آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » “أردوغان”!!..

“أردوغان”!!..

| خالد العبود

 

-“أردوغان” ليس صاحبَ مشروعٍ على مستوى الإقليم، أو صاحب مشروعٍ تركيٍّ داخليٍّ، “أردوغان” جائعٌ للسلطة، يخطئ بعضنا عندما يرى هذا الجوع مشروعاً إقليميّاً، أو مشروعاً داخليّاً لتركيّا..

 

-لو كان “أردوغان” صاحبَ مشروعٍ إقليميّ، أو حتّى صاحبَ مشروعٍ تركيٍّ، لما سهَّلتْ له الاستخبارات الأمريكيّة وصوله إلى السلطة، ولو كان صاحبَ مشروعٍ إقليميٍّ أو تركيٍّ، لما دافعت عنه الاستخبارات الروسيّة، حين أرادت الاستخبارات الأمريكيّة أن تتخلّص منه أكثر من مرّة!!..

 

-“أردوغان” أداةُ مشروعٍ أمريكيٍّ في المنطقة، يحملُ عنواناً ودوراً “أخوانيّاً”، وهو -كان- جزء من دورٍ مدروسٍ “للأخوان”، بتوجيهٍ وطلبٍ أمريكيٍّ، تمّ إعداده جيّداً لمرحلةٍ كانت تُحضَّر المنطقة لها، وهي مرحلةُ إنهاء القضيّة الفلسطينيّة!!..

 

-كلّ ما قام به “أردوغان”، لجهة دور البطولة، في أكثر من واقعة، كان محسوباً جيّداً وبدقّة، أملاً بتحويله إلى نموذجٍ في وعي شعوب المنطقة، هذه الشعوب التي سيعاد خلق وعيها السياسيّ – الروحيّ، والذي ستكون فيه “إsرائيل” كياناً طبيعيّاً في المنطقة!!..

 

-ولخلق هذا النموذج، كان لا بدّ من اصطدام “أردوغان” بعنوان الاحتلال وقادته، كي يشكّل محور فعل قيادة الوعي لاحقاً، فهو الذي سيقبض على هذا الوعي من خلال الدخول عليه، بما يجعله وعياً شديداً وحاراً، يستطيع بعد ذلك السيطرة على هذا الوعي، وقيادته، وأخذه للمكان الذي يُراد أن يكون فيه وعليه!!..

 

-ولفعل ذلك ليس مطلوباً من “أردوغان” أن يقود حرباً ضدّ كيان الاحتلال، وليس مطلوباً منه أن يقدّم السلاح لمقاومة الفلسطينيين للاحتلال، وليس مطلوباً منه أن يقدّم المال لهذه المقاومة أيضاً، كون أنّ وعي هذا الشرق أساساً لا يمكن السيطرة عليه، أو اختراقه، أو قيادته، إلا بالكلام، والكلام العاطفيّ، الذي لا يكون شيئاً في لغة المصالح ومعادلاتها!!..

 

-لهذا خرج علينا “أردوغان” في “دافوس”، في عام 2009م، بطلاً في وجه رئيس كيان الاحتلال، والحقيقة أنّ وزير خارجيّته، والذي كان أكبر مستشاريه في حينها، كشف المستور وفضح مسرحية “أردوغان” فيما بعد، حيث أكّد “داوود أوغلو”، أنّ “أردوغان” طلب منه التواصل الفوريّ، مع رئيس الكيان “بيريز”، ليشرح ماهية الدور، والموقف الذي أراد “أردوغان” أن يلعبه، وأن العلاقات مع “إsرائيل”، لن تتأثر نتيجة ما حصل!!..

 

-كذلك بالنسبة لسفينة “مرمرة”، وما فعله “أسطول الحريّة” في كسره حصار غزّة، واستغلال “أردوغان” لذلك، غير أنّ علاقات تركيا بالكيان عادت بعد هذه المسرحيّة أيضاً، وبعد 2010م، أكثر قوّة وأكثر حرارة!!..

 

-عشرات المسرحيّات كان يلعب بطولتها “أردوغان”، وصولاً إلى توطيد دوره الإقليميّ، خدمةً للولايات المتحدة، ولا نبوح سرّاً هنا عندما نؤكّد، على أنّ السوريّين كانوا على علمٍ كاملٍ بكلّ ذلك، ولكنّهم كانوا يستثمرون بوجود “أردوغان” زعيماً تركيّاً، واستطاعوا أن يكسروا حصاراً هائلاً وكبيراً، مارسته الولايات المتحدة عليهم، بعد احتلال العراق، أملاً بإضعاف سوريّة ثم جرّها إلى “بيت الطاعة الإسرائيليّ”!!!..

