آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » هل عادت الولايات المتحدة لرأي كيسنجر الأول؟

هل عادت الولايات المتحدة لرأي كيسنجر الأول؟

أيوب نصر

 

من الأمور التي شاعت في زماننا، وكنت أتعايش معها رغم إنكاري لها، هو ما أصبح يعرف بالمؤثرين ودورهم الذي يلعبونه في حياة الناس، حيث جرى ذكرهم بين الناس، وعلا نجمهم، وأصبحت لهم اليد العليا على عقول الناس، فتراهم يسمعون لهم، ويأخذون عنهم، ويقتدون بهم، وكما قلت لك فإن كل هذا، ورغم إنكاري له، إلا  أنني كنت أقبله وأتعايش معه مادام لم يتجاوز عامة الناس، ثم زاد الأمرة حدة، حتى نزل بهم الدهر في عالمنا العربي منزلة صناع القرار السياسي في دول أخرى، وأنا على يقين لو أن الأمر استمر على هذا النحو فإن المسافة بين العالمين، العربي والغربي، ستزداد بعدا والفجوة إتساعا.

وقد كان لابد لي من هذه المقدمة، حتى أدخل في الذي أنشأت هذا المقال لأجل بيانه، وهو كيف أن الإدارة الأمريكية دارت دورتها حول القضية الأوكرانية لتنتهي في النهاية إلى الأخذ برأي أحد صناع القرار السياسي الأمريكي، وهو هنري كيسنجر، مما يظهر معه جليا قيمة كيسنجر وأمثاله، وقيمة آرائهم وأقوالهم في صناعة القرار الأمريكي والغربي.

في بداية هذه العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية، نصح كيسنجر قادة بلاده والدول الغربية، بأمرين، أحدهما ألا يهزموا روسيا، والثاني أن تتنازل أوكرانيا عن بعض الأراضي لروسيا، ثم بعد كلامه هذا، وخاصة مسألة التنازل، تعرض كيسنجر إلى هجوم وانتقادات من أشخاص وحكومات، وأنكروا عليه قوله وما نصحهم به، ثم بعدها بأشهر، خرج بكلام يتراجع فيه عن مسألة التنازل، مظهرا تراجعه عن رأيه الأول، ولكن كان بينا جليا، أن تراجعه عن رأيه الأول وموقفه القديم، ليس مرده لقناعات شخصية وإنما لضغوطات وليخرج نفسه وبلده من الحرج، ولو أنه تراجع عن موقفه القديم ورأيه الأول لما تبين له الخطأ في الموقف والخطل في الرأي، لكان أدلى بالأدلة والبراهين التي فند بها كلامه الأول ورجح بها عن موقفه القديم، ولكنه لم يفعل من ذلك شيئا، وإنما ألقى كلامه الثاني وموقفه الأخير على عواهنه دون الدفع ببرهان أو تقديم دليل.

ثم بعد كل هذا بقليل، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تدفع أوكرانيا، وتحاول الضغط عليها، نحو قبول الدخول في المفاوضات دون شروط مسبقة، ومن الشروط المسبقة التي كانت تضعها أوكرانيا لأجل التفاوض مع روسيا نجد انسحاب روسيا من كامل الأراضي الأوكرانية، وفي ثنايا الضغط الأمريكي على أوكرانيا لتتخلى عن شروطها وما ينطوي عليه، تلميح إلى عودة أمريكا إلى رأي كيسنجر الأول وموقفه القديم، القائل بتخلي أوكرانيا عن بعض أراضيها لصالح روسيا، ولو أن الولايات المتحدة، وإدارتها، كانت ترفض كلام كيسنجر وتنكره ولا تعتبر به، لحرصت على إبقاء شرط الانسحاب الكامل قبل المفاوضات، وفقا لما جاء في كلام كيسنجر الثاني الذي صدر منه بعد الضغوطات، والهجوم والأنتقادات، الذي تعرض لها.

إن الولايات المتحدة أظهرت رغبتها في عودة أوكرانيا إلى التفاوض مع روسيا دون شروط مسبقة، أي دون أن تنسحب روسيا من الأراضي التي ضمتها، وفي هذا شيء من التنازل عن تلكم الأراضي، أو بعضها، والأخذ بنصيحة كيسنجر ورأيه الأول

سييرياهوم نيوز -4 رأي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رفض الابادة الصهيونية رغم الضغوط ومحاولات القمع: الجبهة الطلابية مستمرّة في جامعات أميركا

    رفض الابادة الصهيونية رغم الضغوط ومحاولات القمع: الجبهة الطلابية مستمرّة في جامعات أميركا   مدفوعة بمشاهد الموت والدمار الآتية من غزة والمنتشرة على ...