نتنياهو يُشعل المنطقة بوقود “بن غفير”.. كُرة لهب مُتدحرجة ستحرق الجميع وتفتح باب الحرب على غزّة ولبنان وإيران.. جرائم وتهديد بـ”حرق العرب”.. غضب أمريكي وتخوّف فلسطيني.. ماذا يُريد نتنياهو الآن؟ وهل حان وقت الحرب؟
نوفمبر 26, 2022
غزة – خاص بـ”رأي اليوم”- نادر الصفدي:
يبدو أن زعيم حزب “الليكود” بنيامين نتنياهو أراد أن يتحدى الجميع ويواجه كل الأصوات التي انتقدته، حين بدأ يرسم ملامح حكومته “المتطرفة” المقبلة، لتكون تفاصيلها الأولى عنوانًا واضحًا للتطرف والعنصرية والمواجهة وفتح أبواب الحرب على غزة ولبنان وقد تكون إيران ضمن القائمة.
نتنياهو الذي يواجه حتى هذه اللحظة أزمة كبيرة في طريق تشكيل حكومته “المثيرة للجدل” والتي تصيبها سهام الانتقاد من كل جانب، إلا أنه قطع شوطًا كبيرًا، حين تم الاتفاق مع أكثر الأحزاب الدينية الإسرائيلية تطرفًا وعنصرية، ومنح زعيمه الذي طالما طالب بقتل العرب وحرقهم وإشعال الحروب والمجازر، منصبًا رفيعًا في الحكومة.
عنوان هذه المرحلة سيكون زعيم حزب “العظمة اليهودية” اليميني المتطرف بزعامة إيتمار بن غفير، الذي حصل بالأمس على منصب لم يكن يحلم فيه طوال حياته، حين منحه نتنياهو رسميًا حقيبة “الأمن الداخلي”بما تتضمنه من صلاحيات أمنية واسعة، إضافة إلى مواقع اقتصادية وأمنية أخرى حساسة تشمل هي الأخرى ملف الاستيطان في الضفة الغربية.
وذكرت القناة 14 العبرية إنه تم الاتفاق مع حزب الليكود وحزب بن غفير على توليه حقيبة الأمن الداخلي، وبحسب الاتفاق، فإنه تمت الموافقة على تسوية أوضاع المدرسة الدينية في بؤرة شوماش الاستيطانية بنابلس، وتمديد قانون الحماية ليصل إلى 10 سنوات، وإنشاء قانون بموجبه يسمح فيه بإطلاق النار فورا على الأشخاص الذين يقتحمون قواعد الجيش الإسرائيلي، وسرقة أسلحة وذخيرة من داخلها.
ووفقًا للاتفاق أيضًا، ستتلقى “عوتسما يهوديت” وزارة الأمن الداخلي بصلاحيات واسعة، من حيث تولي الشرطة، والدوريات، وسلطة إنفاذ القانون على الأراضي، وحراس الأمن في مستوطنات الضفة الغربية، وسيتم تغيير اسم الوزارة “وزارة الأمن القومي”.
– تهديد وتصعيد
وكان الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ كلف نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة، بعدما تصدّر الانتخابات التشريعية “الإسرائيلية” التي أجريت في الأول من نوفمبر(تشرين الثاني)، مع حلفائه في اليمين المتطرف، ويُتوقع أن يشكل نتنياهو حكومة ستكون الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وذلك يثير كثيرا من المخاوف في الداخل والخارج.
يذكر أن بن غفير بنى شعبيته على كراهية العرب والدعوة لطرد الفلسطينيين من أراضيهم، فبالنسبة إليه لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني، وكان قد دعا إلى اجتياح الضفة الغربية والعودة إلى سياسة الاغتيالات عقب عملية التفجير المزدوجة في القدس الأربعاء الماضي، ويدعو إلى تشريع قانون يقضي بإنزال عقوبة الإعدام بحق الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات ضد أهداف إسرائيلية.
