على أهمية قطاع الدواجن الكبيرة في توفير الأمن الغذائي للسوريين إلا أنه تراجع بشكل كبير في الفترات السابقة وكاد أن يصل إلى الانهيار والتدمير ، المشكلة الأساسية كانت في ارتفاع سعر الصرف وتالياً ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة بشكل جنوني فاقت قدرة المربين ما تسبب لهم في خسائر فادحة نتج عنها خروج حوالي 80% منهم من الخدمة .
مربو الدواجن يلقون اللوم على الحكومة التي لم تحرك ساكناً في هذا الشأن وانما اقتصر دورها على الاجتماعات والوعود المتكررة بمساعدتهم لكن من دون جدوى ، ويتهمونها بتمويلها تجار الأعلاف الذين يستوردون بسعر مدعوم ويبيعونه بسعر السوق السوداء من دون أي محاسبة أو متابعة لهم وهذا ما أثر سلبا على مربي الدواجن حسب قولهم ، وإنه من الصعب في الوقت الحالي انقاذ هذا القطاع بعد الخسائر الكبيرة للمربين وعدم قدرتهم على تعويضها.
معاناة المربين
كبار مربي الدواجن وعنهم حكمت حداد يقول: بدأت معاناة قطاع الدواجن من حوالي سنتين عندما أصبح هناك فائض انتاج مقارنة مع الطلب الموجود في السوق وانخفاض القوة الشرائية تزامناً مع ارتفاع سعر الصرف الأمر الذي أثر على المربين ، إضافة إلى زيادة أسعار الأعلاف بشكل جنوني حيث بدأ يقل الطلب على الصيصان من قبل المربين بسبب الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم ، بينما القليل منهم استمر بالعمل على أمل أن يتحسن سعر الفروج والبيض وربما يستطيعون تعويض خسارتهم، لكن ما حدث كان العكس حيث ازدادت خسائر المربين ولم تعد لديهم القدرة على التربية ، فقد انخفض سعر الصوص بين 20- 50 ليرة رغم أن تكلفته كانت 300 ليرة ، إضافة إلى ذبح أفواج الأمات بأعداد كبيرة إلى أن خرج 70% منها من السوق ما رتب على المربين خسائر بمئات ملايين الليرات ، كاشفاً أنه منذ أواخر العام الماضي وحتى الشهر السابع من العام الحالي لم يبع أكثر من 10 % من كميات الصوص التي كانت تباع سابقاً ، وأن أكثر من 80% من المربين خرجوا من الخدمة .
محاباة تجار الأعلاف
وأوضح حداد أنه كان بإمكان البنك المركزي أن يصدر نشرة يذكر فيها أسماء التجار الذين استوردوا أعلافاً بدولار مدعوم ومعرفة الحكومة فيما إذا باع التجار فعلاً بسعر مدعوم ؟ إلا أن هؤلاء باعوا الأعلاف للمربين بسعر السوق السوداء ، ويتساءل: لماذا لا توجد متابعة لهؤلاء التجار ، منوهاً بأنّ الحكومة « تركت الحبل ع الغارب».
ويرى حداد أنه من الصعب انقاذ القطاع في الوقت الحالي حيث تأخرت الحكومة كثيراً في ايجاد حلول واقتصر دورها على عقد الاجتماعات مع الوعود المتكررة بمساعدة المربين لكنها على أرض الواقع لم تحرك ساكناً بهذا الشأن ، لافتاً إلى أنه إذا أرادت بشكل جدي مساعدة المربين يجب أن تدعم الأعلاف وتبيعها بنصف قيمتها للمربي أي أن التاجر يستورد ويسلم للمربي بحيث تعطيه الحكومة فرق الكلفة، بمعنى المزارع يدفع النصف والدولة تتكلف بالنصف الآخر .
الأعلاف متهمة بأنها كانت السبب الأساسي في خروج عدد كبير من المربين من الخدمة وكذلك ساهمت في ارتفاع منتجات الدواجن بشكل ملحوظ..
فتح دورات علفية للدواجن
المدير العام للمؤسسة العامة للأعلاف المهندس عبد الكريم شباط أشار إلى أنه وبهدف دعم قطاع الدواجن قامت المؤسسة بفتح دورة علفية للدواجن يتم من خلالها توزيع المواد العلفية (ذرة صفراء- كسبة قطن– شعير) منوهاً بأن المؤسسة قامت منذ بداية العام بفتح عدة دورات علفية للدواجن إلا أن الكميات التي تقدمها المؤسسة لا تغطي كامل احتياجات قطاع الدواجن، لكنها تقوم بتوزيع المواد العلفية بأسعار مناسبة فعلى سبيل المثال مادة الذرة الصفراء سعرها / 338/ ألف ليرة للطن الواحد ومادة كسبة القطن بسعر / 300/ ألف ليرة ، ومادة الشعير بسعر / 220/ ألف ليرة للطن الواحد علماً أن مؤسسة الأعلاف قامت ومن خلال المؤسسة السورية للتجارة الخارجية بالإعلان عن استيراد كمية /50/ ألف طن من مادة كسبة صويا و /50/ ألف طن أيضاً من مادة الذرة الصفراء لتلبية حاجة قطيع الدواجن .
وذكر شباط عدة مقترحات من شأنها مساعدة ودعم قطاع الدواجن أهمها: ضبط أسعار المواد العلفية في السوق المحلية ، إضافة إلى تمكين المؤسسة العامة للأعلاف من استيراد الكميات الكافية من المواد العلفية لحاجة قطيع الدواجن والأهم دعم قطاع الدواجن للاستمرار بعمله عن طريق تقديم التسهيلات المختلفة للمربين.
