محمد فرحة
في منتصف التسعينيات سعت سورية بالتعاون مع خبراء يعملون في إطار المركز الدولي للبحوث الزراعية “ايكاردا” والمركز الدولي لدراسة المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد” والمركز الدولي للقمح والذرة ” سميث” ومقره المكسيك ، من أجل تأصيل سلالات جديدة من القمح لزيادة إنتاجية الهكتار من ٨ الى ١٠ أطنان ، الأمر الذي يجعل من سورية في طليعة الدول ذات الإنتاجية العالية من القمح ، وقد شملت البحوث في تلك الفترة ٢٥٠٠ سلالة من القمح.
واليوم بعد وفرة بالإنتاج ولسنوات سبقت الأزمة الحالية , والحرب الكونية التي أثرت سباً على إنتاجية القمح , وتراجعت كميات الإنتاج بصورة واضحة لأسباب مختلفة منها عمليات الحرق والتدمير والتخريب الممنهج لمناطق الاستقرار الزراعي وغير ذلك , الأمر الذي يدفعنا إلى طرح مجموعة من الأسئلة تفرض علينا قراءة الخطة الزراعية لموسم ٢٠٢٢ و٢٠٢٣ ؟
قراءة…!
وبالتالي من يدقق في المساحات التي أقرتها وزارة الزراعة يلاحظ أنها لا تختلف عن الأعوام السابقة ، فمثلا أقرت فيما يتعلق بمحصول القمح مليونا و٦٠٠ ألف هكتار، ولعلها تريد من ذلك زيادة الغلة الإنتاجية من زيادة المساحة في حين المطلوب زيادة الغلة في وحدة المساحة، وهذا يؤشر على صدقية البحوث العلمية الزراعية وتجاربها، من عدمها .. على مبدأ ” المي تكذب الغطاس”.
في هذه الأثناء قال المزارع مطانيوس زيادة إن أصناف القمح المعتمدة لدينا غير الأصناف والسلالات التي كانت سائدة في التسعينيات، متسائلا : هل يعقل ألا يعطي الهكتار أكثر من ٣ أطنان ، أي كل دونم ٣٠٠ كغ، فهذا المردود لا يغطي سعر التكلفة، فضلا عن غياب المياه رغم توفرها هنا في مجال زراعة محافظة حماة ، فهذه النقطة من أبسط البدهيات .
قيد الدراسة
مدير زراعة حماة المهندس أشرف باكير قال في معرض جوابه عن سؤال ما خطة زراعة حماة بالنسبة للقمح : سندرس الخطة التي أرسلتها لنا الوزارة لتحديد مساحة زراعة كل محصول ، وأعتقد أنها لا تختلف عن خطة العام المنصرم . وسنركز على منطقتي الاستقرار الأولى والثانية .
إلى ذلك قال مدير عام هيئة تطوير الغاب المهندس أوفى وسوف في معرض جوابه عن سؤال هل ستطغى الزراعات العطرية على الزراعات الاستراتيجية فأجاب : من خلال تجاربنا للسنوات الثلاث الماضية نلاحظ اهتماما ملحوظا بذلك ، بل في بعض الأحيان يتجاوز المزارعون الخطة لجهة المساحة المقررة لمثل هذه المحاصيل .
واستطرد وسوف قائلا : اليوم يبحث المزارعون عن الزراعات الأكثر ريعية ، وساق مثالا عندما يكون المردود مربحا يعاود المزارعون زراعة المحصول في العام التالي فيغرق السوق بالإنتاج كالثوم والبصل وحبة البركة واليانسون وغير دلك مما يعرضهم لخسائر.
ارتفاع التكلفة
من ناحيته قال مدير شركة سكر تل سلحب المكلف إن المساحات التي تم التعاقد عليها من المزارعين قد لا تتعدى خطة العام الماضي ، وربما أقل أو لا تنفذ، مضيفا: إن التكلفة مرتفعة جدا ، فضلا عن غياب المستلزمات من محروقات وكهرباء وأسمدة ، وأن جلها يتم شراؤه من السوق السوداء .
وفي قراءة متأنية للخطة التي أقرتها الوزارة لمؤسسة إكثار البذار نلاحظ أنها أقرت إنتاج ١٠٠ ألف طن من بذار القمح و١٢ ألف طن من بذار الشعير و٤٠٠ طن من بذار القطن، مع ملاحظة استيراد ٢٠٠٠ طن من بذار البطاطا وإنتاج ٣٠٠٠ طن من حقولها الإكثارية من المشروع الوطني لإنتاج بذار البطاطا .
مدير مركز البحوث العلمية الزراعية في منطقة الغاب الدكتور وسيم عدلة قال في معرض جوابه عن سؤال” تشرين” لماذا تراجع إنتاج الهكتار من القمح بشكل لافت، معللا الأسباب بالمتغيرات المناخية المتلاحقة مصحوبة بموجة الجفاف .
وأردف الدكتور وسيم بأن كل التجارب الحقلية التي نجريها على أصناف وسلالات القمح تبشر بنتائج جيدة جدا ، لكن هل توافرت للمزارعين مقومات زيادة الإنتاح في وحدة المساحة؟ فالأسمدة والمحروقات ليست متاحة بالسعر الحكومي المدعوم ، بل بالسعر الرائج وهذه ضربة للمزارعين .
باختصار
بالمختصر المفيد، إن عدم التركيز على محاصيلنا الاستراتيجية أدى وسيؤدي أكثر لاحقا إلى خلل كبير في الإنتاج لكل المحاصيل ، وقد يكون من أهمها أن بعض الأصناف البذرية المستخدمة من القمح ليست بالمستوى المطلوب اليوم كالتي كانت عندما كانت إنتاجية الهكتار ١٢ ألف طن ، ومن نافل القول أن نتساءل هل من المعقول أن يخصص لكل طن قمح تم تسليمه لمؤسسة الحبوب ليتر مازوت واحدا وعلى المزارع أن يذهب إلى محطة المحروقات لاستلامه..
هل هذا تحفيز ..؟
سيرياهوم نيوز 6 – تشرين