حسين صقر:
كل يوم نصحو على خبر ضحية هنا، وأخرى هناك نتيجة خلافات ومشاجرات لأسباب بسيطة ولا تستحق الذكر، وتزرع في قلب الأهل الحسرة واللوعة، وذلك نتيجة توسيع رقعة تلك الخلافات وعدم حصر من يحضرها أو يشارك فيها بطرفي النزاع، وهنا تبدأ المعاناة بين المشافي والسجون، وربما يتطور الموضوع إلى القتل وكلنا يعلم مصير هذه الضحية.
فالخلافات والمشاجرات بين المراهقين وأرباب السوابق والمتسلطين وكل من لم يردعهم رادع أصبحت خطراً على المجتمع برمته، وتحصد أرواحاً بريئة لا ذنب لها سوى أنها كانت في ساحة ذاك النزاع، حيث تتطور الأمور وينفلت عقالها نتيجة وجود البعض ممن يغيب صوت العقل عنهم، لجهلهم بالعواقب الوخيمة التي تترتب عن عملية الضرب التي يقوم بها أحد الطرفين، سواء استخدم عصاً أم سكيناً أم سلاحاً، حيث الغالبية العظمى يستخدم السلاح، وكلنا يعرف مخاطر استخدامه، لكون من حمله هدد، ومن هدد نفذ، ومن نفذ ابتلى، وكان سبباً بتشريد عائلاته، فيما لا قدر الله لو وقع المحظور، وأضحى المصاب ميتاً.
الكثير من الناس الذين يحضرون المشاجرات، يشاركون فيها خجلاً من بعضهم، كي لا يتهم أحدهما الآخر بالجبن والخوف، وذلك بخطأ واضح في تقدير الأمور، لأننا لو حسبنا جميعاً الأمور بنفس الطريقة، لما بقي هناك عاقل أو مصلح، وكأن الجميع يعيشون في غابة، ولا قانون يحكمهم إلا قانون تلك الغابة، متناسين أنهم يعيشون تحت سلطة الدولة والقانون سيف مسلط على رقاب الجميع بالحق، ولهذا لو رجع كل من وقع عليه الظلم إلى ذلك القانون لانصلح الأمر، وعوقب الجاني بأشد العقوبات كي يكون عبرة لغيره، ويتربى بسبب تلك العقوبة القاسية المئات بل الآلاف، لكن عندما تنتهي القصة “بتبويس الذقون والأيادي واللحى”، ولا ينال الجاني عقابه، يصبح الاعتداء سهلاً على من سبقه، لأنه يعلم أن فض النزاع سوف ينتهي بالجاهات والحلول الأهلية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لأنه من الضروري أن يأخذ القانون مجراه، ويعاقب المعتدي حسب قانون العقوبات والمواد التي يتضمنها، وبهذا يحسب أي شخص ألف حساب قبل أن يدخل في مشاجرة قد يستخدم فيها السلاح أو غيره لإيذاء الآخرين معنوياً ونفسياً وجسدياً ومادياً.
لا يكاد يخلو يوم من خبر مقتل شاب أو مراهق بسكين أو بعصا أو بسلاح، وتطور الأمر لعدم حصره بين الطرفين تحديداً، ولعدم تدخل الجهات المعنية بالشكل الصحيح والوقت المناسب، مع أن تلك الجهات تلبي النداء، لكن بعد أن يكون الأمر قد قضي، وطرفا النزاع أحدهما في المشفى أو اللحد، والآخر في السجن أو فار من وجه العدالة.
من الضروري أن ينتبه أي شخص لمخاطر تدخله السلبي في المشاجرات، وعليه أن يكون مصلحاً لا طرفاً فيه، والتخفيف قدر الإمكان من عبء المشكلة التي حدثت، وتسهيل الأمر على الجانبين، لا أن يحمل سلاحه ويساهم في إشعال النار، وعليه يجب أن تكون عقوبة المحرض والذي يساعد الجاني على غيّه أكبر بكثير من أطراف المشكلة او المشاجرة الرئيسيين، لأن هؤلاء حدث بينهما ما حدث، أما المشارك ومضيف الزيت على النار لا يريد لجمر الخلاف أن ينطفئ وقد تكون له مصلحة في ذلك.
مناشدة للأهالي وأطراف الخلاف أن يعملوا على حصر الخلافات بطرفي النزاع، وألا يكونوا محرضين، ومحضر خير ، كي لا تتطور الأمور وتنفلت من عقالها، كما أنه على الجهات المختصة أن تأخذ دورها كاملاً ولا تقبل بأي حلول أهلية، وترك القانون يأخذ مجراه في معاقبة الجناة والمتسببين، كي يكونوا عبرة لغيرهم ولا يستسهلوا أي مشكلة، وعلى تلك الجهات تنظيم حملة واسعة لسحب السلاح الغير مرخص من أيدي المراهقين وأرباب السوابق، لأنه خطر على المجتمع برمته، خاصة أن معظم المناطق استعادت أمنها وأمانها ولم يعد حمل السلاح فيها مبرراً، إلا حسب الأصول وبأيدي الأشخاص المخولين بحمله واقتنائه.
(سيرياهوم نيوز-الثورة)