نبيه البرجي
من يملك المال يملك جامعة الدول العربية . تماماً كمن يمتلك مقهى للشيشة , في حي الخليلي في القاهرة , أم محلاً لبيع الأواني الخزفية في حي الزيتونة في تونس , أم مطعماً للشيشكباب في حي الكلاسة في حلب .
مبعوث أممي لليمن , مبعوث أممي لسوريا , مبعوث أممي لليبيا . أين هو المبعوث العربي الذي يضع كل ثقله (ثقل الذبابة) لحل الأزمة في كل من الدول الثلاث ؟ عندنا , بين سنة وأخرى , يطل علينا أحمد أبو الغيط , أو مساعده حسام زكي , (مسافر زاده الخيال) ليعلن وقوفه الى جانبنا . الى جانبنا في طوابير الخبز , وفي طوابير البنزين , وفي طوابير الذل أمام المصارف .
هذا بعد أن يعلن أبو الغيط افتتانه بالأطباق اللبنانية , والى حد القول “حين أتناول الطعام عندكم , أشعر أنني في الجنة” . لم ير جهنم التي تحيط بنا من كل حدب وصوب . ألا تريد حورية من الجنة يا صاحب السعادة ؟؟
منذ تأسيسها في الأربعينات من القرن الفائت , ماذا فعلت الجامعة في ميثاق الدفاع المشترك , وفي السوق العربية المشتركة ؟ تظاهرة فارغة للطرابيش الفارغة …
حتى بالنسبة الى القضية الفلسطينية التي كانت توصف بالقضية المركزية . مبادرة ديبلوماسية في قمة بيروت عام 2002 , صاغها توماس فريدمان , وهي أقرب الى الفضيحة الديبلوماسية لخلوها من البدائل , حتى اذا ما أضيف اليها النص الخاص بعودة الللاجئين , وهذا هو جوهر القضية , سقطت بالضربة الأميركية , كما بالضربة الاسرائيلية , القاضية .
قمم دورية هي نسخة عن اللوياجيرغا الأفغانية . مجمع لشيوخ القبائل لفض نزاع حول رعاية المواشي , أو لعقد الصلح بين قبيلة وقبيلة بسبب اختطاف أحد الشيوخ زوجته التاسعة (هذا ما حدث فعلاً ) , وبحفل زفاف على وقع أم القنابل الأميركية .
كلامنا تعقيباً على ما تردد حول زيارة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة لدمشق من أجل البحث في عودة سوريا الى الجامعة . سوريا التي رددنا دوماً أنها أعطت روما سبعة أباطرة , وأنتجت زنوبيا التي دقت أبواب الأمراطورية . سوريا التي يستضيف ترابها كنيسة حنانيا , كما رفات صلاح الدين الأيوبي ومحيي الدين بن عربي .
سوريا , أميرة العروبة , طردت من الجامعة لأن بشار الأسد لم يسلم مفاتيح دمشق لا للسلطان العثماني , ولا للحاخام اليهودي , ولأنه لم يفتح أبواب دمشق أمام تلك الحثالة التي طالما قلنا انها الآتية من قاع الايديولوجيات , ومن قاع الأزمنة …
لكننا شاهنا رجب طيب اردوغان الذي استخدم “الاخوان المسلمين” كنيوانكشارية لغزو دمشق , ولغزو مكة , ولغزو القاهرة , ولغزو تونس , ضيف شرف في احدى القمم العربية , ريثما يأتي دور بنيامين نتنياهو , كتكريس للكوندومينيوم التركي ـ الاسرائيلي في المشرق العربي .
على كل , أين هي ديبلوماسية منتصف النهار التي كانت تعتمدها الجزائر في وقف الصراعات العبثية بين العرب والعرب ؟ الآن , ديبلوماسية منتصف الليل التي وصفها ونستون تشرشل , لدى اندلاع الحرب الباردة , بعد سنوات قليلة من يالطا , بـ”ديبلوماسية الأشباح” !
لعمامرة لم يعرّج على بيروت , ربما بسبب الجانب الكوميدي من أزمتنا (أو أزماتنا) , بحصار من الأشقاء العرب , بالدرجة الأولى , لأننا نرفض أن نكون القهرمانة في حضرة الهيكل , وان كان الكثيرون من بني قومنا , وهنا الوجه الكوميدي (أم الوجه التراجيدي ؟) , يفضلون الدولة التافهة . الدولة المرتهنة لكل أشكال القناصل ..
هكذا يتابعون , بشغف منقطع النظير , تصرفات , وملابس , أحدهم , وهو ابن فنان معروف , وان كانت أشبه ما تكون بتصرفات , وملابس , السعادين , دون أن نغفل , كحالة مؤثرة في مسار حياتنا , أمل طالب بالشفاه الاصطناعية وبالمايوه الأبيض , كما لو أنها اليزابت تايلر أو جينا لولو بريجيدا ..
لماذا ديبلوماسية الأشباح , وماذا تعني العودة الى الجامعة اذا لم يندد أي صوت عربي , بالانتهاكات التركية , وبالانتهاكات الأميركية , وبالانتهاكات الاسرائيلية , لسوريا … شقيقتنا الجريحة ؟
لكننا عرب أورشليم , لا عرب دمشق . دعوة أخرى الى نبش عظام يعرب بن قحطان لكي تذروها , مثلما تذرو عظامنا , الرياح …
(سيرياهوم نيوز1-الديار30-7-2022)