أن يجلب لتركيا السلام والاستقرار بطرحه حول الفدرالية. في الأيام التي كان يحصل فيها تفاوض مع أوجالان، كان الاقتصاد التركي يتعافى على أمل إحلال السلام. اليوم، انقلب الاقتصاد رأساً على عقب. لذلك، نقول لتركيا ومن يريدون شرّاً بأوجالان إنهم لن يكسبوا شيئاً بل سيخسرون كلّ شيء».
وفي هذا الجانب أيضاً، يكتب صلاح الدين إرديم، في الصحيفة نفسها، أن «مقاومة الشعب الكردي تدخل عامها الأربعين وقد قدّمت أكثر من خمسين ألف شهيد، وهي لا تزال تقاوم كل أصناف القمع والإبادة وعزل القائد آبو». فخلال الأعوام الـ40 الماضية، كما يقول: «أُحرقت أكثر من أربعة آلاف قرية وتَرك أكثر من أربعة ملايين فرد بيوتهم. وهذا ثمن باهظ دفعه الشعب الكردي». ويرى الكاتب أن سلطة «حزب العدالة والتنمية» دخلت في «أكبر مؤامرة لخنق الشعب الكردي بالتحالف» مع الولايات المتحدة و«الحزب الديموقراطي الكردستاني» (بزعامة مسعود بارزاني)، وتنظيمات «داعش» و«النصرة» و«الإخوان المسلمين». ومع ذلك، «تمكّن الشعب الكردي من كسْر كلّ الهجمات عليه»، وفق الكاتب.

 

سيرياهوم نيوز3 – الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الجامعات البريطانية تلحق بنظيرتها الأمريكية في الاحتجاجات على العدوان الإسرائيلي على غزة

انضمت الجامعات البريطانية إلى الاحتجاجات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وذلك على غرار الجامعات الأمريكية التي شهدت احتجاجات مناهضة للعدوان ومؤيدة للشعب الفلسطيني. وذكرت صحيفة الديلي ...