ألقت وفاة مدرب حراس مرمى نادي معضمية الشام بكرة القدم (الكابتن) خالد الشيخ أثناء مباراة فريقه مع نادي جرمانا أمس الأول ضمن منافسات الجولة الأولى لدوري الدرجة الأولى بظلالها على واقع مؤلم تعيشه كرة القدم في سورية وخاصة من الناحية الإدارية والتنظيمية، فقد أقيمت المباراة في عرطوز خارج دمشق بعدما رفض الاتحاد السوري لكرة القدم اعتماد ملعب الجلاء القريب أرضاً لنادي معضمية الشام كما كان في الموسم الماضي على اعتبار أن مدينته تفتقد لملعب (نظامي) قادر على استقبال مباريات رسمية، وأثناء سير المباراة وقع الكابتن خالد الشيخ مغشياً عليه جراء اعتراضه على ركلة جزاء احتسبت على فريقه ما أدى إلى وفاته بعد وقت قصير حتى إن التقرير الصادر عن المشفى ذكر أنه وصل إلى المركز الإسعافي وقد فارق الحياة.
طبعاً الأمر ليس بالسهل أو البسيط ففقدان روح إنسان أغلى بالنهاية من أفضل مباراة على وجه البسيطة وبالطبع فإن الأعمار بيد الخالق، إلا أن الأحداث التي رافقت وفاة الكابتن خالد الشيخ واستكمال المباراة أثار الكثير من الجدل والكلام حول أهمية أي مباراة مقابل روح إنسان..«الوطن» حاولت كشف ما حدث في الكواليس وسألت المراقب وبعض شهود العيان والحكم وكذلك أخذت تصريحاً مكتوباً من رئيس النادي حول ما جرى في ملعب عرطوز.
بيان نادي المعضمية
«الوطن» سألت رئيس نادي المعضمية الأستاذ زكريا جمعة داود عما جرى فأرسل لنا البيان التالي:
في البداية لا يسعنا إلا أن نترحم على أخينا ومدرب حراس فريقنا الكابتن خالد الشيخ أما في التفاصيل:
عند الدقيقة الرابعة والثلاثين من عمر مباراتنا مع جرمانا في افتتاح دوري الدرجة الأولى تحصل فريقنا على ركلة جزاء وسجلناها بنجاح فما كان من فقيدنا إلا أن سجد شكراً لله على هذا الهدف وبعدها بدقيقتين أعلن حكم اللقاء عن ركلة جزاء لمصلحة جرمانا فقام الفقيد وهو مدرب حراس فريقنا كما تعلمون بتوجيه حارس المرمى للوقوف الصحيح خلال ركلة الجزاء ومن ثم عاد إلى كرسيه وبعد تنفيذ ركلة الجزاء لاحظ كادر فريقنا واللاعبون الاحتياطيون أن الفقيد في حالة غير طبيعية فقاموا وقبل استئناف اللعب بطلب الإسعاف وبالفعل دخلت النقالة وتم إخراج الكابتن خالد، ولكن الطامة الكبرى كانت بغياب سيارة الإسعاف فقام أحد كوادر النادي بإسعاف الكابتن خالد بسيارته الخاصة إلى أقرب مشفى في المنطقة المجاورة وهناك فاضت روحه إلى بارئها وعند إسعافه طلب كادرنا من حكم اللقاء ومراقبه إيقاف اللقاء مؤقتاً نظراً للحالة الطارئة وكان الجواب بأن هذا الموضوع ليس من صلاحياتهما.
مع بداية الشوط الثاني وتحديداً عند الدقيقة ٦٠ من عمر اللقاء بدء يتسرب الخبر إلى جماهير الفريق والكوادر الموجودة خارج أسوار الملعب بوفاة الكابتن خالد.
أما اللاعبون والكادر الموجود على سكور الفريق فقد وصلهم الخبر بحدود الدقيقة ٧٠ وأمام هذا الخبر الصادم والفاجع تشتت تفكير إدارة الفريق بين إيقاف المباراة أو الانسحاب منها بعد تأكيد الحكم والمراقب أنه ليس من صلاحياتهما إيقاف اللقاء أو إكمال ربع الساعة الأخير من عمر اللقاء على مضض وهو ما حصل.
في النهاية جميعنا يعلم أن ما حصل مكتوب ولا يمكن الفرار منه لكن إدارة نادينا تتوجه برسالة عتب لاتحاد كرة القدم وذلك لعدة أسباب:
– أولاً: منذ أربعة مواسم والأرض الافتراضية لفريقنا هي ملعب الجلاء بمدينة دمشق ولم يحصل معنا أي حادث مشابه، حيث كانت على الدوام سيارة الإسعاف جاهزة لحالات مشابهة وقد حدثت معنا حالة بلع لسان لأحد كوادر الفريق المنافس في الموسم الماضي وبفضل الله تم إنقاذ الحالة وفي هذا الموسم طلبنا أن يكون ملعب الجلاء هو أرضنا كما كل موسم فتم الرفض لمصلحة أندية أخرى وتم تحويلنا لملعب عرطوز رغم وجود كتاب من إدارة نادي عرطوز بأن ملعبها في حالة صيانة ولا يصلح لإجراء المباريات عليه.
– ثانياً : وهو الأهم، غياب سيارة الإسعاف وهذا كما علمنا من مهام اللجنة التنفيذية.
في النهاية لا يسعنا إلا أن نترحم على فقيد الرياضة في مدينتنا ونسأل الله أن يلهم أسرته ويلهمنا الصبر والسلوان.
شهود عيان
«الوطن» التقت عدداً من شهود العيان الذين كانوا قريبين من الكابتن خالد لحظة سقوطه فجاء الرد على الشكل التالي:
قبل حوالي عشر دقائق من نهاية الشوط الأول وكانت النتيجة تشير إلى تقدم المعضمية 3/صفر احتسب الحكم ركلة جزاء لمصلحة فريق جرمانا اعترض عليها لاعبو المعضمية وكذلك الجهاز الفني وبالطبع الكابتن خالد لم يكن طبيعياً فسقط أرضاً بعد حركة دائرية قام بها دون وعي (على ما يبدو) وحاول البعض القيام بإسعافات أولية لكن بسبب عدم وجود طبيب مختص وحتى الأدوات الطبية المناسبة كان لابد من إسعافه لأقرب مشفى، ولعدم وجود سيارة إسعاف فقد تم إسعافه بسيارة أحد كوادر النادي إلى أحد المستشفيات الخاصة في مدينة جديدة عرطوز القريبة إلا أنه وصل ميتاً حسب تقرير أطباء المشفى الذين حاولوا القيام ببعض العمليات الإسعافية بالصدمات الكهربائية إلا أن النتيجة كانت صفراً فالرجل فارق الحياة وأصبح في ذمة الله.
وبالعودة إلى الملعب نجد أن حالة من الارتباك الشديد سادت كوادر نادي المعضمية ولم يعرفوا تماماً كيفية التصرف في مثل هذه الحالة على الرغم من أن البديهي أن تتوقف المباراة ولو مؤقتاً لمعرفة مصير المصاب على غرار ما نشاهد في الملاعب العالمية، فالمباريات باتت تتوقف حتى لو أصيب مشجع في المدرجات، وأكد بعض شهود العيان أن خبر الوفاة لم يعرف أو لم يذع بشكل مباشر على اعتبار أن الكابتن خالد في العناية المركزة ومع مرور الوقت تسرب الخبر بين الجماهير والكادرين الإداري والتدريبي لكن أحداً لم يطلب إيقاف المباراة بشكل رسمي.
المراقب يوضح
سألت «الوطن» مراقب المباراة الكابتن وليد عواد (اللاعب الدولي السابق) عن الواقعة فنفى طلب أي شخص من إدارة النادي إيقاف المباراة واعتبرنا أن ما جرى حالة إغماء توقف اللعب على أثرها مؤقتاً قبل أن يستأنف بعد إسعاف المصاب، إلا أنه بعد ذلك لم يتناه ًإلى سمعنا أن الكابتن خالد قد فارق الحياة حتى نهاية المباراة، وقد تابعت شخصياً تقرير المشفى الذي يفيد بأن الراحل وصل إليها متوفياً.