 

-لقد كانت القيادة السوريّة على اطلاعٍ كاملٍ بدور “أردوغان” في المنطقة، باعتباره أداة أمريكيّة لتسهيل انتقال المنطقة من وضعٍ إلى آخر!!..

 

-وفي اللحظة التي هدّدت بها الولايات المتحدّة سوريّة، بعد احتلالها العراق، سارع الرئيس الأسد باتجاه تركيا، نعم باتجاه “أردوغان” الأداة الأمريكيّة، بدلاً من مواجهته، وبدلاً من فضحه، كون أنّ مواجهته وفضحه لن يكون في صالح السّوريّين أبداً!!..

 

-فأراد أن يغريه بدورٍ يحاكي جوعه لحكم تركيا، ويحاكي جوهر الوظيفة – الأداة له، ألا وهو الدور الذي يكون فيه وسيطاً بين سوريّة و”إsرائيل”، وصولاً إلى “سلامٍ سوريٍّ – إsرائيليٍّ”، يوازي السلام الذي وقّعته الأنظمة العربيّة، في مصر والأردن والسلطة الفلسطينيّة، وهو دورٌ سوف يغري الولايات المتحدة ذاتها، وسوف يمنح الرئيس الأسد فرصةً لإعداد العدّة لدعم المقاومة العراقيّة، في مواجهة الاحتلال الأمريكيّ!!..

 

-السوريّون كانوا محاصَرين حصاراً شديداً جدّاً، ومهدّدين من كلّ الجهات، ففي العراق احتلالٌ يتوعّد بأنّه سيدخل دمشق، وفي الأردن نظامٌ جاهزٌ للتعليمات وللتوجيهات، كي يبني موقفه اللاحق منّا، بعد اعتباره سوريّة جزء من “هلال شيعيٍّ”، وفي لبنان من يعدّ العدّة للانقضاض علينا، وبتعليمات وسيناريوهات عديدة ومتعدّدة!!..

 

-لقد بقيت تركيا رئة سوريّة الوحيدة، وكان علينا أن نحسن التعامل مع هذه الرئة، حتّى ولو كان زعيمها أجيراً أمريكيّاً!!..

 

-وهنا السؤال الكبير:

“هل أحسنّا استغلال هذا الأجير؟!..”..

نعم لقد تمّ استغلاله على أكمل وجه، فدفعناه نحو دورٍ يغري سيّده الأمريكيّ، ودورٍ آخر يغازل أطماع “الإsرائيليين”، وطرقنا أبواب أوروبا، منعاً لأيّ سُعارٍ غربيٍّ، يجعلنا في مواجهة قوات الاحتلال الأمريكيّ – الأوروبيّ للعراق، بالرغم من كلّ ما كان يعدُّ لنا، من فوق الطاولة ومن تحتها، طيلة تلك المرحلة القاسية..

 

-لذلك عندما بدأ “الربيع العربيّ” لم نكن لنخطئ الجهات، أو لنضيّع البوصلة، كنّا نحفظ عن ظهر قلب، ما كان يعدُّ للمنطقة، والدور المسند لكلّ الحكومات على مستوى الإقليم، وتحديداً دور الأجير الأمريكيّ!!..

 

-واليوم، نحن كما الأمس، سندافع عن مصالح شعبنا، بقلوبٍ حارةٍ جدّاً، وعقولٍ باردةٍ حدّ اليقين، فالشعب التركيّ جارٌ بحكم الطبيعة والتاريخ، وبحكم الجغرافيا والثقافة، أمّا سدنة معبد ناهبي الخلافة، وسارقي عمر الشعوب، فهؤلاء جميعاً إلى مزابل النسيان!!..

(سيرياهوم نيوز3-صفحة الكاتب10-9-2022)

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قراءة في ميدان الحرب على جبهة لبنان.. هل سنشهد الحرب البرية؟

كمال خلف يتواصل التصعيد بين المقاومة اللبنانية وإسرائيل ويدخل مستوى غير مسبوق، لكنه بذات الوقت ما زالت تحكمه الضوابط ولم يدخل الطرفان مرحلة الحرب المفتوحة ...