في ظل موجة الحرارة العالية التي تشهدها المنطقة عموماً وسوريا خصوصاً تبرز ظاهرة الإجهاد الحراري، مشكلة صحية خطيرة تهدد عمال البناء والصحفيين وعمال الزراعة، ورجال الإطفاء، والعسكريين، وعمال التوصيل، والرياضيين، وعمال المصانع والعاملين في المجالات التي تستدعي خروجهم والعمل في الهواء الطلق خاصةً مع ارتفاع درجات يمكن أن يؤدي إلى إصابتهم بالإجهاد الحراري أو ضربة الشمس.
وعرف الدكتور مصعب برنية اختصاصي أمراض داخلية الإجهاد الحراري المهني بأنه تعرض العمال لحمل حراري زائد نتيجة لظروف العمل البيئية والملابس التي يرتدونها، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم وعادة تكون الأسباب نتيجة العمل في الأماكن المكشوفة، وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، والجهد البدني المبذول، وعدم كفاية فترات الراحة والترطيب.
التشنجات الحرارية
ولفت إلى أن الإجهاد الحراري أو ضربة الشمس يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات أخرى متل التشنجات الحرارية، والطفح الجلدي الحراري بالإضافة إلى تأثيرات طويلة المدى على الجهاز القلبي الوعائي والجهاز التنفسي والكلى مبيناً أن الفئات الأكثر عرضة تشمل عمال البناء، والصحافيين ، وعمال االزراعة، وعمال المصانع، والرياضيين، والأطفال وكبار السن، والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة نتيجة ظروف عملهم في الهواء الطلق والتعرض المباشر لأشعة الشمس والحرارة الشديدة.
غياب الإحصاءات
ولفت برنية إلى أنه لا توجد إحصائيات محددة حول نسبة إصابة عمال البناء والصحفيين بالإجهاد الحراري، ولكن بشكل عام، يعتبر عمال البناء والصحفيين الذين يعملون في الهواء الطلق أكثر عرضة للإجهاد الحراري بسبب تعرضهم المباشر لأشعة الشمس والظروف الجوية القاسية ومن أهم أعراض الإجهاد الحراري تقلصات حرارية، إجهاد حراري، ضربة شمس (حالة طبية طارئة)، أعراض أخرى مثل التعب، الصداع، الدوار، الغثيان، والارتباك. وأكد برنية أنه يجب على أصحاب العمل توفير بيئة عمل آمنة ومريحة بما في ذلك أماكن مظللة وتوفير مياه للشرب ووسائل تبريد إضافة إلى نشر الوعي وتدريب العمال على التعرف على علامات الإجهاد الحراري وكيفية الوقاية منه وتوفير فترات راحة كافية وشرب كميات كافية من السوائل، والحرص على ارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة ويجب تجنب العمل خلال فترات الذروة أو تقليل ساعات العمل.
وأشار برنية إلى أنه تم خلال العام الماضي تسجيل ما بين 100 و120 حالة إصابة بضربات شمس يومياً غالبية المصابين يعملون تحت أشعة الشمس، مثل أصحاب البسطات والعربات وعمال البناء وأصحاب المطاعم وشرطة المرور، وتعود أسباب ضربة الشمس إلى التعرض لفترات طويلة لدرجات حرارة عالية ما يؤدي إلى فشل نظام التحكم في درجة حرارة الجسم، مؤكداً أنه لابد للحكومة أن تقوم يدروها من سن القوانين التي تحمي العمال من الإجهاد الحراري وتطبيق القوانين بشكل صارم وتوفير التوعية للعمال وأصحاب العمل حول مخاطر الإجهاد الحراري وتنفيذ برامج تدريبية للعمال حول الوقاية من الإجهاد الحراري
منظمة العمل الدولية
يذكر أن تقارير منظمة العمل الدولية تشير إلى أن نسبة كبيرة من القوى العاملة في الدول العربية تتأثر بالتعرض المفرط للحرارة في أماكن العمل، حيث يُعدّ الإجهاد الحراري قاتلاً خفياً وصامتاً، يمكن أن يسبب المرض أو ضربة الشمس أو حتى الموت، وتؤكد الدراسة أنه مع مرور الوقت يمكن أن يسبّب للعمال أيضاً مشاكل خطيرة في القلب والرئتين والكلى.
وبشكل عام، تقرير المنظمة للعام المنصرم يشير إلى أن العمال في إفريقيا والدول العربية وآسيا والمحيط الهادئ هم الأكثر تعرضاً للحرارة المفرطة، حيث يتأثّر حوالي 92.9 في المئة و74.7 في المئة من القوى العاملة في هذه المناطق على التوالي بالإجهاد الحراري، وكانت نسبة التعرض للحرارة المفرطة في مكان العمل في الدول العربية أعلى من المتوسط العالمي، حيث أثرت على 83.6 في المئة من القوى العاملة.