الحكم يصرح لـ«الوطن»
الحكم الدولي وديع الحسن صرح للوطن ما حدث معه وفق التالي:
في البداية أقدم أحر التعازي لأسرة نادي المعضمية الرياضي بوفاة مدرب حراس فريق الرجال خالد محمد شحادة الشيخ وفي التفاصيل التي حدثت في المباراة قمت باحتساب ركلتي جزاء خلال دقيقتين الأولى في الدقيقة 34 لمصلحة فريق رجال المعضمية تم تسجيلها لتشير النتيجة لتقدم المعضمية بثلاثة أهداف من دون مقابل لأقوم بعدها مباشرة باحتساب ركلة جزاء لنادي جرمانا في الدقيقة السادسة والثلاثين وبعد تنفيذ الركلة وتسجيل جرمانا لهدف تقليص الفارق قام أحد لاعبي فريق المعضمية بإخباري بوجود حالة إغماء لمدرب الحراس ما استدعى مني إيقاف المباراة للاطمئنان على حالته الصحية لأعاود استئناف اللعب بعد نقله إلى المشفى وفي استراحة بين الشوطين قام رئيس نادي المعضمية بإخبار طاقم المباراة بأن مدرب الحراس وصل إلى المشفى وهو حالياً في العناية المشددة.
لتستكمل المباراة في شوطها الثاني من دون أن يكون لدي أي علم بالحالة الصحية لمدرب حراس المرمى مع العلم بأن مدرب فريق المعضمية قام بإجراء تبديل في الدقيقة الثالثة والسبعين بإشراك لاعبين وتبديل آخر في الدقيقة السادسة والثمانين للاعبين آخرين واستمر اللعب بشكل طبيعي من دون أي إيحاء بأن أحد اللاعبين الموجودين على أرض الملعب قد علم بحالة الوفاة لتنتهي المباراة ويقف أغلب اللاعبين من الفريقين مع طاقم الحكام في منتصف الملعب لإلقاء التحية المتعارف عليها وحين خروجنا من الملعب تقدم إلينا مساعد مدرب فريق المعضمية عبد الباسط عرنوس ليخبر من كان موجوداً في أرض الملعب بوفاة مدرب حراس المرمى ليتفاجأ لاعبو فريق المعضمية بوفاة مدرب حراس الفريق وسط حالة من الذهول التي سيطرت علينا جميعاً في تلك اللحظة.
لطالما كان الشعار الأساسي لكرة القدم يعتمد على الحفاظ على سلامة جميع الموجودين في أرض الملعب من كوادر ولاعبين وأنا أؤكد بأن ما تم التصرف به على أرض الملعب كان بحسب المعلومات التي وردت إلي ولو علمت بحالة الوفاة أثناء سير المباراة لقمت بإيقافها على الفور كما أوقفتها عند حالة الإسعاف وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نترحم على فقيد أسرة كرة القدم السورية.
مأساة
في النهاية لا يسعنا إلا القول إنه القدر الذي ساق الراحل خالد محمد الشيخ للعودة إلى الكادر التدريبي لفريق المعضمية قبل أيام قليلة ليكون قدره المحتوم في أولى مبارياته بالدوري، إلا أن تساؤلات عديدة لابد من طرحها: إلى متى تبقى ملاعبنا من دون تجهيزات طبية وإدارية لتدارك مثل هذه الحالات؟ ..ومتى نحترم إنسانية اللاعبين والمتفرجين وكوادر اللعبة؟؟..ولعل إيجاد أبسط الأشياء الضرورية على أرض الملعب أمر أساسي مطلوب من اتحاد كرة القدم في حال السير قدماً بكرة القدم نحو الأفضل.
التصريحات التي وردت لصحيفة «الوطن» من رئيس نادي معضمية الشام زكريا جمعة ومراقب المباراة وليد عواد والحكم الدولي وديع الحسن متناقضة، ولذلك نأمل من اتحاد كرة القدم فتح تحقيق لتوخي الحقيقة.
وهنا لا يسعنا في النهاية إلا أن نعزي أنفسنا بفقدان إنسان أولاً ورياضي ومتابع شغوف ثانياً.. رحمة الله عليك كابتن خالد الشيخ سائلين المولى أن يتغمدك بواسع رحمته.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن