لؤي تفاحة
تشكّل زراعة الزعفران، أو كما يُسمّى “الذهب الأحمر”، أحد أهم الزراعات الواعدة في المنطقة الساحلية لأن المناخ مناسب لها، ولكن بشرط أن تتوفر مستلزمات نجاحها من دعم وتشجيع للمزارعين من البذرة إلى التسويق.
وبحسب المهندس الزراعي محمد ديب أحد المهتمين بزراعة الزعفران أن جبال المنطقة الساحلية من أخصب الأراضي المناسبة لزراعته، خاصة وأن نسبة الهطولات المطرية فيها جيدة ولا تقلّ عن /600/ مم بالحدّ الأدنى مما يشكل تربة طينية مع نسبة حموضة بين 7-7,5 وبذلك لا تحتاج الأرض لسماد معدني أو كيماوي، نظراً لخصوبة الأرض الساحلية ولجودة الإنتاج، ولتكون المعلومة دقيقة فقط تحتاج التربة للقليل من السماد العضوي المخمّر وليس الرطب أو الجديد.
مواسم الزراعة
وعادة ما تتمّ زراعة الزعفران اعتباراً من منتصف شهر آب ولغاية نهاية شهر أيلول من كلّ عام، وحسب طبيعة كل منطقة من الجبال الساحلية، وبيّن المهندس ديب أن عملية تفتح الأزهار تكون خلال شهر نيسان، أما عملية جني المحصول فتتمّ خلال شهري أيار وحزيران، مشيراً إلى أنه يمكن قلع البصلات وإعادة الزراعة بشكل أوسع، لافتاً في الوقت نفسه إلى إمكانية ترك البصلات في الأرض لمدة سبع سنوات متتالية وتبقى قادرة على إنتاج أزهار وبصلات، ولكن بعد العام السابع لا بدّ من إعادة زراعتها من جديد، بحسب المهندس ديب.
فوائد طبية متعددة
من المعروف أن لنبتة الزعفران فوائد طبية كثيرة، فهو يعتبر من أقدم وأغلى التوابل في العالم حيث يباع بالغرام كالذهب، ويتطلّب إنتاجه جهداً وصبراً، وبحسب المعلومات أنه لكي نحصل على غرام واحد من الزعفران المجفّف يتطلّب ذلك قطف نحو 150 زهرة واستخراجه منها، وبخصوص فوائده الطبية تفيد خبيرة التغذية الدكتورة هيام مسوح أن للزعفران دوراً فاعلاً في مقاومة التشوهات الجينية الوراثية، ويستخدم في معالجة بعض أنواع الأورام كونه يحتوي على مضادات الأكسدة، إضافة لاستخدامه كمسكن للآلام وتنشيط الذاكرة نظراً لاحتوائه على مادة الكاروتينيات، كما تدخل بعض مكوناته في الصناعات التجميلية وصباغ الألبسة وغيرها.
وتؤكد المصادر الطبية أن الزعفران مصدر جيد لبعض الفيتامينات والمعادن، إذ يحتوي على بعض الفيتامينات مثل: فيتامين ج، وفيتامين ب1، وفيتامين ب2، وفيتامين ب3، وفيتامين ب6، والفولات، وفيتامين أ، كما يحتوي على بعض المعادن، مثل: الكالسيوم، والحديد، والمغنيسيوم، والفوسفور، والبوتاسيوم، والصوديوم، والزنك، ويعدّ مصدراً غنيّاً بعنصر النحاس، والذي يدعم الجهاز العصبيّ، ويساعد على إنتاج خلايا الدم الحمراء.
الدور المطلوب
محمد حسين رئيس اتحاد فلاحي طرطوس أشار في حديثه لـ”البعث” إلى أن الجمعيات والروابط الفلاحية المنتشرة في مناطق زراعة الزعفران تلقت دعماً من الأمانة العامة السورية للتنمية لجهة تأمين البصلات مجاناً، لافتاً إلى العمل الجاد على تأسيس جمعيات خاصة لتسويق المنتج كجمعية “تلة” في الشيخ بدر وجمعية “بستان الصوج” في منطقة الدريكيش، حيث تشير المعلومات إلى نجاح هاتين التجربتين بامتياز. وبيّن حسين أن الاتحاد حريص جداً على تقديم كافة التسهيلات والإرشادات والندوات ومستلزمات الإنتاج بالتعاون مع الأمانة العامة، وتمنّى رئيس الاتحاد أن تلقى زراعة الزعفران الاهتمام المناسب بما يساهم في انتشارها بشكل واسع وتحقيق ربح جيد للمزارع.
خطوة لا بد منها
ويبقى أن نقول إنه على الرغم من هذه الأهمية للزعفران الأحمر الذي يدخل ضمن تحسين مداخيل الاقتصاد الوطني والناتج المحلي لعدد من الدول، إلا أن نجاح تجربته في سورية والمنطقة الساحلية على وجه الخصوص يبقى مرهوناً بمدى توفير مستلزمات نجاحه وتحقيق الغاية المرجوة من زراعته، بمعنى يحتاج للدعم الفعلي على الأرض بعيداً عن الكلام الكثير، ولعلّ من أهم الخطوات الداعمة، العمل على فتح أسواق تصديره وتسويقه، وإلا سوف تكون زراعته عبئاً إضافياً يكون المزارع أول ضحاياها، كما هو حاصل بالنسبة لباقي الزراعات التي فشلت فشلاً ذريعاً على الصعيد الاقتصادي والمادي تحديداً بسبب غياب الأسواق الخارجية، وعدم قدرة الأسواق المحلية على امتصاص الفائض الكبير منها، فهل من يسمع قبل أن تبدأ زراعته بشكل جديّ؟!.
(سيرياهوم نيوز1-البعث24-7-2022)