| يحيى كوسا
هي المرة الثانية التي أتشرف فيها بلقاء الرئيس بشار الاسد الذي كان دائما في عقلي وقلبي قائداً وليس رئيساً فقط وهو يشع كالضوء مفعماً بالحيوية والمعرفة والأمل .. في المرة الأولى خلال المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي بالعام 2006 والثانية عشية ذكرى الحركة التصحيحية في هذا اللقاء عرفت لماذا انتصر الاسد؟ ولماذا يصعب على الآخرين هزيمته؟ ولماذا يأخذ هذه المساحة الكبيرة في الإعلام الدولي؟ ولماذا انقسم العالم ودوله وشعوبه مع الاسد وضده؟ ولماذا عجزت عن إخضاعه ثلاثة امبراطوريات تحكم العالم منذ ثلاثمائة عام هي فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وقد خاضت الدول الثلاث الحرب ضده خلال أحد عشر عاماً .. التاريخ ليست مزحة …. وفِكر السيد الرئيس كما بدا لي مليئا بالتاريخ واحداثه ووقائعه وعبره ودروسه ولا شك أن اللقاء مع الإعلاميين في هذه المرحلة يعني لنا الكثير فسلاح الإعلام يستخدمه الأعداء ضدنا ليشوهوا تاريخنا وثقافتنا وارثنا وحضارتنا وقيمنا ومبادئنا وما خرجت به من اللقاء انه لا سبيل أبداً للتخلي عن هذه العقيدة وهذا التاريخ وهذه التضحيات رغم ضغط الظروف والأحوال فالعدو عدو والصديق صديق والمعركة مستمرة مهما كان الثمن … كنت دائماً أتساءل كيف يحارب الاسد كل هؤلاء الأعداء ويبقى صامدا صابراً قوياً متماسكاً وتكون لدي انطباع انه لو انهزمت عقيدة الاسد لتغير وجه التاريخ مع انه يبدي تواضعا لا مثيل له وهو يحاورك في الزراعة والصناعة والإعلام والكهرباء والطاقة والإصلاح الإداري والسياسة الدولية والاعتداءات الإسرائيلية وفي كل شأن من شؤون حياتنا كما لو أنكم طلاب جامعة تشربون الشاي في كافتريا الكلية ويمنحك المجال والوقت لتقول ما تشاء وكيفما تشاء فلا يريد ان يسمع المديح والكلام المنمق.. يريد أن يعرف كيف يفكر الناس وكيف يفكر الإعلام وكيف السبيل إلى إيجاد الحلول التي تعود بالخير على كل سوري أينما حل وأينما كان …فالاسد يؤمن بسورية وشعبها ولم اشعر في حديثه الطويل معنا أن في سورية معارضة وموالاة أبداً.. كانت سورية هي الحاضر الأول والأخير ولا بد من نهوض سورية والعودة إلى دورها ومكانتها وكان الرئيس في كل كلمة من كلماته وكأنه يريد أن يقول لنا وهو يشرح لنا الظروف والمواقف وواقع الحال: كم أنني أتمنى لو أنني لم أعش في هذه الدنيا ولم أكن رئيساً فلا أرى ما حل في بلادنا فهو يعيش تفاصيل حياة السوريين في الداخل والخارج ويجاهد ليلا ونهارا ليضع السوريين على خط الأمن والسلام ويتألم ويحزن ولا يكل ولا يمل البحث عن الخيارات التي تكفل لنا العودة الآمنة إلى السلام والى الحياة الطبيعية ولا بد من إغلاق كل الثغرات وكل الأبواب التي يمكن للأعداء النفاد منها فصورة سورية التي يريدها الأعداء لن يحلموا بها ولا يمكن أن نعطيهم الفرصة للنيل من وحدتنا وكرامتنا وسيادتنا واثقين بالله وشعبنا
أدار وزير الإعلام الدكتور بطرس الحلاق الحوار بعد أن أصر الرئيس أن يكون حوارا وليس مجرد طرح أسئلة وأجوبة وقد كان ذلك وكان الصحفيون يجادلون أكثر مما يحاورون والرئيس يتقبل ذلك بكل رحابة صدره وبكل ود ومحبة وخير وكان يجيب على الأسئلة وعلى المجادلات حول العلاقات مع الدول العربية والوضع مع تركيا والحالة الاقتصادية التي يعيشها الوطن وكان أكثر ما يهمنا هو فهمنا للقاء باعتباره دعما مباشرا للإعلام من رئاسة الجمهورية وحرصا على إيصال المعلومات إلى الإعلاميين السوريين ليتمكنوا من العمل بما يضمن إيصال الموقف السوري الحقيقي من كل التطورات والأحداث المحلية والعربية والدولية بكل صدق وموضوعية ودون خوف او وجل وقد أكد الرئيس مرارا ان الحقيقة هي التي تخدمنا في مواجهة الأضاليل والكذب وكان تركيز السيد الرئيس واسعا على الوضع الاقتصادي والطريق إلى مواجهة الصعوبات التي تواجهنا وقد فهمت من خلال اللقاء لماذا كانت زيارات الرئيس الاسد إلى حلب والى حمص والى المدينة الصناعية بعدرا حيث أن موضوع الكهرباء والطاقة يأخذ حيزا كبيرا من اهتمامه الشخصي لأنه السبيل لكل نهضة.وتقدم واعمار ..
استمع السيد الرئيس للجميع دون استثناء فلم يترك موضوعا يهم الناس إلا تطرق إليه في السياسة وفي الاقتصاد وظروف العمل والإنتاج والأسعار والحصار وكان وهو يتحدث عن كل ذلك يمنحك القوة والأمل وهو يتحدث عن سورية ورسالتها ودورها ومكانتها ولا تغيب عنه غائبة ولا شاردة ولا واردة ويهتم بالأمور الصغيرة والكبيرة ويبحث بكل ما يملك من الفكر والأمل والخير عن حلول لكل المشكلات والأزمات التي يعيشها شعبنا وهو يخوض هذه المواجهة الكبرى لنهضة سورية من جديد وسط كل هذه العواصف والاهوال والاحتلال والإرهاب والعقوبات والحصار وقد شاءت الأقدار أن تكون سورية في قلب الأحداث العالمية في هذا العصر الصاخب .. فالأعداء كثر والمتربصون بسورية لا يريدون التوقف والاسد صامد وصابر …. …
هكذا رأيت الأسد – مع معرفتي أن الكثيرين مما وقفوا في جبهة الإرهاب ضد الرئيس ينهشهم الندم لأنهم ساهموا بتدمير بلدهم وخسروا كما ان الكثيرين ممن وقفوا مع الرئيس يفتقدون اليوم في ظل الحصار إلى الأمل رغم نشوة الانتصار على الأعداء ..
(سيرياهوم نيوز ٣-اتحاد الصحفيين ٢٠-١١-٢٠٢٢)