أيمن فلحوط:
أنفقت وزارة التربية في العام الماضي 6 مليارات ليرة على تمارين الطلاب المهنيين في المدارس والمعاهد التابعة لها، وفقاً لمعاون وزير التربية الدكتور محمود بني المرجة، خلال حوار لـ”تشرين” معه، مضيفاً: هذا رقم ليس بقليل في حال تم تسويق المنتج المتحصل من خلال عمل الطلبة، خاصة أن هذا المنتج كان يتلف سابقاً، ولا تتم الاستفادة منه، على عكس الحالة مع صدور القانون 38 لعام 2021 الخاص بالتعليم الثانوي المهني ومراكز الإنتاج، الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد، ونظّم مسار التعليم المهني، وأتاح في المقابل تسويق الأعمال التدريبية المنجزة من التلاميذ والطلبة، وستكون وزارة التربية هي البداية كمرحلة أولى من خلال إلزام مديرياتها بالصيانة، وهذا سيوفر أعمال الصيانة، والمواد المنجزة ستأخذ طريقها إلى مكانها الطبيعي، بدلاً من عملية الإتلاف، فتصنيع شباك مثلاً سيأخذ مكانه، بدلاً مما كان قائماً سابقاً في اقتصار الفائدة على العملية التدريبية للطلاب فقط، من دون أي فائدة مادية تنعكس الآن على الطلبة والمدرّسين والمشرفين وفق القانون، وتالياً ستُحقق فائدة مزدوجة لكلا الطرفين.
واليوم أكثر من 70 في المئة من ميزانية وزارة التربية تصرف على التعليم المهني.
أرقام في التعليم المهني
يُذكر أن عدد الثانويات المهنية بفروعها الصناعية والتجارية وخياطة الملابس التابعة لوزارة التربية يبلغ 461 ثانوية على مساحة الوطن، وعدد طلابها 89352 طالباً، وعدد المهن التي تدرّس في تلك الثانويات 23 مهنةً، كما يصل عدد المعاهد التقانية إلى 112 معهداً ما بين صناعي وتجاري واقتصاد منزلي، واختصاصاتها الإجمالية 24 اختصاصاً، وتضم بين صفوفها 34886 طالباً.
دعم العملية الإنتاجية
القانون رقم /38/ لعام 2021 الخاص بالتعليم الثانوي المهني، نظم مسار التعليم المهني، كما أشار معاون وزير التربية، وربطه بالإنتاج بما يدعم العملية الإنتاجية ويحقق التنمية المستدامة، وتأمين كوادر عاملة تلبي احتياجات سوق العمل من مختلف المهن، والتدريب في بيئة العمل الحقيقية عن طريق إحداث مراكز تدريب وورشات إنتاج خاصة بالثانويات المهنية، وتالياً تعليم الطالب مهنة أو حرفة يستطيع أن يعمل بها ويتقنها، ويبيع منتجاتها، ويحق للمدرسة البيع وتوقيع العقود.
وأعطى القانون الحركة للتعليم المهني لتشجيع الكوادر التدريسية، لتحقيق دخل إضافي قانوني وكذلك للطلبة، الذين أصبح بإمكانهم الدراسة والحصول على عائد مادي مجز يؤمن له مصروفه، في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها الأهالي، لجهة تأمين مختلف الاحتياجات، ما يشجع الطلبة للانضمام على هذا النوع من التعليم.
حرر التعليم من القيود القديمة
ورأى د. بني المرجة أن القانون حرر التعليم المهني من قيود القوانين القديمة التي كانت تعوق الحركة وإمكانيات التصرف بالتجهيزات، أو في التمارين التي ينجزها الطلبة غير القابلة للبيع قبل صدور القانون، وتالياً كانت تذهب للتلف، وهذا ما سينقذ العديد من المليارات التي كانت تصرف كقيمة مواد تدريبية، وتقتصر الفائدة على التدريب فقط، أما الآن إضافة لتعلم الطالب ستكون الفرصة متاحة أمامه لتسويق منتجه ، وهو ما يرفع مسؤوليته من لحظة إنجازه لأي قطعة من العمل أنها قابلة للبيع، وبمقدار جودتها ستكون عملية التسويق أسرع، وحين تباع سيحصل على عائد مادي مع مدرسه أيضاً، وجميع الكوادر العاملة في إنجاز تلك المهمة.
