آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » حمضياتنا تفضح دعمكم!

حمضياتنا تفضح دعمكم!

| علي عبود

لم نُصدّق ماطالب به وزير الزراعة خلال زيارته إلى محافظة طرطوس ، وكأنّه باشر مهام عمله كوزير للتو أو منذ عدة أيام!

استنتجنا من كلام الوزير أن الجهات المسؤولة في المحافظة بما فيها مديرية الزراعة مقصرة على مدى العقود الماضية لجهة عدم تحديد أي محصول استراتيجي كي تدعمه الحكومة!

على حد علمنا ان الحكومة هي التي تحدد المحاصيل الإستراتيجية وترصد لها مبالغ الدعم بأشكال مختلفة ، وتشتريها بالكامل ، ولا أحد يناقش بأن الزيتون والحمضيات من المحاصيل الإستراتيجية ومع ذلك الحكومة غير مستعدة للإعتراف بهما، وبالتالي هي مقصرة بدعمهما وبتسويقهما!

كنا ننتظر أن نسمع إجابة على سؤال وزير الزراعة : أين محصولكم الإستراتيجي لندعمه؟

نعم .. كان يجب على مسؤول ما ، وتحديدا التنظيم الفلاحي ، أن يتوجه لوزير الزراعة بالقول الفصل والصريح :حمضياتنا فضحت دعمكم المزعوم!

لقد قصّرت الحكومة بتنفيذ توجيه السيد الرئيس بشار الأسد بشراء حمضيات الفلاحين الذين يعانون الأمرّين بتسويقها ، فلم تشترِ وزارة التجارة الداخلية منها سوى النزُر اليسير ، ولم تهتم وزارة الإقتصاد بتصدير إلا القليل جدا منها ، بل إن الحكومة لم تخصص أي جلسة لتذليل الصعوبات التي تعرقل تصدير الحمضيات كمنح الحوافز للمصدرين وتفعيل الإتفاقيات المشتركة مع الدول الصديقة والحليفة!

هل يُعقل ان يُحصر تصدير الحمضيات بالعراق فقط؟

لقد سمعنا كثيرا تصريحات لجهات عامة وخاصة عن فتح خط بحري لتصدير الحمضيات إلى روسيا وبيلاروسيا وغيرهما من الدول الصديقة لكن بلا أي آليات تترجم الوعود والأقوال إلى أفعال!

لقد كشف مدير مكتب الحمضيات ان الكميات المصدرة في موسم 2021 ـ 2022 لم تتجاوز 51 ألف طن من إجمالي الإنتاج البالغ نحو 800 ألف طن في حين لم تشتر السورية للتجارة سوى 7 آلاف طن وبما لايتجاوزالـ 100 طن يوميا لمدة محدودة .. ماذا يعني هذا “الكشف” الرسمي؟

يعني أن الحكومة لم تدعم الحمضيات فقد تركت ماتبقى من المحصول بحدود 700 ألف طن في قبضة التجار وأسواق الهال ،أي مثلما تفعلها في كل عام ،وبالتالي فإن”همروجة” استنفار وزارة التجارة لشراء الحمضيات بأسعار تدعم المنتجين لم تستمر لأكثر من شهر .. فهل هذا هو الدعم الذي وعد به وزير الزراعة بل الحكومة تنفيذا لتوجيهات رئاسية؟

وإذا كانت الحكومة لاتؤمّن المحروقات الكافية لمحصول استراتيجي كالقمح يغنيها عن استيراده .. فهل نتوقع انها ستؤمن المحروقات اللازمة لري الحمضيات التي يجلب تصديرها  القطع الأجنبي ؟

وعندما تكرر وزارة الزراعة معزوفة” تأمين احتياجات بساتين الحمضيات من الأسمدة والأدوية وفق الإمكانات المتاحة”فهذه رسالة مباشرة للفلاحين: لا تنتظروا دعمنا اشتروا مستلزمات إنتاجكم من التجار أوالسوق السوداء!

ويبقى السؤال بمنأى عن الدعم المحدود جدا : هل تسويق الحمضيات عصي على الحل؟

هناك أربع وزارات مع مايتبع لها من مؤسسات وشركات معنية بتسويق الحمضيات هي : الزراعة والتجارة الداخلية والصناعة والإقتصاد ، بالإضافة إلى وزارات أخرى معنية بالتسويق أيضا بصورة غير مباشرة كالمالية والإدارة المحلية ، وبالطبع ليس لدى هذه الوزارات التنفيذية خطة عامة وشاملة لمعالجة المشكلات التسويقية ، فكل واحدة منها لديها مايكفي من الأعذار للتهرب من المسؤولية .

وزارة الصناعة اعتذرت منذ عام 2000 عن إقامة معمل لعصر الحمضيات والفواكه لعدم جدواه الإقتصادية ، كذلك اعتذرت عن إنشاء خطوط للعصير في معامل الكونسروة !

وزارة التجارة لاتخفي عجزها عن حل المشكلة فهي بالكاد تستطيع تسويق كميات محدودة من الإنتاج ..

وزارة الزراعة ترى أنّ مسؤوليتها تنحصر بتأمين المستلزمات ومكافحة الآفات .. وصولا إلى إنتاج وفير ، وبالتالي هي غير معنية بالتسويق من قريب أو بعيد !

وزارة الإقتصاد ترى أنّها أنجزت مايخصّها حيث أصدرت القرارات المتضمنة التسهيلات والإعفاءات الكفيلة بتشجيع تصدير الحمضيات !

حسنا .. بعد سنوات طويلة من المناقشات والمقترحات والقرارات .. هل انتهت مشكلة تسويق الحمضيات .. أو هل عرفنا على الأقل من الجهة المسؤولة عن فشل تسويق الفائض سواء من الحمضيات أو المحاصيل الزراعية الأخرى ؟

عندما يقول وفد أوروبي زار الساحل السوري منذ 25 عاما أنه دُهش للأنواع الكثيرة من الحمضيات التي تبقى دون تصدير وتساءل : هل يعرف أحد ماذا لديكم .. فهذا يعني أن هناك تقصيرا وإهمالا في إيلاء مشكلة التسويق الإهتمام الكافي .. والاّ لما بقيت مشكلة بلا حلول على مدى العقود الثلاثة الماضية !

نفاخر بأن الحمضيات السورية خالية من المبيدات الكيماوية ونظيفة بيئيا وبأن الأسواق العالمية تفضّل هذا النوع من المنتجات .. فلماذا لانستفيد من هذه الميزة ؟

وهاهي أسواق الخليج العربية تستهلك كميات كبيرة من الحمضيات .. فهل تعجز الحكومة أيضا عن دعم تصديرها برا إلى هذه الأسواق “مشمّعة وموضّبة” وبقياسات واحدة في العبوة الواحدة ؟!

الخلاصة : أزمة الحمضيات التي تتكرر في كل عام تفضح الدعم الحكومي المزعوم!

(سيرياهوم نيوز3-خاص بالموقع5-6-2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

آن الآوان لتعديل قانون الانتخابات؟

  علي عبود للمرة الأولى يفعلها مجلس الشعب ويقترح فقدان عضوية ثلاثة فائزين بالدور التشريعي الرابع لفقدانهم أحد شروط العضوية في المجلس، وهو حملهم لجنسية ...