أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليمات بتشكيل لجنة تحقيق حكومية في التفجير الذي وقع على جسر القرم، وبدوره أكد مجلس الدوما أن الهجوم الإرهابي المعلن منذ فترة طويلة على جسر القرم بمنزلة «إعلان حرب بلا قواعد»، في حين أكدت موسكو التزامها بمبدأ عدم جواز شن حرب نووية، واصفة منطق أنظمة الناتو بـ«القتل والتخريب والتدمير والاستفزاز».
وحسب موقع «روسيا اليوم» قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أمس: الرئيس بوتين أصدر تعليمات لرئيس الوزراء بتشكيل لجنة حكومية لمعرفة أسباب ما حدث، وإزالة آثاره في أسرع وقت ممكن، موضحاً أن اللجنة ستشمل أيضاً رئيسي إقليمي كراسنودار والقرم وممثلي الحرس الوطني وجهاز الأمن الفيدرالي ووزارة الداخلية.
ولفت بيسكوف إلى أن بوتين كان تلقى فور التفجير تقارير من رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين ونائب رئيس الوزراء مارات خوسنولين ووزير الطوارئ ألكسندر كورينكوف ووزير النقل فيتالي سافيليف، إضافة إلى تقارير قادة عسكريين وأمنيين.
بدوره أكد نائب رئيس مجلس الدوما، أوليغ موروزوف، أن الهجوم الإرهابي المعلن منذ فترة طويلة على جسر القرم لم يعد مجرد تحدٍّ، بل «إعلان حرب بلا قواعد».
وقال موروزوف، في تصريح لـ«سبوتنيك»: إن حرباً إرهابية خفية تشنّ ضدنا. علاوة على ذلك، فإن الهجوم الإرهابي المعلن منذ فترة طويلة على جسر القرم لم يعد مجرد تحدٍّ، إنه إعلان حرب بلا قواعد.
وفي وقت سابق أعلنت اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب أنه تم تفجير شاحنة على جسر القرم، ما أدى إلى اشتعال النيران في عدد من صهاريج الوقود في قطار كان يسير عبر الجسر ما تسبب بتعليق حركة السيارات والقطارات من دون وقوع إصابات أو ضحايا بشرية.
بدورها أعلنت سلطات القرم عن إنشاء ممر نقل بري من شبه جزيرة القرم إلى مناطق أخرى من الاتحاد الروسي، عبر المناطق حديثة الانضمام إليه، لافتة إلى أن إصلاح الأضرار في الجسر سيتم بسرعة فورية، لأنها ليست ذات طبيعة جدية وسيستمر النشاط الحيوي في شبه الجزيرة.
وأعلنت وزارة الطوارئ الروسية إخماد الحريق في صهاريج الوقود، في أعقاب الانفجار الذي وقع على جسر القرم، فيما أعلنت لجنة التحقيق الروسية أمس مقتل 3 أشخاص في الحادث.
ونقلت «سبوتنيك» عن اللجنة قولها في بيان: وفقاً للبيانات الأولية توفي ثلاثة أشخاص نتيجة الحادث، ومن المفترض أن هؤلاء هم ركاب سيارة كانت تسير بجوار الشاحنة المفخخة، حيث تم انتشال جثتي رجلين وامرأة ويتم التحقق من هوياتهم.
وأضافت اللجنة: إن محققيها توصلوا إلى بيانات الشاحنة التي انفجرت، مشيرة إلى أن مالكها هو أحد سكان إقليم كراسنودار، وبدأت إجراءات التحقيق في مكان إقامته، كما تجري دراسة مسار السيارة والوثائق ذات الصلة.
ويُعد جسر كيرتش الذي افتتحه بوتين في أيار 2018، الممتد على طول 19 كم، مشروعاً ضخماً ومكلفاً استغرق بناؤه عامين لربط روسيا بشبه جزيرة القرم، ويرمي إلى الحد من عزلة شبه الجزيرة بعد 4 سنوات على ضمها.
وصوت سكان شبه جزيرة القرم في استفتاء، في آذار 2014، لعودة الانضمام إلى روسيا.
من جانبه أعلن رئيس شبه جزيرة القرم سيرغي أكسيونوف أنه تم أمس استئناف حركة مرور السيارات على جسر القرم، وستعود حركة القطارات على الجسر في وقت لاحق أيضاً، منوهاً إلى أن السيارات ستتحرك على الجسر عبر المسارين اللذين لم يتضررا نتيجة التفجير، مشدداً على أن حركة نقل السكك الحديدية على جسر القرم ستعود قبل نهاية اليوم (أمس) أيضاً.
ونقلت «سبوتنيك» عن أكسيونوف قوله في تصريح: سأشارك في عمل اللجنة الحكومية لمعرفة أسباب ما حدث على جسر القرم، حيث سيتم وضع إجراءات لإزالة الضرر وإعادة ما دمر.
وأضاف أكسيونوف: سيبدأ العمل على الفور بعد انتهاء إجراءات سلطات التحقيق، داعياً جميع السكان إلى التزام الهدوء والصبر لأن الوضع لا يزال تحت السيطرة.
