بشرى سليمان:
وصلت حياتنا إلى مرحلة غدت فيها التكنولوجيا عنصراً هاماً وأساسياً في الحياة اليومية، فجعلتها سهلةً تضج بالتواصل الاجتماعي في أي زمانٍ وأي مكانٍ، كما دخلت مختلف ميادين البحث العلمي و العمل لتزيد دقتها وإنتاجها، والفن ليس ببعيد عن هذا الجو التكنولوجي، مواكبةً للتطور المجتمعي المتسارع من جهة، والتحرر من مختلف الحواجز بين مجالات الفن المختلفة من جهةٍ ثانية، لدرجة أن الفنون البصرية تجاوزت الحدود المادية لعنصري الزمان والمكان في واقع تصوري محاكى وتخيلي في آنٍ واحد، وهذا مانتج عنه الفن الرقمي (Digital Art ) وهو مصطلح لفن جديد تماماً في مجتمعنا السوري لأسباب عدة .
الفنانة التشكيلية هبة ابراهيم ذات الخبرة الواسعة في هذا المجال أضاءت على هذا اللون من الفن الجديد ومدى ارتباطه بحياتنا العملية في حديث للثورة
*شكل فني جديد:
حيث ترى ابراهيم أن الفن الرقمي هو أحدث الفنون البصرية التي ازدهرت مع تواجد الشبكة العنكبوتية وقد بدأ بالظهور في سبعينيات القرن الماضي، فكان أول عمل فني رقمي عام 1965 للفنان الألماني فريدريك ناك ، وسمي بالرقمي لاعتماده على لغة الحاسوب العشرية الرقمية، ومن أبرز فنانيه ( أوليفيه جيرو- فرانك نوبير- مارغوت لوفيجوي ) أما أنواعه فهي متعددة تتطور وتتنوع باستمرار تحت عنوان واحد هو: إنشاء عمل فني بواسطة الحاسوب، لكن أهمها: الرسم الرقمي – التصوير الرقمي – النحت الرقمي، وباختصار يمكننا توصيفه على أنه شكل تعبيري جديد إلى جانب وسائل التعبير الفنية التقليدية، بمعنى أنه امتداد للفن التشكيلي ولكن مع استبدال المرسم الحقيقي ومعداته و أدواته بحاسوب يصبح مرسماً متنقلاً مجهزاً بتقنيات حديثة تتيح خيارات لامحدودة، لكن على الرغم من ذلك لايمكن لأي شخص إتقانه دون أن يكون رساما تقليدياً محترفاً ، يمتلك مهارات الرسم بالقلم والألوان ومزجها وجودة بالخط والنسب
و إضافةً إلى طريقة تفكير مختلفة تجعله رسام رقمي متميز.
*احتراف هذا الفن:
نشأت هبة إبراهيم في أسرة فنية لأب رسام وشاعر، وظهرت موهبتها مبكراً فالتحقت بمعهد أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية /قسم النحت/ ثم انضمت لنقابة الفنون التشكيلية وأصبحت عضواً فيها عام 2008 ليتم قبولها بعد ذلك في كلية الفنون الجميلة بدمشق /قسم التصوير الزيتي/ وتتخرج عام 2013 وتتابع تطوير وصقل مواهبها باتباع دورات متقدمة في الرسم والتصوير الرقمي .
وعملت في شركة للتصميم والإنتاج الفني كرسامة الستريشن (رسم رقمي على مجموعة برامج للتصميم) وأيضاً مصورة غرافيك، وهذا ماأتاح أمامها فرص عديدة للتعاون مع منظمة اليونيسيف، والصليب الأحمر الدولي، والهلال الأحمر العربي السوري، وقرى الأطفال SOS ، لتنفيذ مشاريع هامة وبرامج وكتيبات إرشادية وفيديوهات توعوية وتوثيقية.
* عالم واسع:
تعتبر إبراهيم الفنون الرقمية من أهم الاتجاهات الفنية المعاصرة والتي تتميز بالدقة والإبهار الفني، وقد أصبحت اليوم جزءاً لايتجزأ من صناعة السينما، والرسوم المتحركة، وتصميم الألعاب الالكترونية، لأنها تتيح إمكانية بناء عالم كامل من الوهم بأماكنه و أشخاصه و أحداثه، كما تسمح بتعديل الصور والفيديوهات واستخدام مختلف العناصر الصوتية والحركية وغيرها.
*الرقمي السوري:
لانستطيع التحدث عن فن رقمي في سورية حتى الآن (والقول لإبراهيم ) رغم وجود بعض الفنانين المهمين و الشركات الصغيرة في هذا المجال، لكن أعدادهم قليلة جداً منهم: يعرب معروف (مصور ومصمم ومخرج ) و توفيق موسى (الستريشن ورسام رقمي) و محي الدين فلون (مصمم ومدرب غرافيك وأستاذ محاضر) ،كما أن الحرب وهجرة الكثير من الشباب الموهوبين جعله يقتصر على ممارسة بعض البرامج بعيداً عن الفن و الإبداع رغم أنه شيء جوهري وأساسي بكل شيء حولنا من إعلانات مرئية ومطبوعة وتصميم للألبسة والأغذية .
أما بالنسبة لعملي في شركة التصميم الفني فنحن نعمل بمختلف أنواع الفن الرقمي من حملات التوعية ومطبوعات مختلفة إلى التوثيق والمونتاج والرسم الرقمي والموشن غرافيك .
في النهاية تعتمد حياتنا في غالبيتها على الفن الرقمي، وتجميل أو تشويه مانتناقله عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال رسائل معينة تهمنا أو مطلوبة منا، مستخدمين بدايةً الكثير من التطبيقات على هواتفنا المحمولة ، وهو الآن مجال مفتوح ومباح للجميع وأعتقد أنه تم انتهاكه، لكن في النهاية الأثر يبقى للمبدعين فعلاً.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة