آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » بكل ما لديك من (خيال)..

بكل ما لديك من (خيال)..

لميس علي:
في كتابه (دروس الحب) يستخلص “آلان دي بوتون” قناعة ترى أن “العلاج الشافي للحب هو أن نعرف المحبوب”..
كم تتقاطع قناعة “دي بوتون” السابقة مع قول الروائي الفرنسي “رومان غاري”: “الحبّ لو تعرف، كلّ ما هو في حاجة إليه هو المخيّلة، على كل واحد أن يبتكر الآخر بكل ما لديه من خيال وقوة، وألّا يترك بينهما للواقع مسافة بوصة، عندئذٍ، لا شيء أجمل.. حين يلتقي خيالٌ بخيال..”.
طرد الواقع.. أو طرد التفكير بالواقع، يبدو شرطاً لازماً لاستمرار الحبّ.. الذي تتأتّى حمايته من نصب غلاف حماية حوله يبتعد عن الحياة الواقعية ويستمد قوته من العيش في عمارة من خيال..
كم يختلف الخيال في هذه الحالة، عن معنى الوهم..؟
خيطٌ رفيع يفصل بين المعنى الأول والثاني.. وليس على الطرفين/العاشقين سوى معرفة الحدود الهشّة بين الاثنين.
( فعلى كل واحد أن يبتكر الآخر بكل ما لديه من خيال)..
أن يبتعد عن تفاصيل الحياة اليومية ويحمي حبّه بصونه بالمزيد من الخيال..
في هذه الحالة، هل يساعدنا الآخر/المحبوب على الابتعاد عن بشاعة الواقع أم يزيد من غرقنا في الوهم..؟
غالباً تذهب مقولة “غاري” تلك نحو جعل نوع من المسافة بين طرفي العلاقة الغرامية، والابتعاد عن تصيير الأمور إلى مقاييس حياة الواقع..
بمعنى الحذر من تحويل الحبّ إلى دائرة الواجب واللازم.. وإيقاعه بدوامة “الضوابط” المجتمعية.. وقيود ترهقه أكثر مما تُحييه.
هل كان كل “سيمون دي بوفوار” و”جان بول سارتر”، حين خطّا عقدَ ارتباطٍ خاصاً بهما غير تقليدي، يحميان حبّهما من وطأة الواقع ويجعلانه فعلياً يتغذى من الخيال..؟
أن يتغذى الحبّ خيالاً..
للوهلة الأولى تبدو حالة جنونية، لكنها الأكثر عقلانية لصون الحبّ من حالة الخمول وأن لا يصبح باهتاً لا روحَ فيه..
على هذا النحو.. لا حاجة للاستغراق عيشاً ضمن تفاصيل الآخر/المحبوب واقعياً، وترك مسافة هي مسافة أمان للحبّ..
لا داعيَ لكامل الرؤية الحقيقية.. ولا حاجةَ للتدقيق والمعرفة بكل تفاصيله، والاكتفاء بتطبيق رأي “رومان غاري”، ابتكار الآخر بالاعتماد على (المخيّلة)..
ألا يعني كل ذلك أن نمتلك شجاعة الحفاظ على الانطباع الأول الجميل.. وأن نقوم بتغذيته عن طريق الخيال..؟
وإلى جانب الشجاعة وجب امتلاك وعي ونضج حفاظاً على قدسية حالة الحبّ.
في إحدى رسائله الغرامية إلى “حنا أرندت” تساءل “مارتن هايدغر”: (لمَ يُثيرنا الحبّ أكثر من أي تجربة إنسانية أخرى)، لتجيب “أرندت”: (لأننا نتشبه بالمحبوب تدريجياً إلى درجة التماهي، ومع ذلك نحتفظ بأصالة ماهيتنا)..
أن نتماهى ببعض الجوانب والأشياء دون التطابق وأن نحافظ على ماهيتنا، على كينونتنا الخاصة، كأنها تختصر ما قاله “رومان غاري” بأسلوب آخر..
إذاً، امضِ إلى الحبّ بكل ما لديك من قوة (خيال).

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

د.شعبان: نحظى بدعم وتشجيع دائمين من السيد الرئيس بشار الأسد الذي احتضن فكرة المؤسسة منذ نشأتها الأولى … «وثيقة وطن» توزع جوائز هذي حكايتي في دورتها السادسة

بحضور عدد من الوزراء والسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي وحشد كبير من الإعلاميين والمهتمين قامت مؤسسة «وثيقة وطن» بتوزيع جوائز مسابقتها «هذي حكايتي» في دورتها السادسة، ...