على وقع التدهور القياسي لسعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، من جرّاء عوامل كثيرة، آخرها قرب تطبيق قانون «قيصر»، ومع استحكام الأزمات المعيشية والاقتصادية، من جرّاء الاستغلال السياسي والأمني لهذه الظروف مجتمعة، انطلقت تظاهرات في مناطق متفرقة في محافظتي درعا والسويداء
الدعوات إلى التظاهر بدأت الأسبوع الماضي، عبر صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم «بدنا نعيش»، مطالبة بالتجمع وإغلاق المحال التجارية حتى إيجاد الحلول. وقد نُظّمت أول تظاهرة أول من أمس في أسواق السويداء، ثم تجددت المسيرات أمس في أكثر من منطقة في محافظة درعا (جنوب)، وسرعان ما تفرق المتظاهرون من دون أي توتر. لاحقاً في السويداء بان المشهد مختلفاً، إذ انطلقت تظاهرة أمس من أمام مبنى المحافظة، وسرعان ما تحولت إلى شعارات تطالب بـ«إخراج روسيا وإيران من سوريا»، و«إيقاف دعم حزب الله وطرد الفلسطينيين»، إضافة الى شعارات نادت بـ«تغيير النظام ورحيل الرئيس (بشار) الأسد»، كما استمر التحرك أكثر من ساعتين قبل أن يتفرّق المحتجّون.
حتى الليل كانت السويداء لا تزال تشهد توتراً ومزيداً من الدعوات إلى التظاهر من معارضين من أبناء المدينة مقيمين خارج البلاد. وفي معلومات حصلت عليها «الأخبار»، فإن المجموعات التي رفعت تلك الشعارات هي مجموعات الشيخ وحيد البلعوس سابقاً، الذي اغتيل قبل خمس سنوات في تفجير داخل المدينة. وكان البلعوس يتزعم مجموعة تطلق على نفسها اسم «مشايخ الكرامة»، ونشطت على خط معارضة الحكومة السورية ورفضِ تجنيد أبناء السويداء في الجيش. ويُعرف عن هذه المجموعات قربها، كما متزعّمها السابق، من زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، وليد جنبلاط.
برّأت واشنطن نفسها من نتائج العقوبات وآثار قانون «قيصر»
في المقابل، تدخل بعض شيوخ الطائفة الدرزية لتهدئة الشارع وضبطه، فيما طوّقت قوات الأمن مبنى المحافظة، وشدّدت الحراسة حوله خوفاً من تطور الأوضاع. وصرّح محافظ السويداء، همام الدبيات، لوسائل إعلام محلية، بأنه «يجري التواصل مع المحتجّين للاستماع إلى المطالب المنطقية… هناك من يخرج عن الإطار العام». وشهد مبنى المحافظة اجتماعاً أفضى إلى مجموعة من القرارات المتعلقة بتأمين المواد الأساسية وتكثيف الرقابة على التجار لضبط الأسعار. يُذكر أن السويداء شهدت تظاهرات مماثلة في الشهر الأول من العام الجاري، استمرت ثمانية أيام، قبل تلبية المطالب، وإحداها كانت «سوء تعامل وزارة النفط مع المدينة».
في باقي المحافظات، أغلق عدد كبير من الباعة محالّهم تجنباً للخسارة بعد ارتفاع الأسعار والتدهور الكبير في سعر صرف الليرة التي سجلت هبوطاً قياسياً أمس تخطى خلاله الدولار 2850 ليرة، للمرة الأولى في السوق الموازية، مقارنة بمتوسط 1900 في الأسبوعين الماضيين، وذلك قبيل بدء تطبيق قانون «قيصر» الأميركي الذي يفرض عقوبات جديدة على البلاد. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن المتحدثة باسم «برنامج الأغذية العالمي»، جيسيكا لاوسون، أنّ «أي انخفاض إضافي في قيمة الليرة سينعكس ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية الرئيسية المستوردة، كالأرز والمعكرونة والعدس»، منبّهة من أنّ ذلك «يهدّد بدفع مزيد من السوريين إلى الجوع والفقر، وانعدام الأمن الغذائي».
مع ذلك، لم تغب واشنطن عن المشهد، إذ نفت السفارة الأميركية لدى سوريا، عبر حسابها على «تويتر»، أمس، علاقة العقوبات الأميركية والأوروبية بالأوضاع الاقتصادية المتعسرة في سوريا، قائلة: «لا يستطيع بشار الأسد ونظامه إخفاء الحقيقة: منذ أكثر من تسع سنوات، يشنون حرباً دموية ضد الشعب. لقد دمّرت الحرب المدمرة للنظام الاقتصاد السوري، وليس العقوبات الأميركية أو الأوروبية».
(سيرياهوم نيوز-الأخبار اللبنانية)