تخفيف المشكلات
ومنذ فترة قصيرة بدأ العمل بالقانون 38 بعد إنجاز لائحته التنفيذية، وقد أصدر وزير التربية الدكتور دارم طباع تعليماته لكل مديري التربية في المحافظات، لتكون عمليات الإصلاح في المدارس عن طريق التعليم المهني كبداية، وهو ما يؤدي لزيادة حجم العمل على الطلاب والأساتذة، ودخولهم مرحلة العمل الفعلي، والتدريب في أرض العمل، وليس فقط في المدرسة، وسيدمج الطالب من مرحلة الدراسة في بيئة العمل الحقيقية، ما ينتج منه إنساناً ماهراً مدرباً في بيئة حقيقية لا يحتاج لتدريب لاحق للانطلاق والاندماج في هيئة العمل.
وسيضع المدراء موضع المساءلة في حال عدم تنفيذهم للمهام، وتالياً سيخف الكثير من المشاكل التي كانت تنتج عن العقود وتأخرها، ومواضيع الفساد الذي كان يظهر في بعض العقود، وتحقق الوزارة عندها الاكتفاء الذاتي، من منطلق أنها تخدم نفسها بنفسها، وهذا الأمر خطوة أولى، أما الخطوة الثانية فسنقوم بأعمال الصيانة للجهات الأخرى، من خلال تحقيق الشراكة مع الآخرين.
عام التعليم المهني
طرحت وزارة التربية هذا العام شعار التعليم المهني، وفقاً لمعاون وزير التربية، وتالياً سنحاول إنجاز أكبر قدر ممكن من متطلباته لتطويره، ووضع القطار على السكة الصحيحة، ولذلك عمدت الوزارة لتأمين أحدث المخابر التعليمية والتجهيزات التدريبية والحواسيب، وصيانة الأجهزة القديمة، واليوم أكثر من 70 في المئة من ميزانية وزارة التربية تصرف على التعليم المهني، وهو ما يعكس مدى الاهتمام بتطوير هذا النوع من التعليم، لأنه القاطر الأساسي للاقتصاد الوطني.
التشاركية في العمل
وفيما يتعلق بموضوع القرطاسية، مع الآسف الشديد الإمكانات المادية في الوزارة محدودة، لذلك نطرح موضوع التشاركية، ونظام التعليم المزدوج في التعليم المهني يساعدنا على ذلك، والذي يتيح لنا كوزارة إقامة منشأة تشاركية مع القطاعات المختلفة، الخاص والصناعي أو التجاري، وأي جهة ترغب بالتعاون مع الوزارة، فمن الممكن أن يقوموا بتمويل خط إنتاج أو يمولوا مواد أولية لإنتاج منتج معين، ويستفيدوا من المكان لدينا، أو من تجهيزات متوافرة عندنا، مع خبرات الأساتذة والطلبة، كخبراء أو قيادة عاملة تساعدهم في هذا المجال، وتالياً سيكون المشروع ناجحاً.
تصنيع أقلام الوايت بورد
طرحنا عدة مشاريع منها على سبيل المثال تصنيع أقلام الوايت بورد مثلاً، أما ما يتعلق بتصنيع الدفاتر فالأمر بحاجة لمعدات غالية الثمن، لأن خط الإنتاج يتطلب لفافات الورق ومقاطع الورق، وخط تجليد كامل، وهذه التقنيات تكاليفها عالية، وبالتشاركية يمكن أن تحل جميع المشكلات، بالتعاون مع أي مطبعة قائمة حالياً، كما يمكن لها أن تطور خطة عملها، أو توسع إمكانياتها ضمن الفضاء المتاح في الوزارة، وتالياً سيوفر عليهم مئات الملايين، من حيث كلفة المكان أو إشغاله.