بدوره قال رئيس برلمان جمهورية القرم فلاديمير كونستانتينوف في تصريح نقلته وكالة نوفوستي: تمكن المخربون الأوكرانيون من الوصول إلى جسر القرم، وطوال 23 عاماً من إدارتهم في شبه جزيرة القرم لم يتمكنوا من بناء أي شيء يستحق الاهتمام، لكنهم تمكنوا من إلحاق الضرر بالجسر الروسي، معتبراً أن الشيء الوحيد الذي يمكن لنظام كييف والدولة الأوكرانية فعله هو الموت والدمار.
وفي السياق ذاته اعتبر مستشار رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية ميخائيل بودولياك أن تفجير جسر القرم هو البداية ويجب تدمير كل شيء «غير قانوني حسب زعمه» في تبن غير مباشر لحادث التفجير.
وقال بودولياك في تغريدة له على موقع تويتر: «القرم.. الجسر.. البداية، وكل شيء غير قانوني يجب تدميره، كل شيء مسروق يجب إعادته إلى أوكرانيا، كل شيء له علاقة بروسيا يجب طرده».
إلى ذلك أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس أن بلاده لا تزال ملتزمة بمبدأ عدم جواز شن حرب نووية، ونقلت «سبوتنيك» عن لافروف قوله في مقابلة مع صحيفة «أرغومنتي أي فاكتي» الروسية: روسيا لا تزال ملتزمة ببيان قادة الدول الخمس التي تمتلك أسلحة نووية في كانون الثاني الماضي، والذي تم فيه تأكيد افتراض عدم جواز شن حرب نووية، مضيفاً: إنه من الضروري منع أي نزاع مسلح بين الدول التي تمتلك هذه الأسلحة.
من جهة ثانية، حذر لافروف من التحدث بلغة العقوبات مع روسيا، قائلاً: لدينا كل الإمكانات لحماية مصالحنا الوطنية، وإذا لزم الأمر سنستخدمها إلى أقصى حد، ويجب على أولئك الذين يتحدثون بلغة العقوبات مع روسيا أن يتذكروا أنه في حين نتحلى بضبط النفس إلى حد كبير في الرد على أعمال العدوان الاقتصادي فإن صبرنا لن يكون بلا حدود.
وأضاف: إن التأثير في الاقتصاد الروسي لم ولن يتحقق، موضحاً أن كل ما أرادوا إثارته في روسيا يبدأ في الظهور ببلدانهم، حيث يشهد عدد من الدول الأوروبية ارتفاعاً حاداً في الأسعار، وانخفاضاً في المداخيل، ونقصاً في موارد الطاقة، وهذا هو الثمن الذي يدفعه المواطنون العاديون مقابل «الروسفوبيا» التي يتبعها سياسيوهم.
وأشار لافروف إلى إمكانية كسر الحلقة المفرغة في العلاقات مع الولايات المتحدة، لكن النخب الأميركية تفكر بطريقة غير عقلانية، وتدفع البيت الأبيض إلى فتح مواجهة مع روسيا، لافتاً إلى أن استيعاب حقيقة وجود توازن قوى جديد في العالم أمر مؤلم بالنسبة للولايات المتحدة، ولكن حان الوقت لكي يبدؤوا في التعامل مع الواقع.
وحول مدى أهمية أن تعترف الدول الأخرى بنتائج التصويت في المناطق التي صوتت لمصلحة الانضمام إلى روسيا، قال لافروف: مر وقت قصير منذ إجراء الاستفتاءات في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، ومقاطعتي خيرسون وزابوروجيه، وإعلان نتائجها، سيحتاج شركاؤنا الأجانب إلى وقت لإدراك الحقائق الجيوسياسية الجديدة لكننا لن نتعجل أحداً.
ونوه لافروف إلى أن من أولويات موسكو تنفيذ نتائج التعبير الحر عن الإرادة لسكان الأراضي المحررة وفقاً للمعايير الأساسية للقانون الدولي، وفي مقدمتها حق الشعوب في أن يعبروا بأنفسهم عن إرادتهم.
وأشار لافروف إلى أن موسكو تعلم مدى القمع الوحشي الذي مارسه نظام كييف للسكان الناطقين بالروسية بعد انقلاب عام 2014، ومن الواضح أن السلطات في كييف لا تمثل سكان مناطق دونباس وزابوروجيه وخيرسون.
بدورها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن القتل والتخريب والتدمير والاستفزاز وتلفيق التهم، تشكل منطق الإجرام الذي يربط دول الناتو وحلفاءه.
وأشارت زاخاروفا إلى أن بولندا عبرت من خلال وزير الخارجية السابق رادوسلاف سيكورسكي، عن شكرها للولايات المتحدة على نسف خطوط أنابيب غاز «السيل الشمالي».
ونوهت إلى أن وزير الخارجية الأستوني أورماس رينسالو اعتبر علناً أن استهداف جسر القرم أمس السبت كان «عملية خاصة» نفذتها قوات أوكرانية، وأعرب عن ترحيبه بها.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن