| خير الله علي
تطرح وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك هذه الأيام مقترحا أسمته زيادة النقاط على البطاقة الالكترونية لصالح الشريحة المدعومة، وإلى أن تتوضح ماهية وفحوى هذا المقترح نعود لنقول أن الآلية التي تتدخل بها الوزارة من خلال مؤسساتها المنتشرة في كل مكان، هي آلية ذات جدوى هزيلة لا يكاد يتلمس الناس منها نفعاً اذا بال.
أولا وقبل أي كلام فإن أي تدخل إيجابي من قبل الوزارة، ومهما كان حجمه لن يردم الهوة الكبيرة بين رواتب أصحاب الدخل المحدود والاسعار التي لا تتوقف عن التحليق في فضاء الغلاء الفاحش. ومن هنا فلابد من تغيير مسار وآلية هذا التدخل للوصول إلى نتائج مغايرة ومرضية ومقنعة تثبت وقوف الدولة إلى جانب مواطنيها الأسوأ دخلا والأشد فقرا، لا سيما بعد أن أصبحوا يشكلون نسبة تقترب من السواد الأعظم للشعب.
هذه الآلية يجب أن تنطلق من مبدأ أنه لا يجوز بأي حال ان تكون هذه المؤسسات وسيطا بين القطاع الخاص والمستهلك من خلال تسويق منتجاته، لأن هذه الوساطة أثبتت فشلها، لجهة نوعية السلع التي تستجرها من القطاع الخاص، ولأنها تشكل بابا واسعا للسمسرة والفساد وتقديم منتج سيء للمستهلك، وبأسعار تماثل السوق وأحيانا أعلى من السوق.
وعليه فإن ما يجب أن تقوم به السورية للتجارة هو العودة لتسويق إنتاج القطاع العام فقط ، وعلى البطاقة، وبكميات شهرية تسد حاجة العائلات. وعلى القطاع العام ان يقدم في هذا السياق، أهم حاجات الشريحة المدعومة من المواطنين، او توفير المستورد منها، بأسعار تناسب رواتبهم ومداخيلهم.
ومثال على ذلك فإنه يمكن للقطاع العام أن يوفر موادا تنتجها معامله كالبرغل والحمص والعدس والكونسروة وزيت الزيتون، من خلال شراء المادة الأساسية من الفلاحين مباشرة، وكذلك زيت دوار الشمس والمياه المعدنية، ومحارم كنار ومسحوق سار للغسالات وألبان وأجبان مزارع الابقار العامة، ومادة الطحين والعرق وغيرها وبأسعار التكلفة مع هامش ربح حقيقي.
ونقول أرباحا حقيقية لأن الأرباح التي تحصل عليها الآن، هي أرباح مبالغ فيها، بدليل أنها تماثل أسعار السوق، وتتفاوت أسعارها من محل بيع لآخر، ولأن كل من يكتب ويفهم في الاقتصاد يشير إلى ذلك دائما، هذا فضلا عن أن الأمر أساسا، يقوم على فكرة دعم السلع لشرائح المجتمع الضعيفة التي لا يتوقف المسؤولون عن تمنين الناس بها، بالرغم من أنهم يدفعون ثمنها أضعافا مضاعفة.
وهكذا يتم توزيع منتجات القطاع العام بشرط أن تكون من نوعية ممتازة إضافة للسكر والزيت والشاي والرز والقهوة ويجب أن يضاف إليها المتة باعتبارها مشروبا شعبيا واسع الانتشار.
قد يقول البعض أن مصانع القطاع العام لا تكفي لسد حاجة الناس من السلع التي تحدثنا عنها. والرد على هذا الكلام يكون بالقول: ماالمانع من أن يكون للقطاع العام معامل تنتج هذه السلع في كل محافظة ومنطقة؟ فهل مثلا، يحتاج معمل كونسروة أو معمل انتاج المنظفات إلى ميزانيات ضخمة أكبر من قدرة الدولة؟ لا أظن ذلك.
إن عدم تطبيق هكذا آلية لا يفهم إلا في إطار ترك معاناة الناس مفتوحة، وإلى مزيد من الاتساع، وإباحة السوق لمافيات القطاع الخاص وحيتانه، هؤلاء الذين بات الجميع يعرف أنهم يتدخلون في صناعة القرار، وربما أحيانا يكونون هم أنفسهم أصحاب القرار.
(سيرياهوم نيوز ٦-خاص بالموقع ١١-٦-٢٠٢٢)