! د. سليمان الصدي لوس أنجلوس- أمريكا
يروى أنه في إحدى الحظائر تمّ فصل الأبقار عن الثيران بسور لغرض التلقيح في وقت معين، فجاء أحد الثيران وقد ثارت غريزته ولم يستطع الصبر حتى اليوم المحدد، فسأل عن كيفية عبور الأسلاك الشائكة، فأشاروا إلى ثور كبير يجلس بعيدا يطلق عليه ..”الخبير الاستراتيجي” فجاء إليه، وسأله عن كيفية اجتياز السور، فأجاب الخبير: ابتعد عن السور ما لا يقل عن 100 متر واركض بسرعة لا تقل عن 60 كم في الساعة، واقفز على السور بزاوية لا تقل عن 60 درجة، ستجتاز السور،وستحقق غايتك، وبعد قضاء حاجتك عليك الرجوع بالطريقة نفسها ..!! فقال الثور: حسناً.. افرض أني أخطأت الحسابات،كالسرعة، أو الزاوية!! سأتعلق في الجدار، وربما أخسر أعضائي التناسلية، فماذا أعمل حينها؟ فقال الثور الجالس: ستجلس بجانبي لتعلم أنك ولدت لتكون ثوراً فقط. وما أشدّ الشبه بين حركة الثيران الهائجة والضربات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية، فقد شنت طائرات العدو الإسرائيلي عدواناً مزدوجاً على مطاري حلب ودمشق في الشهر الفائت، فأصاب المطارين بأضرار مادية كبيرة ثم كرر اعتداءه امس على مطار حلب وقد تزامن استهداف المطارين من قبل الثور الهائج الصهيوني في الوقت الذي بدأت به بعض الدول بإعادة علاقاتها التجارية والدبلوماسية مع دمشق، وإعادة تشغيل شركات الطيران رحلاتها الجوية إلى المطارات السورية، فسعت إلى شل حركة النقل الجوي والبحري التجارية والمدنية التي تربط سورية بالعالم والتي بدأت تتعافى تدريجياً مع إعادة تأهيل مطار حلب الدولي الذي تعرض للتدمير على يد الإرهابيين المدعومين غربياً ووضعه في الخدمة في الشهر الثاني من عام 2020 بعد توقف دام تسع سنوات. وتأتي حركة الثور الهائج الإسرائيلي ضمن سلسلة اعتداءات سابقة تؤكد المحاولات المستميتة لعزلة سورية، وقطع الشريان الاقتصادي لها في ظل العقوبات القسرية أحادية الجانب المطبقة عليها. ومما لا شك فيه أن هذه الضربات تتسبب بألم وحنق لدى السوريين، لكنها في الوقت نفسه تظهر قلقاً إسرائيلياً متعاظماً من تعافي سورية اقتصادياً وعسكرياً. ويظهر جلياً أن لدى العدو الصهيوني رعباً حقيقياً من تطوير قدرات الجيش العربي السوري، ومن تعافي الدولة الاستراتيجي، ولم يجد هذا الثور أمامه سوى الضربات غير المحسوبة وهي تعلم علم اليقين بأنها لن تغير في مسار المعركة الكبرى في حال وقوعها، وكما فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في قلب النظام السياسي في سورية، وجعله دمية في يدها باستعانتها بالثيران الهائجة: قطعان الإرهابيين، والحصار، وسرقة موارد السوريين، وعرقلة تعافي الاقتصاد السوري تحاول تل أبيب اللعب على الوتر نفسه، وتأجيل المعركة الكبرى التي تعلم زلزلة الأرض من تحتها في حال وقوعها من أرض فلسطين. وهنا يأتي الاعتداء على المطارات والموانئ ممثلاً شكلاً آخر للحصار الاقتصادي والضغط الاقتصادي الأكبر على الشعب السوري، لكن سياسة الصبر الاستراتيجي السورية تؤكد أن الاعتداءات الإسرائيلية ما هي إلا حركة ثيران هائجة غير محسوبة العواقب تعرض المنطقة لحرب لا يعلم أحد تداعياتها إلى أين يمكن أن تصل كما ذكر وزير الخارجية السيد فيصل المقداد. إن هنالك فرقاً كبيراً بين البراغماتية السياسية وسياسة الثور الهائج، فليس هنالك أسهل من الرد، ومن تقديم التنازلات، لكنّ حنكة السياسة السورية المتميزة بصبرها وذكائها جعلت سورية تتسم بسياسة الصبر الطويل، فلا مكان في الدولة السورية العميقة لنفاذ الصبر، ورد الفعل غير المحسوب. إن النار التي تشعلها إسرائيل في سورية لا بد أن تصل إلى تل أبيب، وحينها سيشتعل الكيان بالنار التي لن تنطفئ بل ستحوله إلى رماد، فسورية لن تتراجع عن مواقفها، وعلى العدو ألا يخطئ في الحسابات بحسب تصريح وزير خارجيتنا، وليعلم الإسرائيليون بأن دمشق ستجعلهم يدفعون الثمن عاجلاً أو آجلاً…
(سيرياهوم نيوز3-خاص بالموقع7-9-2022)