*خير الله علي
يقول الشاعر دعبل الخزاعي:
إن السباع لتهدأ في مرابضها ………والناس ليس بهادٍ شرهم أبدا.
وأنت تسير في شوارع طرطوس وتتجول في حدائقها، أو تتمشّى الهوينى على كورنيشها الغربي، قبالة الشاطئ تماما، يتملكك الاستغراب ويعقد لسانك العجب من حجم التخريب والأذى الذي لحق بهذه الأماكن وموجوداتها.. مقاعد مخلعة، حواجز معدنية منهوبة …كبائن كهرباء وهاتف مبعوجة الأحشاء ومهترئة ..أعمدة إنارة مشوهة..أرصفة مكسّرة..مساحات خضراء طالها العبث…الشجر الحزين..مناظر تدمي القلب قبل العين.
هذه الأماكن التي يرتادها الجميع هي ملك عام، لمن لا يعلم، أي لهم منها حق الاستخدام والاستمتاع، ولها عليهم واجب المحافظة والحماية والإهتمام. إنما للأسف، فما أصاب هذه المرافق والأماكن من تشوه وأذى شيء لا يتصوره عقل، وهو أذى ليس ناتجا عن الاستعمال الطويل، أو الاهتراء بفعل الزمن، وإنما، عن سوء الاستخدام والإهمال تارة، وعن التخريب المتعمد والنهب والسرقة في غالب الأحيان.
وهنا يمكن طرح سؤالين. الأول: ما الذي يدفع شخصا لتخريب مقعد في حديقة، أو إزاحة عمود إنارة من مكانه ، أو تحطيم بيت لمبة تنير الشارع، أو تشويه رصيف، أو العبث بأرجوحة؟ أو كسر غصن شجرة، أو سرقة سور معدني؟ أو أو الخ. والسؤال الثاني كيف جرى كل هذا العبث وعلى مدى طويل دون أن تتخذ الجهات المسؤولة والمعنية أي إجراء حيال ذلك؟ سواء لجهة الصيانة أو لجهة ردع المخربين؟
علماء النفس يعتبرون أن ميل الفرد للأذى والتخريب يعود إلى عدة دوافع وأسباب منها : لفت النظر والانتباه إليه نتيجة شعوره بالإهمال، أو بسبب دوافع انتقامية لشعوره بظلم ما وقع عليه، فتكون ردة فعله عنيفة، وهناك أسباب تربوية تتعلق بطبيعة الفرد كشخص في اسرة تميل في ردود أفعالها للعنف.
ومن الأسباب والدوافع أيضا القهر والظلم والحرمان والنقص العاطفي والوجداني والأخلاقي وغياب القانون والعدالة، وعند ذلك يصبح التخريب والعنف سمتين مجتمعيتين فرضهما واقع أليم وقاس.
لا شك أن نشر الوعي وتطبيق القوانين سبل مهمة لكبح شرور البشر، ولجم تصرفاتهم الشاذة للمحافظة على جمال الطبيعة ونظافة الأمكنة وحماية المرافق العامة، ولكن من المؤكد أن القضاء على أسباب الانحراف وعوامل ظهور الشر أكثر أهمية لإيقاف هذا التخريب، والتوجه نحو بناء المواطن السوري المختلف، الحضاري الراقي الذي يشعر أن كل متر مربع في الوطن هو منزله الحميم.
(سيرياهوم نيوز1-خاص بالموقع20-6-2022)