يبدو أن محاولات ما تسمى «هيئة تحرير الشام» الواجهة الحالية لتنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي، تنظيف صورتها وتسويق اعتدالها لم ولن يكتب لها النجاح، فمع الإعلان عن مقتل زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي المدعو أيمن الظواهري بغارة أميركية في أفغانستان، سارع ما يسمى «الشرعي العام» لـ«الهيئة» ومتزعمون آخرون فيها إلى تقديم «التعازي» والإعراب عن حزنهم لفقدان الظواهري.
مواقع إلكترونية معارضة، أشارت إلى أن «الشرعي العام» لـ«تحرير الشام» عبد الرحيم عطون المدعو أبو عبد اللـه الشامي قدم تعازيه بمقتل الظواهري بغارة نفذتها طائرة مسيرة أميركية في العاصمة الأفغانية كابل.
ويمثل كلام عطون وفق المواقع انحرافاً عن خطاب محاباة أميركا والغرب، إذ تبنت «تحرير الشام» في سياق جملة من التحركات الإعلامية والسلوكية دعمتها واشنطن ووفرت لها المنابر نموذجاً وخطاباً جديداً مختلفاً في محاولة للإيحاء بأنها مختلفة عن تنظيم «النصرة»، ذراع تنظيم «القاعدة» في سورية، والمدرج على اللوائح الدولية للإرهاب وإيديولوجيته وفكره الظلامي التكفيري.
وفي أيلول من عام 2020 دعا عطون المعروف بأنه اليد اليمنى لمتزعم «تحرير الشام» المدعو أبو محمد الجولاني في حديث لصحيفة «LETEMPS» السويسرية الناطقة بالفرنسية إلى «تطبيع العلاقات بين السوريين في مناطق سيطرة تنظيمه في إدلب والدول الأجنبية»، وقال: «نحاول حالياً تنظيف صورتنا، والهدف ليس تجميل الواقع إنما عرضه كما هو».
واعتبر عطون أن السكان في إدلب لا يعيشون كما كان يعيش سكان محافظة الرقة خلال سيطرة داعش عليها، وأكد أن جماعته تريد «الخروج من القائمة السوداء».
وتواصل «تحرير الشام» تشديد قبضتها على مقومات الحياة اليومية لمن يعيش في مناطق سيطرتها في إدلب، وذلك من خلال تحكم الشركات التجارية التابعة لها بالسلع الأكثر تداولاً، كالمحروقات والكهرباء والخبز، بالتزامن مع محاولتها لخلع الانطباعات دولياً عنها، والانتقال من «الجهادية العالمية» إلى «الجهادية المحلية».
وبعد الإعلان عن مقتل الظواهري، كتب عطون منشوراً على قناته الخاصة في تليغرام جاء فيه «رحم اللـه الشيخ أيمن الظواهري وتقبله، ورفع درجته في المهديين، وأسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً. هذا مقام لا نتذكر فيه إلا رجلاً عاش لدينه، وصاول وقاتل وقاوم وجاهد في سبيله نصف قرن أو يزيد، فسجن وعذب وأوذي وهاجر وهُجّر وصبر، فرحمك اللـه يا أبا محمد رحمة واسعة، وأنزل على قبرك شآبيب رحمته وسحائب فضله، وأنزل على أهلك وذويك وأحبابك الصبر والرضا، وإنا لله وإنا إليه راجعون».
كما كتب المدعو «أبو ماريا القحطاني» المتزعم من الصف الأول في «تحرير الشام» على قناته في «تليغرام»، بعد دقائق من الكشف عن مقتل الظواهري أبيات شعر ترثي الأخير على حين كتب الإرهابي عبد الرحمن الإدريسي وهو قيادي أمني تونسي الجنسية، في التنظيم: «اللهم تقبل الشيخ أيمن الظواهري واحشره مع النبيين والصديقين والشهداء. جبلٌ من جبال الصُّمود والتضحية الذين سيذكرهم التاريخ جيلًا بعد جيل».
وليل الإثنين الثلاثاء، قال الرئيس الأميركي جو بايدن: إن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري قتل في ضربة أميركية بأفغانستان مطلع الأسبوع، في حين ذكر مسؤولون أميركيون، حسب وكالة رويترز، أن الولايات المتحدة نفذت الغارة بطائرة مسيرة في العاصمة الأفغانية كابل صباح يوم الأحد الماضي.
وفي الـ22 من حزيران الماضي كشف تقرير أعده «معهد واشنطن» عن إقامة «تحرير الشام» اتصالات مع الولايات المتحدة بهدف بناء علاقات صداقة.
ولفت التقرير إلى أن نهج «تحرير الشام»، شمل التواصل مع الولايات المتحدة، ونقل عن المبعوث الخاص السابق لواشنطن في كل من عملية التدخل في سورية و«التحالف الدولي» المزعوم لمكافحة تنظيم داعش، أن «تحرير الشام» استخدمت اتصالات سرية من أجل بعث رسالة إلى المسؤولين الأميركيين وهي: «نريد أن نكون أصدقاءكم.. نحن لسنا إرهابيين.. ولا نشكل تهديداً لكم».
وتحدث التقرير عما سماه تغيرات في «تحرير الشام» نحو التركيز على «المحلية» والتقارب مع الولايات المتحدة واعتبر أن «الهيئة» المتمركزة في إدلب توفر وفقاً لباحثين «عدسة جيدة للرؤية من خلالها على المستقبل المحتمل للمنظمات الجهادية».
سيرياهوم نيوز3 – الوطن