أثبتت الميادين بكل العاملين فيها ومن هم معهم وخلفهم أن القوى التي تعاديها لا ولن تحقق أهدافها، حتى إن استنفرت من أجلها كل ما تملكه من المال والعتاد، والأهم من ذلك، الآلاف من العملاء والخونة في كل مجال، وخاصة الإعلام.
بدأت عملي الصحفي في العام 1977 في إحدى الصحف اليسارية التركية التي كان يملكها آنذاك وزير الخارجية الأسبق إسماعيل جم، وانتقلت ملكيتها في ما بعد إلى اتحاد نقابات العمال الثورية. وبمعنى آخر، أنني صحفي منذ 45 عاماً عملت خلالها في العديد من الصحف ووكالات الأنباء والإذاعات ومحطات التلفزيون العربية والدولية.
وعملت لاحقاً مع عدد من الوسائل الإعلامية في مختلف أنحاء المنطقة والعالم، وكان التحفظ على بعض الأخبار والتحاليل القاسم المشترك لهذه المحطات.
وهو ما لم أعان منه طيلة السنوات العشر الماضية خلال مشاركاتي في البرامج التلفزيونية لقناة الميادين حيث قلت دائماً ما كنت أفكر وأؤمن به بحرية تامة، من دون أي تحفظ أو اعتراض. وهذه هي الحال بالنسبة إلى كتاباتي في موقع الميادين منذ نحو 4 سنوات، باستثناء حالة أو حالتين.
وفي كلتا الحالتين، أثبتت الميادين مدى التزامها بمعطيات المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة لتثبت للجميع أنها أكثر من قناة تلفزيونية همها الوحيد هو الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين والقراء. فالميادين صوت لمن لا صوت لهم من دون شك، ولكن الأهم من ذلك، الميادين قناة لها التزاماتها مع الحق والضمير العربي والإسلامي المقاوم، وهو ما يفسر دفاعها المستميت والصعب في الوقت نفسه عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، التي لولا سوريا وإيران وحزب الله وحلفاؤهم لانتهت منذ فترة طويلة من خلال تآمر الأنظمة العربية والإسلامية عليها، بالتنسيق والتعاون مع الدول والقوى الإمبريالية والصهيونية.
ولهذا، كان لزاماً على الميادين، وهذا ما تفعله، أن تقف إلى جانب سوريا وإيران واليمن والعراق وحزب الله، ولولاها جميعاً لكانت “داعش” الآن تحكم في دمشق وبغداد بل وربما القاهرة وتونس وغيرها. فلعبت دوراً مهماً إن لم يكن أساسياً في إيصال صوت الحق لكل الشرفاء والمخلصين والمناضلين في جميع أنحاء العالمين العربي والإسلامي.
بل تجاوزت ذلك لتساهم في نقل الحقيقة إلى شعوب دول أميركا اللاتينية التي كانت مرتعاً خصباً لنشاط اللوبيات اليهودية، وخاصة في الإعلام الكاذب، وهو السلاح الأقوى والأهم الذي يلجأ إليه الخونة والجبناء والعملاء.
وكانت سياسات الميادين والتزامها بالموضوعية والحقيقة سبباً كافياً لمعاداة الأعداء لها، ليس فقط لدى الأنظمة العميلة وإعلامها وذبابها الإلكتروني، بل أيضاً لدى الكيان الصهيوني الذي يرى في هذه القناة مصدر الإزعاج الرئيسي بعد أن تحوّلت إلى أكثر من محطة إعلامية بنقلها خطابات السيد حسن نصر الله، وبثها اليومي عن فلسطين بنضالها الآن وتاريخياً. وهو ما يرفع من معنويات الشابات والشباب بل وحتى الأطفال الفلسطينيين الذين تعلموا الكثير من الميادين، وهي حال الملايين من أبناء الأمتين العربية والإسلامية، الذين ما زالوا صامدين بفضل الميادين وأمثالها، ولو بدرجات متفاوتة.
وهنا، لا بد أن أذكر بموقف الميادين التي رفعت عبر شاشاتها شعار “الحرية لحسني محلي” عندما تم اعتقالي ووضعي في السجن في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2017؛ بسبب انتقاداتي العنيفة لسياسات إردوغان في سوريا، وصادف ذلك تحرير مدينة حلب من إرهابيي النصرة ومثيلاتها. وأثبتت الميادين بموقفها هذا أمرين أساسيين: أولهما التضامن العظيم بمعناه المهني للزميل صديقي غسان بن جدو وكل العاملين في القناة، وثانياً دفاع القناة عن قضايا الحرية والحق في الوقت الذي أثبت كثيرون، وعلى مستويات مختلفة، أن لا علاقة لهم بالوفاء والشهامة والصداقة.
وفي جميع الحالات، أستطيع أن أقول بكل وضوح وموضوعية إن الميادين بعمرها الطويل، بإذن الله، لعبت وتلعب وستلعب دوراً أساسياً في إحياء الشعور الوطني والقومي والديني لدى الملايين من أبناء الأمة التي صمدت وما زالت تصمد ضد حملات التطبيع مع الكيان الصهيوني، ودفعت وتدفع الأنظمة العميلة من أجلها المليارات من الدولارات.
وذلك مقابل ميزانية متواضعة للميادين التي يعرف الجميع أن غناها بجماهيرها وضمير كل المناضلين من أجل الحرية والكرامة والشرف والكبرياء، وبدون ذلك لا ولن تتحرر فلسطين، كما لا ولن يتسنى لشعوب المنطقة والعالم أن تتخلص من الظلم والاضطهاد وفساد الأنظمة الديكتاتورية العميلة جينياً للدول والقوى الاستعمارية والصهيونية.
وأثبتت الميادين بكل العاملين فيها ومن هم معهم وخلفهم أن هذه الدول والقوى لا ولن تحقق أهدافها، حتى إن استنفرت من أجلها كل ما تملكه من المال والعتاد، والأهم من ذلك، الآلاف من العملاء والخونة في كل مجال، وخاصة الإعلام.
كما أثبتت سنوات “الربيع العربي” الدموي المهزوم أنه، أي هذا الإعلام الوقح، كان في حضيض المستنقعات فيما كانت الميادين وزميلاتها في قمم الجبال الشاهقة حيث يتربع الشرفاء والمخلصون المؤمنون بقضية الأمة، ومحورها التاريخي المصيري هو فلسطين. وأثبتت السنوات العشر من عمر الميادين أنه ببقاء فلسطين أرضاً وشعباً ستبقى الميادين كما ستبقى المقاومة بكل محاورها إلى أن ترفرف رايات العزة والكرامة في جميع ربوعها وربوع بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء وطهران، وكل العواصم التي آمن ويؤمن أهلها بما انطلقت الميادين من أجله قبل عشر سنوات، فتحققت الأهداف وانتصرت المقاومة على كل الأعداء في الداخل والخارج، وإلحاق الهزيمة بمن تبقى منهم لا ولن يكون صعباً أبداً.
سيرياهوم نيوز 1-الميادين