وفي أول تصريح له بعد توليه هذا المنصب، قال بن غفير لموقع “واي نت” العبري، بأن وزارته ستضم جميع الدوائر التنفيذية في الوزارات المختلفة، وستضاف إليه الكثير من الصلاحيات التي لم تكن لدى أي وزير للأمن الداخلي سابقًا، مشيرًا إلى أنه طالب نتنياهو بسلطات أوسع من أجل النجاح والوفاء بوعوده الانتخابية، موضحًا أن وزارة الأمن القومي بالمسمى الجديد بدلًا من “الأمن الداخلي” ستسعى لتسخير جميع هيئات الإنفاذ التقليدية للعمل ضمن مخطط جديد سيضعه بالسيطرة على سلطة الأراضي وشرطة حرس الحدود التي كانت حتى اليوم تحت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وشرطة حرس الحدود من أبرز مهامها إخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية، والسيطرة عليها يعني منع مثل هذه الإجراءات، كما يشير الموقع العبري.
وقال بن غفير: “سنوفر الأمن لجميع سكان إسرائيل مع دعم كامل للشرطة وقوات الأمن .. سنعمل بيد من حديد وبلا هوادة لإنفاذ القانون ضد المخالفين في النقب والجليل وجميع المناطق”، مجددًا تأكيده أنه سيعمل من أجل تغيير تعليمات إطلاق النار بما يتناسب مع التهديدات.
وحول قوة “الحرس الوطني”، قال بن غفير، إنه سيحرص على أن تكون قوة لها أسنانًا وتستجيب لكل ما يتعلق بأمن الإسرائيليين، وأن لا تتكرر “هبة الكرامة”.
وسيواجه الفلسطينيون تحديات كبيرة في ظل الواقع السياسي الجديد في إسرائيل، ولكن هذا الواقع – سيشكل فرصة لتوحيد ساحات المقاومة ضد الاحتلال وإلغاء مصوغات الجدل حول موضوع التسوية، ولا سيما أن بن غفير أكد خلال حملته الانتخابية أنه سيصر على إلغاء اتفاقية أوسلو وحل السلطة الوطنية الفلسطينية.
– المرحلة الأخطر
المختص بالشأن الإسرائيلي عامر عامر حذر من تداعيات تولي اليميني المتطرف بن غفير وزارة الأمن الداخلي في الحكومة الإسرائيلية المقبلة، مشيرا إلى بشاعة ما سيرتكبه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن بن غفير سيكون مسؤولا عن الشرطة الإسرائيلية وإدارة السجون التي تشرف على الأسرى الفلسطينيين، وسيكون أيضا مسؤول عن حرس الحدود، بحيث سيتولى صلاحية 22 سرية موجودة بالضفة الغربية المحتلة، كانت سابقا بقيادة الجيش، وبالتالي سيتخذ جملة من القرارات التي من شأنها أن تخلق مزيداً من عمليات القتل وتزكي العنف، مبينًا أن منح بن غفير صلاحيات واسعة يعني أنه سينفذ البرنامج “الكهاني” الفاشي، القائم على استخدام القوة ضد الفلسطينيين، بتغيير أوامر إطلاق النار، وتوسيع عمليات الاعتقال والتنكيل والقتل والاقتحامات للمناطق الفلسطينية.
وتوقع أن تشهد المدن الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة تصعيداً خطيراً مع تولي ابن غفير وزارة الامن الداخلي، مشيرا إلى أنه بموجب الصلاحيات الممنوحة لـ ابن غفير، فإنه سيستغل الفرصة ويعمل على شرعنة البؤر الاستيطانية، وإضافة المزيد من الأحياء والمستوطنات والاستيلاء على الاراضي الفلسطينية. وبشأن التحذيرات الأمريكية من تولي ابن غفير لمنصب مهم، رأى أنها جاءت لمعرفتهم بشخصية ابن غفير الاستيطانية.
