| سعيد محمد
لندن | أعلن قصر الحُكم في باكنغهام، رسمياً مساء أمس، وفاة الملكة إليزابيث الثانية عن 96 عاماً في مقرّ إقامتها في قلعة بالمورال (اسكتلندا)، وذلك بعد أسابيع قليلة على احتفال المملكة المتحدة باليوبيل البلاتيني لجلوس الراحلة على العرش. وحمل الموقع الرسمي للعائلة المالكة عبارة «الملكة إليزابيث الثانية 1926-2022»، إلى جانب نصّ البيان الرسمي الصادر عن القصر. ووفق التقاليد المرعيّة، فسيُنادى بالأمير تشارلز (73 عاما)، وريث العرش منذ سنّ الثالثة، ملكاً للبلاد، فيما ستصبح زوجته، كاميلا باركر، دوقة كورنوال الملكة القرينة. ومن المفترض أن يوجّه الملك الجديد خطاباً إلى الأمّة، ويلتقي تالياً برئيسة الحكومة والوزراء، والبرلمان بمجلسَيه، قبل أن ينطلق في رحلة لزيارة عواصم الأقاليم الخاضعة في كلّ من اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشماليّة.
ونعتْ رئيسة الوزراء، ليز تروس، الملكة الراحلة، في بيان تلته على الصحافيين من أمام «10 داونيينغ ستريت» (مقرّ الرئاسة في لندن)، ووصفتها ب»صخرة البلاد، ومصدر عظمتها، وسرّ استقرارها». وكانت تروس التي كلّفتها إليزابيث الثانية قبل يومَين فقط بتشكيل الحكومة، الرئيس الخامس عشر في عهد الملكة المديد منذ جلوسها على العرش في العام 1952. ونُكّست الأعلام المرفوعة على القصور الملكيّة العديدة، كما على المباني الرسمية التاريخية في بريطانيا، وأُعلن عن فترة حداد رسمي لعشرة أيّام. ومن المتوقّع أن تَقرع دير وستمنستر وكاتدرائية القديس بولس أجراسهما مع منتصف نهار اليوم (الجمعة)، وأن تطلِق المدافع الكلاسيكيّة تحيّة رمزيّة للملكة الراحلة في كلّ من حديقة هايد بارك وفي جوار برج لندن. وسينتقل الجثمان من إدنبرة في إسكتلندا إلى العاصمة لندن، غالباً بالقطار، ليتسنّى للمواطنين على طول الطريق إلقاء تحيّتهم، ومن ثمّ سيُسجّى في قاعة العرش في قصر باكنغهام لخمسة أيّام، ومن ثمّ إلى ويستمنستر لثلاثة أيّام حيث ستُفتح القاعة أمام العموم، على أن تُجرى مراسم التشييع الملكيّة في دير ويستمنستر في اليوم العاشر لوفاتها، وتوارى الثرى في كنيسة قلعة الملك جورج السادس في قصر وينسور، مقرّ الإقامة الأثير عند الملكة الراحلة.
المملكة تعيش واحدة من أسوأ محطّاتها الاقتصادية منذ قرن
وعلى الرّغم من أن إليزابيث الثانية حافظت على استمراريّة السلالة الحاكمة في بريطانيا خلال العديد من العواصف والأنواء، بما في ذلك حادثة مقتل الأميرة ديانا، كما طلاقات أبنائها وفضائحهم، إلا أنّ تِركتها للملك تشارلز ليست خالية من الألغام. فتشارلز نفسه في السبعينيات من العمر، ورصيده من المحبّة الشعبيّة أقلّ بكثير من رصيد أمّه، في حين يمقت كثيرون زوجته كاميلا التي يعتبرونها وراء مأساة الأميرة ديانا. كما أن المملكة تعيش واحدة من أسوأ محطّاتها الاقتصادية منذ قرن تقريباً، وهناك خشية حقيقيّة من وقوع اضطرابات اجتماعيّة واسعة نتيجة الركود والارتفاع الفلكي في تكاليف المعيشة. ويُضاف إلى ما تَقدّم أن فئات تريد الآن الدفع مع غياب الملكة الأم في اتّجاه إعادة صياغة الدور الملكي برمّته في الحياة المعاصرة للبريطانيين، ممّا يجعل الفترة القادمة تحدّياً قاسياً أمام العهد الجديد.