خط إنتاج للكمامات
ويذكر الدكتور بني المرجة أن وزارة التربية أنشأت بسبب أحداث كورونا خط إنتاج مؤتمتاً لتصنيع الكمامات الطبية، بأحدث التقنيات، ولديها كميات كبيرة من المواد الأولية كافية لإنتاج 10 ملايين كمامة، لكن المشكلة في التسويق، وإذا ما حصل تعاون بين وزارتي التربية والصحة، وتخطينا الروتين الصعب في مسألة العقود لدى وزارة الصحة ستكون الفائدة مشتركة، ويتم تسويق إنتاجنا، خاصة أن لدينا أكثر من 100 ألف كمامة جاهزة للشحن، علماً أن الطاقة الإنتاجية للمعمل يومياً 50 ألف كمامة.
وخط الإنتاج المؤتمت سيوفر تدريب الطلاب على التعامل مع خطوط الإنتاج الأوتوماتكية، والتقنيات الحديثة والطبية، وهذا سيؤدي لتخريج طلبة مهرة على درجة عالية، أكثر من الواقع الحالي المتوافر لدينا.
مطابع الوزارة لا تكفي
وبين معاون وزير التربية أن الوزارة تستعين بالمطابع الخاصة، لأن مطابعها لا تكفي لطباعة المناهج كافة، ومتطلبات القرطاسية للمدارس، ولو كانت تلك المطابع موجودة ضمن إطار التعليم المهني ستكون الخدمة ذاتية وأرخص، وتساهم في تطوير مهنة أو حرفة كاملة هي مهنة صناعة الطباعة ومستلزماتها، وتالياً الحفاظ على الميزانيات الكبيرة التي تصرف على هذه المواد والطباعة في الخارج، ويمكن أن يكون ذلك مشروعاً مشتركاً مع الوزارة، وفقاً لنظام التعليم المزوج الذي يتيح ذلك.
اتفاقيات
وقد أتاح لنا القانون 38 توقيع اتفاقيات مشتركة في هذا المجال، ولدينا في قطاع صناعات الألبسة عقود مهمة، وتصنيع الحديد اللحام في بانياس، وعقد مشترك مع شركة تابعة لمصفاة بانياس، وبعض شركات الميكاترونيكس تطرح معنا مواضيع للاستثمار تتم دراستها، ولدينا مشروع جديد للتشاركية في مجال المفروشات، إذ تقدمت إحدى الشركات الرائدة في انتاج المفروشات في سورية بعرض جيد للوزارة، ندرسه بجدية للبت فيه بأسرع وقت.
التشبيك مع الآخرين
في إطار التشبيك مع غرف الصناعة ومع شركات القطاع العام أو الخاص لدينا عدة اتفاقيات موقعة، ووزارة الصناعة أعطت توجيهاتها بمنح سجلات صناعية لكل الثانويات المهنية مجاناً، وهو ما سيؤدي إلى توسيع أفق العمل وزيادة مرونته والحركة بالنسبة للثانويات المهنية، لتوقيع عقود خارجية وتنفيذ أعمال خارج وزارة التربية ضمن بيئة وزارة الصناعة، وتالياً تطوير التعليم المهني ويزيد من عائداته، وبإمكاننا بموجب القانون 38 منح الفاتورة ولا داعي للسجل التجاري، لأن ثانوياتنا بحكم العمل مسجلة بغرفة التجارة، ويمكنها ممارسة الأعمال التجارية، فالحركة أصبحت متاحة لكل المدارس وجميع المدراء لتشكيل فرق إدارة لهذه المدارس تكون مسؤولة بشكل كامل عن تأمين المواد الأولية، أو تأمين التمويل والأعمال الضرورية والخبرات اللازمة لتنفيذ أي مشروع ممكن تكلف فيه.
سيرياهوم نيوز 6 – تشرين