غصون سليمان:
لدينا من الخبرات الوطنية الكفوءة والمبدعة ما يجعلنا أن نرمم بعض اوجاعنا وثغراتنا في معاناة البحث العلمي وتقاناته وتوصيفاته إذا ماتوفرت له البيئة المناسبة والملائمة والإرادة في العمل والتخطيط، وتشابك الأدوار على المستوى الاستراتيجي.
لعل مؤتمر الباحثين السوريين المغتربين قدم إضاءة غنية جداً عن كنوز معرفية في الجامعات السورية وخارجها يجب استثمارها في كل المجالات.
وفي هذا السياق وضمن الأوراق البحثية نشير إلى ماقدمته المهندسة نور علي دكتورة بكلية الزراعة جامعة دمشق والتي شاركت بمؤتمر الباحثين السوريين المغتربين بملصق علمي يتعلق بالتقاتات الحيوية التي تم استخدامها بداية في المجالات الطبية، حيث تكمن فائدة هذه التقانة على المستوى النباتي والتي تعرف بالجيواس، أو عبارة عن دراسة الارتباط على مستوى الجينوم البشري كاملا، أنه حين نريد تحسين أي صنف نباتي خاصة في ظروف الإجهادات الإحيائية واللاإحيائية الموجودة عندنا، فالرغبة تتجسد لدينا بإدخال النباتات ببرامج التربية ،بحيث نأخذ نبات ونهجنه مع نبات آخر يستغرق مدة عشر سنوات، وبالتالي يمكن الحصول على نتيجة إيجابية ويمكن عكسها.
لكن بتقانة الجيواس على مستوى الجينوم كاملاً حسب تأكيد المهندسة علي أننا قادرون مثلاً على افتراض القمح من تأمين واتيان كل ماله أصناف وسلالات، والتي يمكن أن تبلغ المئات، وبالتالي يمكن إدخالها ببرنامج عن طريق استخدام تقانة تعرف “بالماس” أو ادخار استخدام المعلمات الجزئية بمعنى يمكن من ١٠٠-٢٠٠ نبات أن نصل أونحصل على خمسة أصناف نباتات واثقة تماماً، أي أن المورثة تساعدنا بتحسين الصنف الموجود فيها، وبالتالي اختصار عشر سنوات بعمل سنتين.
وبينت المهندسة علي أنه من خلال البحث الذي قدمته في جامعة الصين هدفه الوصول إلى مورثات تعرف بمورثات مسؤولة عن كفاءة استخدام المدخرات الغذائية فإذا كان محصول الأرز ينمو عنده البادرات بسرعة بحيث يقل استهلاك الماء وجهد العمالة الموجود، وبدلاُ من زراعة الأرز على ارتفاع ٨٠ متراُ يمكن زراعتة على ارتفاع ٢٠سم من الماء، وهذا البحث يعتبر الثالث عالمياً من ناحية هذه المورثة والوصول لها، لافتة أنه كان يفترض إكمال هذا البحث في جامعة الصين لكن الظروف فرضت العودة، مشيرة أن فكرة البحث ماتزال بسيطة في بلدنا ولايوجد معرفة كاملة بحيثياته، بكيفية تطبيقه وتفعيله خصيصاً بالقطاع الزراعي.
* صعوبات التطبيق..
وكما قالت المهندسة علي في حديثها للثورة أن أول صعوبة تواجهنا عندما نريد العمل بهذه التقانات كباني تكنولوجي هي المعلمات الجزيئية، أو الواسمات الجزيئية، والواسم الجزيئي بالمفهوم البسيط هو إعطاء نقطة علام للمكان الذي ادلك عليه، لكن المشكلة بالمعلمات الجزئية هو غالبا ما تأتينا من الخارج، ونحاول تأمينها حالياً عن طريق هيئة التقانة الذرية من خلال إعطائهم تسلسلاً معيناً، فعندما نعمل بتقانة مثل”الجيواس والماس” فإننا نتحدث عن معلمات جزئية يفوق عددها ال ١٠٠ إلى ٢٠٠ معلم جزيئي وتكون موزعة على كامل الخريطة الوراثية وهذه واحدة من الصعوبات.