صعوبات
تشير المعلومات الواردة لدينا من المؤسسة العامة للدواجن أنّ هذا القطاع يعاني الكثير من الصعوبات أبرزها ارتفاع كلفة مدخلات الإنتاج التي يتم استيراده بالكامل من الخارج لا سيما المواد العلفية (الذرة الصفراء وكسبة فول الصويا) والتي تشكل كلفتها 75% من كلفة الإنتاج ويتم تسعيرها من التجار بناء على سعر الصرف المتداول ما شكل خسائر فادحة لدى المربين لكون منتجات الدواجن (الفروج- البيض – الصيصان ) تباع بالليرة السورية وعملية التسعير ترتبط بالعرض والطلب ما أدى إلى خروج عدد كبير من المربين قسرياً من العملية الإنتاجية بسبب الخسائر المتلاحقة الناتجة عن الفارق الكبير بين سعر المدخلات وسعر المنتج وتالياً أدى إلى انخفاض عرض منتجات الدواجن بالأسواق وارتفاع أسعارها بشكل غير مسبوق رغم تدخل مديريات التموين في المحافظات لضبط الأسعار في الأسواق.
دعم مادي للمربين
وتكشف معلومات (الدواجن) أنه وفي الفترة الماضية قامت الحكومة بإقرار دعم مادي لمربي الدواجن ليتكمنوا من العودة إلى عجلة الإنتاج كما تم التوجيه بإعادة تنشيط زراعة المواد العلفية وخاصة الذرة الصفراء بدءاً من العام القادم والتي كانت تدخل سابقاً ضمن الخطة الزراعية في المنطقة الشرقية إلا أن العمليات الإرهابية دمرت قنوات الري الخاصة بزراعة هذا المحصول الاستراتيجي ما أدى إلى توقف زراعة الذرة خلال الفترة الماضية، كما تم الإعلان عن استيراد كميات كبيرة من الذرة الصفراء وكسبة فول الصويا والتي سيتم طرحها في الأسواق بأسعار منافسة من المؤسسة العامة للأعلاف ما ينعكس إيجاباً على متوسط سعر العلف وتالياً انخفاض تكاليف الإنتاج ما يساهم بعودة المربين إلى العملية الإنتاجية وتوفر المنتجات لاحقاً في الأسواق وانخفاض أسعارها تماشياً مع قانون العرض والطلب.
للخبراء رأي آخر فيما يحدث في قطاع الدواجن من انهياره شبه التام ، والأهداف من وراء ذلك هو استيراد المجمّد حسب قولهم
أيادٍ خفية
الخبير في الإنتاج الحيواني المهندس عبد الرحمن قرنفلة أشار إلى وجود أياد خفية تسعى إلى تدمير قطاع الدواجن بغية استيراد المجمد غايتها المزيد من الثراء الفاحش ، وأنّ اتساع رقعة الاتجار باللحوم عبر البحار يحمل مخاطر صحية جسيمة تتمثل بإمكانية نقل وتوطين أمراض مشتركة تصيب الانسان والحيوان معاً.. ، إضافة إلى سوء التخزين حيث تقوم الشركات بتجميد ذبائح الدجاج وفي مرحلة انتقالها للبائعين تفقد درجة البرودة الخاصة بها وهو ما يؤدي إلى تكوين بعض البكتيريا فيها، مشيراً إلى أن بعض الشركات تستخدم أسلوب درجة الحرارة العالية في التخزين وهو ما يفقد ذبائح الفروج قيمتها الغذائية ومن الممكن أن تتعرض للفساد الكلي، والأخطر من ذلك كله احتمال الاعتماد على الهرمونات في تغذية الدجاج المستورد حتى تنضج سريعاً ويتم ذبحها وبيعها بحجم كبير، مضيفاً: استيراد ذبائح لحم الفروج يعتبر كارثة اقتصادية تساهم بتدمير قطاع الدواجن الذي يعتبر أهم دعائم الاقتصاد الزراعي فضلاً عن حاجته لحجم كبير من القطع الأجنبي الذي تعتبر البلاد حالياً بأمس الحاجة له، علماً أنّ استيراد لحوم الفروج يساهم بتدمير مصادر رزق عشرات الآلاف من الأسر التي تعمل في قطاع تربية الفروج.
أسباب التراجع
ولفت قرنفلة إلى غياب إستراتيجية وطنية لتنمية وتطوير قطاع الدواجن، كذلك لعبت فوضى الإنتاج وعدم تنظيم مهنة تربية الدواجن وغياب الرقابة على تطبيق إجراءات الأمن الحيوي في منشآت تربية الدواجن دوراً كبيراً في إلحاق الخسائر بالمنتجين نتيجة ارتفاع نسب النفوق والفاقد في الإنتاج، مشيراً أنّ سياسات التسعير القسري لمنتجات الدجاج من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من دون النظر إلى تكاليف الإنتاج الفعلية أدت إلى تعميق خسائر المربين وخروجهم من الخدمة، كما ساهمت سياسات التمويل التي يفرضها المصرف الزراعي التعاوني في عزوف المربين عن التعامل معه واللجوء إلى الممولين من القطاع الخاص الذين عمل بعضهم على فرض شروط إقراض أدت الى إفلاس كثير من المربين، إضافة إلى فتح مساحات واسعة للغش بالمواد العلفية ألحقت خسائر كبيرة بالمربين، وأيضاً ضعف الإرشاد والتوجيه الفني واستغلال بعض الأطباء البيطريين مهنتهم وتحول دورهم إلى تجار أدوية ومستحضرات طبية بيطرية ساهم برفع تكاليف الإنتاج وتراجع نسب ربح المربين,
(سيرياهوم نيوز-تشرين)