من جانبه أكد الخبير في شؤون الاستيطان خالد منصور، أن صعود الحكومة اليمينية المتطرفة تحت قيادة نتنياهو المتحالف مع المتطرف بن غفير وسموتريش يعطي مؤشرات بأننا مقدمون على مرحلة صعبة، عنوانها المزيد من التطرف والجرائم بحق الفلسطينيين كافة، مضيفًا أن هذا التحالف المتطرف سيقابله المزيد من التغول على الفلسطينيين وممتلكاتهم، وهو ما قد نشهده خلال الفترة المقبلة من تزايد عمليات شرعنة البؤر الاستيطانية وسرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية.
وشدد على أن التطرف الإسرائيلي سيزيد من ردّات الفعل الفلسطينية الرافضة للممارسات العدوانية والانتهاكات الصهيونية المتصاعدة بحقهم، وستدفع نحو اتساع رقعة المقاومة والمواجهة في الشارع الفلسطيني لتلك المخططات التهويدية، مشيرًا إلى أن الحكومات الصهيونية على تعاقبها كانت تتسابق على دعم المنظمات الإرهابية وجماعات المستوطنين المتطرفة لكسب أصواتها في الانتخابات “الإسرائيلية” لما لها من تأثير في صناديق الاقتراع.
وبيّن أن هذه الميليشيات والمنظمات الإرهابية ذات سوابق إجرامية بحق الفلسطينيين، كحرق عائلة “دوابشة” و”الطفل خضير” وغيرها الكثير، إلا أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تنظر لتلك الميليشيات باعتبارها مجموعات إرهابية، بل توفر لها الدعم والحماية والإسناد، حتى باتت منظمات رسمية في حكومات الكيان.
– جرائم وتخوف
ولفت منصور إلى أن أعداد المنتمين لهذه الميلشيات والعاملين فيها بانتظام بلغ أكثر من 20 ألف مستوطن ومستوطنة يعملون بشكل منظم ويحملون السلاح بشكل رسمي ويتلقون الدعم والتدريب من حكومات وجيش الاحتلال.
ولا تقتصر المخاوف بشأن الحكومة الإسرائيلية المقبلة على الفلسطينيين وحدهم، بل إن الحليف الأميركي يشعر بالقلق والانزعاج، وهو ما أشار إليه أستاذ الأمن الدولي والسياسة الخارجية في جامعة سان فرانسيسكو البروفيسور ستيفن زونس بقوله وفق ” الجزيرة”، إن إدارة الرئيس جو بايدن والمسؤولين الأميركيين أعلنوا أنهم لن يتعاونوا مع بن غفير، ووجوده في حكومة نتنياهو سيضر بالعلاقات الأميركية الإسرائيلية، مضيفا أن واشنطن حاولت منع وصوله إلى الحكومة الإسرائيلية
غير أن زونس أكد أن إدارة بايدن ستتعاون مع الوزارات الإسرائيلية الأخرى، وستواصل دعم السياسات الإسرائيلية بشكل عام.
وترفض إدارة بايدن التعاون مع اليميني المتطرف خشية من أن يحدث موقفها انقساما داخل الحزب الديمقراطي، ويقول أستاذ الأمن الدولي والسياسة الخارجية في جامعة سان فرانسيسكو لبرنامج “ما وراء الخبر” إن وجود بن غفير في حكومة نتنياهو سيرجح كفة الجناح المعادي لإسرائيل داخل الحزب، في حين أن بايدن يدعم بقوة الجناح المؤيد لها.
وتصدر نتنياهو نتائج الانتخابات الأخيرة، بعد حصول حزب “الليكود” برئاسته على 32 مقعدا، فيما حصل الحزبان المتدينان المتشددان “يهودوت هتوراه” لليهود الاشكناز الغربيين؛ و”شاس” لليهود الشرقيين السفرديم على 18 مقعدًا، وتحالف اليمين المتطرف “الصهيونية الدينية” على 14 مقعدا.
وتشغل هذه الأحزاب والتحالفات 64 مقعدا، وهي أغلبية مستقرة في الكنيست (البرلمان) المؤلف من 120 مقعدا، ما يعني أنها قد تسدل الستار على حقبة غير مسبوقة من الجمود السياسي، شهدتها السنوات الثلاث الأخيرة في دولة الاحتلال.
سيرياهوم نيوز -4 رأي اليوم
2022-11-26