| نقولا ناصيف
تُجرى الخميس الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس مكلف تأليف آخر حكومات العهد. تأخّر موعدها شهراً ويومين مذ اضحت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في حكم المستقيلة. رغم انقسام الكتل على المرشح، إلا أن تأجيلها في اللحظة الأخيرة غير وارد في حسبان رئيس الجمهورية
يضيف: «لا أحد لديه مرشح معلن، والكل يتحدثون عن مواصفات وشروط يطلبونها من الرئيس المكلف غير الموجود بعد. في المقابل أمامنا أسماء تظهر يومياً دونما أن يقول أصحابها هل هم فعلاً مرشحون لرئاسة الحكومة؟ وهل يريدون التكليف؟ هكذا، ندور من حول أسماء لا من حول اسم. للبعض المتداول سِيَر محترمة ومقدّرة وقد نكون في حاجة إليها. نحن في حاجة إلى رئيس حكومة يرافق الأشهر المقبلة التي لا تقتصر على انتخابات رئاسة الجمهورية، وليست الحكومة معنية بإجرائها بل مجلس النواب صاحب اختصاص انتخاب الرئيس. نريد رئيساً للحكومة يمتلك تجربة واحترافاً في معالجة المشكلة الاقتصادية والمالية التي نتخبّط فيها».
يقول الرئيس: «ستحصل حتماً وستخرج بنتيجة، وهو إصدار الرئاسة بيان تكليف، وأنا سأحترم إرادة النواب. أخشى أن نكون امام احتمالين. أول إيجابي ـ وهو ما أفضله ـ أن يتوافر توافق من حول رئيس مكلف بعدد لائق من الأصوات يساعده على تأليف الحكومة. يقلقني أن نكون في المقلب المعاكس، وهو الخروج بنتيجة سلبية تؤدي إلى تسمية رئيس مكلف إما بأصوات هزيلة أو تنقصه الميثاقية أو يفتقر إلى توافق طائفته عليه. عندئذ تصعب مهمة تأليف الحكومة كون تسميته، كرئيس مكلف ضعيف، انبثقت من انقسام نيابي من حوله. مسؤوليتي بصفتي رئيساً للجمهورية إجراء الاستشارات النيابية الملزمة وإعلان التكليف. لاحقاً تبدأ مهمة الرئيس المكلف عند الكتل النيابية، كي يتوافق معها على مواصفات الحكومة الجديدة. كلما انقسمت من حوله تضاعفت مشكلاته. مهمتي الفعلية الأخرى في المشاركة في مراحل التأليف، تأتي لاحقاً لأن رئيس الجمهورية يوقع أخيراً المراسيم. الختم معه».
أما كيف يريد الحكومة المقبلة، فالموقف بعيد من وجهة نظر ميقاتي. يؤيد عون «حكومة سياسية للمرحلة المقبلة، خصوصاً إذا كانت ستواجه استحقاقات وصعوبات. لم يعد في الإمكان القبول بأفرقاء يسمّون وزراء سياسيين، ونحن نسمّي وزراء تكنوقراط. إما كلها من تكنوقراط وليس على غرار الحكومة الحالية بعض وزرائها مقنعون، أو حكومة سياسية. قوة الحكومة في توازنها. عندما تكون حكومة سياسية متوازنة، ماذا يمنع أن تكون حكومة وحدة وطنية؟».
يثير عون أكثر من علامة استفهام حيال ربط أفرقاء بين خلافهم على التكليف واستعجالهم توقّع شغور في رئاسة الجمهورية: «لا أعرف لماذا يتحدثون عن استمرار حكومة تصريف الأعمال أكثر من تحدثهم عن حكومة جديدة، كما لو أنهم يريدون تلك وليس هذه؟ يأتون إليّ ويسألونني هل ثمة انتخابات رئاسية عند انتهاء الولاية؟ أتوا إليّ قبلاً، قبل أشهر من الانتخابات النيابية العامة وثابروا على المجيء حتى الأسبوع الأخير السابق لإجرائها، يسألون هل تحصل؟ كنت أرد بالإيجاب، فحصلت انتخابات 15 أيار. الآن أؤكد أن الانتخابات الرئاسية ستحصل في موعدها. لن يكون فراغ دستوري. سيكون هناك رئيس يخلفني في المهلة الدستورية، وأقدّر انتخابه ما بين 31 آب و21 تشرين الأول، في اليوم العاشر الذي يسبق نهاية ولايتي. إذا شئتَ سيكون رئيس ربع الساعة الأخير. يقيني مبني على أنني لا أراهن، بل أبني موقفي على الدستور الذي هو كتابي. ذلك ما يقتضي أن يفعله مجلس النواب أيضاً».
يضيف: «نحن على أبواب إنجاز التدقيق الجنائي. في 27 حزيران يصل الفريق الرئيسي المكلّف بالتدقيق الجنائي كي ينضم إلى الفريق الحالي في بيروت الذي بدأ الاطّلاع على وثائق مصرف لبنان وملفاته. سأختم التحقيق الجنائي قبل نهاية ولايتي، ولن يُعلن إلا من قصر بعبدا».
يتوسّع في الشرح: «واجباتي طرح التدقيق الجنائي والإصرار عليه، وعمره حتى الآن مذ أقره مجلس الوزراء في 26 آذار 2020 ما يوازي سنتين وشهرين و25 يوماً حتى اللحظة. وحده التدقيق الجنائي يكشف المرتكبين الشركاء والمستفيدين. لم أقل يوماً بأنّ رياض سلامة وحده المسؤول. لديه شركاء. إلا أنه يأخذ بصدره الدفاع عنهم وإخفاءهم وحمايتهم. التدقيق الجنائي يكشف هؤلاء أخيراً.
التدقيق الجنائي لن يُعلن إلا من قصر بعبدا، والحكومة الجديدة أفضلها سياسية
خير مكان له كي يدافع بنفسه عن نفسه هو التدقيق الجنائي الذي سأختم عهدي به. الرجل متورِّط ومُورَّط».
عندما يأتي على ذكر الشركاء بلا أسمائهم، يوحي الرئيس بأنّه يعرفهم واحداً واحداً. هنا يستعيد ما حصل في إفطار أقامه في القصر الجمهوري في 14 تموز 2019. في الإفطار الرمضاني، الجميع كانوا كما يروي: «رؤساء الطوائف والرؤساء السابقون والوزراء والنواب والموظفون الكبار ورجال الاقتصاد والأعمال والإعلام، أصغوا إلى خطابي محذّراً من الانهيار. ما قلته هو أن مسيرة مكافحة الفساد لن تتوقف أياً اشتدت الضغوط وهي حجر الزاوية في العملية الإصلاحية. ما إن انتهيت حتى صفّقوا جميعاً، جميعاً بلا استثناء. لم يعترض أحد أو يسجّل ملاحظة. عندئذ قلت من خارج نص الخطاب: ما دمنا كلنا متفقين أصبحت العملية أكثر سهولة. طبعاً كنت في واد، وكانوا في واد آخر».
أما كيف ينظر إلى المتبقّي من ولايته، أقل من خمسة أشهر، وهو في مواجهة تحديات شتى تستهدفه؟ يقول باقتضاب: «لست ضعيفاً. لم أكن كذلك مرة في أيّ من مراحل حياتي ومواقعي. في الأشهر الأخيرة لست حتماً ضعيفاً، لكنني قرفان».