والصعوبة الأخرى التي ذكرتها علي تتعلق بتأمين المواد التي نحتاجها ضمن المخابر، مع الشكر لجامعة دمشق التي تحاول تأمين هذا الشيء بين الفترة والأخرى.
أيضا هناك نقص بالتجهيزات، ونقص بالخبرة وهنا لابد أن نعترف بذلك.
وأعربت علي عن سعادتها للمواضيع الجديدة التي تم الاطلاع عليها وعرضها في مؤتمر الباحثين السوريين المغتربين إذ لم نعد بحيز المواضيع التقليدية ضمن الخطة التعليمية للجامعات السورية لذلك نجد أن الصعوبة تكمن بعدم وجود الخبرات الكافية حول المعارف والمواضيع الجديدة، وبالتالي فإن تطبيق مثل هذه التقانة بحاجة إلى تعاون كامل مع هيئة الطاقة الذرية، بحيث يكون لدينا مكتبات كاملة لهذه المعلمات أو الواسمات الجزيئية من ألفها إلى يائها بما لانضطر للانتظار أشهرها حتى تصلنا من الخارج.
مع ملاحظة أنه لدينا خبرات بهيئة الطاقة الذرية لتصنيع مانحتاجه بشكل دوري ودائم، لاسيما وأن الخرائط الوراثية منشورة والمعلمات الجزئية موجودة بشكل متسلسل مايساعد على التصنيع وتوفيرها للجهات المعنية عند الطلب.
* توفير المادة النباتية..
وأشارت الدكتورة علي إلى أنه لدينا إشكالية بهيئات البحوث الزراعية من ناحية توفير المادة النباتية، على أن تكون المادة النباتية موثقة بشكل نظامي من حيث معرفة “نسبها، مصدرها، مواصفاتها، من أي منطقة”، بمعنى أننا بحاجة إلى بنك وراثي فعلي تحت إشراف خبراء وخبرات مختصة بهذا الشأن.
كما أنه لابد من توفير مساحات كافية من الأراضي بما يحافظ على جملة الأصناف الموجودة لدينا ،فمن المعروف عالمياً أن سورية هي عبارة عن مستودع لذخيرة وراثية لأصناف عديدة ليست طبيعية ” نباتات برية مختلفة”.
لذلك يفترض أن يكون لدينا حسب رأيي المهندسة علي هيئات مسؤولة عديدة عن هذا الموضوع، والعمل على إكثارها وإعادتها بعدما خسرنا خلال الحرب العدوانية على بلدنا العديد من الذخائر الوراثية التي تعتبر كنوزاً بكل ما للكلمة من معنى ودون مبالغة.
وبينت أيضا أن هذا العلم تشاركي وليس حكراً على مؤسسية أو منظمة او شخص معين.
مشيرة إلى وجوب الاهتمام بهذا القطاع العلمي نظراً لوجود عدد كبير من من الباحثين السوريين القادمين من الخارج، ولدينا معارفنا الكثر وأساتذتنا في الجامعات السورية والمشاريع التي نعمل عليها، متمنية على وزارة التعليم العالي والجامعات أن يجذبوا هؤلاء الخبراء والأشخاص في الجامعات الأخرى ليأتوا إلينا ويدرسوا عندنا، وأن يقدموا ويعطوا اللبنة الأولى لطلابنا وهذا ليس خطأ أو عيباً، فلدينا طلاب عباقرة يحتاجون لبعض المفاتيح العلمية السليمة والصحيحة للانطلاق والبحث.
فسواء كانت الخبرات السورية في الخارج، أو الخبرات الأجنبية، هناك أسماء مهمة على مستوى العالم لديها رغبة للقدوم إلى البلد، وهناك العديد من الزملاء لديهم القدرة على جذب العديد من الخبرات والكوادر التدريسية المهمة والمتميزة في مجال علوم التقانة الحيوية حسب كل مجال.
اخيرا نشير أن المهندسة نور علي دكتورة بكلية الزراعة جامعة دمشق، خريجة العام ٢٠١٠ من قسم المحاصيل الحقلية جامعة دمشق.
أكملت الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه في جمهورية الصين الشعبية، شاركت بمؤتمر الباحثين السوريين المغتربين الذي عقد بالفترة من ٤-٦ تموز الحالي.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة