باسل علي الخطيب
هذا الذي سنقوله هو بعض الحقيقة، ولا نجرؤ أن نقولها كلها لأنكم لن تحتملوا….يوم 2022-11-30 أعلن تنظيم داعش الإرهابي عبر مؤسسته الإعلامية (الفرقان)، وفي تسجيل صوتي للمتحدث باسمه ابو عمر المهاجر، مقتل زعيمه المدعو أبو الحسن الهاشمي القرشي، من دون أن يحدد المكان والزمان….
قبل يوم من هذا التاريخ كان الجيش الأمريكي قد أعلن في بيان له مقتل زعيم التنظيم، في عملية نفذها مايسمى (الجيش الحر) في مدينة جاسم في محافظة درعا في أواسط تشرين الاول الماضي…..
السؤال غير البريء الأول الذي يطرح هنا، لماذا انتظر التنظيم الإرهابي كل هذا الوقت ليعلن مقتل زعيمه، وأنتظر حتى أعلن الأمريكيون ذلك، ليصدر بيانه بعد بيانهم ب 24ساعة؟؟!!…
الرواية الأمريكية كانت أشبه برواية هوليودية، أن المدعو القرشي، كان يعقد محاكمة لبعض عناصر التنظيم من المحليين، وان أحدهم قد وشى بمكان الاجتماع إلى أحد عناصر فصائل الجيش الحر، ليأتي هؤلاء ويحاصروا مقر الاجتماع، ويحصل اشتباك، امتد إلى عدة منازل، ليقوم المدعو القرشي بتفجير نفسه وبمن معه…….
طبعا تكفلت محطات العربية والحدث والجزيرة والحرة وغيرها بالترويج للقصة الأمريكية، ومعها مايسمى المرصد السوري لحقوق الانسان من كوفنتري، وكل مواقع مايسمى المعارضة السورية ومحطاتها التلفزيونية….
كان هناك مسعى حثيث لتسويق الرواية الامريكية، ولكن لماذا؟ طبعا لم يتوقف أحد ليسأل الأسئلة البديهية التالية: كيف وصل زعيم داعش ألى جاسم جنوب سورية؟..وان توقف وسأل فوجهة التهمة مباشرة هي ( النظام السوري), أنه هو من سهل ذلك، لم يتوقف أحد ليسأل، وهل توجد فصائل للجيش الحر ناشطة وبشكل علني في محافظة درعا؟ ثم متى آخر مرة سمعتم أخباراً عن (الجيش الحر)؟… و لم يتوقف أحد ليسأل السؤال غير البريء أعلاه….
القصة وببساطة أيها السادة أن هذه الجبهة جبهة الجنوب حيوية ومهمة للصهاينة، يريد الكيان أن يبقيها خاصرة رخوة للدولة السورية، هذا هدف استراتيجي للكيان الصهيوني، فمن جهة تبقى هذه المنطقة القلقة جبهة ضاغطة على دمشق العاصمة، ومن جهة تبقى حدود الجولان المحتل آمنة للصهاينة…..
أُتخذ قرار في الدوائر الاستخباراتية الأمريكية والإسرائيلية على إعادة تفعيل جبهة الجنوب، طبعاً هذا امر يطول الحديث فيه، وهو موضوع مقال آخر قريب…..
قبل أكثر من شهر ونصف من الآن نفذ الجيش العربي السوري عملية أمنية نوعية في بعض مناطق درعا البلد ضد تنظيم داعش تحديداً، العملية كانت عسكرية أمنية، و يبدو ان العملية أفضت إلى الحصول على معلومات استخباراتية، سمحت للجيش والقوى الأمنية السورية بالوصول إلى رأس التنظيم، كان نتيجتها تنفيذ عملية نوعية معقدة في مدينة جاسم، أدت إلى القضاء على زعيم داعش، وعلى أغلب قيادات الصف الاول في التنظيم (وليد البيروتي، ابو حسن الشامي، وقياديين تونسيين ….) بما في ذلك مجلس الشورى للتنظيم، وأعضاء المحكمة الشرعية…..
خطة تفعيل جبهة الجنوب ضد الدولة السورية، والتي قلنا اننا سنتحدث عنها بالتفصيل لاحقاً، كانت تتضمن إقامة نواة عسكرية لتنظيم داعش في محافظة درعا، تمهيداً لإنشاء كيان عسكري كبير….
كلنا كنا نسمع عن عمليات إنزال قامت بها المروحيات الأمريكية في مناطق متفرقة من شرق سوريا، الامريكان كانوا يقولون أنهم كانوا يعتقلون عناصراً من داعش، والحقيقة أنه كان يتم نقلهم إلى جنوب سورية عبر قاعدة التنف ومن ثم الاردن إلى محافظة درعا…..
داعش كان مسؤولاً عن أغلب العمليات الإرهابية وعمليات الاغتيال التي طالت جنوداً وضباطاً من الجيش والقوات الأمنية السورية وموظفي الدولة والقيادات البعثية….
زعيم داعش المقتول ابو الحسن الهاشمي القرشي، والذي هو نفسه أبو عبد الرحمن العراقي، وكان يلقب بسيف بغداد، كانت قد نقلته المخابرات الأمريكية من العراق الى سوريا قبل عام من الآن، حيث كانت مدينة جاسم أحد مناطق نشاطه، وقد تزوج امرأة من هناك تدعى ميسون الصلخدي، واتخذ من كنية زوجته لقباً له، فبات يعرف ب ابو عبد الرحمن الصلخدي، وهذا ما أخفى هويته الحقيقية، حتى أن أغلب أعضاء التنظيم في درعا، والذي وصل عديدهم إلى قرابة ال 200، لم يكونوا يعرفونه أنه هو زعيم التنظيم، حتى كشفت المخابرات السورية أمره وقامت بقتله مع الكثير من أعضاء التنظيم وأسر قسم آخر، وهنا نترك لكم، كما تركت الدولة الامريكان والصهاينة التكهن…..
العملية الأمنية السورية أفشلت بشكل مرحلي مخططاً دموياً جديدا لجنوب سوريا، كان يمكن أن يكون استنزافياً بشكل كبير للدولة والجيش، هذا المخطط قد يكون عمره من آخر زيارة لملك الاردن عبد الله إلى واشنطن في الشهر السابع من عام 2021، تلك الزيارة التي قيل إنها لتلقي العلاج، والتي استمرت لثلاثة أسابيع، والحقيقة أنها كانت لتلقي الأوامر في سباق تنفيذ هذه الخطة، طبعا الأمر لم يكن يحتاج أن يسافر عبد الله إلى واشنطن، كان يكفي أن يتصل الملحق العسكري في السفارة الأمريكية أو الإسرائيلية في عمان بالديوان الملكي حتى ينفذ عبد الله ماهو مطلوب منه، فالاردن كان ويبقى كياناً وظيفياً، وهو قد يكون الكيان الوظيفي الأهم للولايات المتحدة والكيان الصهيوني من الناحية الجيوسياسية، عبد الله كان يريد من زيارته الحصول على بعض الفتات ثمناً، هذا الفتات هو رأس اخيه الأمير حمزة، فهو لم يكن حر التصرف معه رغم أن الأخير قد قام بانقلاب عليه في الشهر الثالث من عام 2021 ، زيارته كان غايتها التوسل لإدارة بايدن لترفع الغطاء عن الأمير حمزة، وهذا ماحصل، لذلك فور عودته من هناك تم وضع الأمير حمزة في الإقامة الجبرية و ملاحقة كل من كان يتبعه أو يؤيده….
فشل مخطط داعش في جنوب سوريا، وهذا ما دفع الصهاينة والامريكان للتحرك لتدارك الامر، كان لابد من الانتقال الى الخطة (ب ), كان لابد من الضغط من مكان آخر وبسرعة، هنا حصل ماحصل في السويداء استغلت بعض المجموعات في السويداء، والتي تآتمر بالخارح الضائقة المعيشية للناس، لتدعو للتظاهر والاعتصام، كانت الدولة السورية تدرك أن هناك مسعى لزعزعة الأمن في المحافظة، لذلك وبالتعاون مع المجتمع المحلي، أهل السويداء الكرام، وقياداتهم الروحية والشعبية، تم احتواء دعوات التظاهر تلك، فكان عدد المتظاهرين قليلاً جداً، لايتجاوز بضعة عشرات، ولكن هؤلاء لم يكونوا متظاهرين، إنما مجموعات تخريبية مدربة، طبعا كان مخططاً أن يحصل اقتحام لمبنى المخافظة، بحيث تقوم الاجهزة الأمنية بمواحهة المقتحمين، وإطلاق النار عليهم وقتل بعضهم، ليصار إلى استثمار تلك الدماء لتهييج الشارع، لتتدحرج كرة النار بحيث لايمكن ايقافها، لكن أجهزتنا الأمنية كانت واعية لهذا المخطط، وتصرفت الدولة بحكمة، والدم الوحيد الذي سقط أحد عناصر الشرطة الموكلين بحماية مبنى المحافظة…..
المجموعات التخريبية المدربة أعلاه تتبع حزب اللواء، وجناحه العسكري (قوة مكافحة الارهاب) ، حزب اللواء اسسه
رجل الأعمال السوري المقيم في فرنسا مالك أبو الخير في 2021-7-1…..
لم ينفِ ابو الخير يوماً علاقاته مع الإسرائيليين والأميركيين والبريطانيين ودعمهم السياسي والمالي له، بل إنه تبنى كل شعاراتهم المرتبطة بالحرب على سوريا، وفي طليعتها التحريض على الدولة السورية والجيش وعلى إيران وروسيا و حزب الله……
وقد نشطت الماكينة الإعلامية لحزب اللواء على هذا الصعيد، وروجت لكلّ ما من شأنه بث الشائعات التحريضية على الدولة السورية و إيران والمقاومة على وجه الخصوص. هذه الماكينة الإعلامية يقودها من بيروت المدعو ماهر شرف الدين، مع فريق كامل من جماعة وليد حنبلاط، وهذا الفريق ممول بشكل كبير، هنا يحب أن نشير إلى الدور الجنبلاطي الخبيث في إثارة القلاقل في السويداء، ولا أدل على ذلك من أن جنبلاط كان يعرف بالهجوم الكبير الذي شنته داعش على المحافظة عام 2018، وأدى إلى ارتقاء عشرات الشهداء، فقد تم إعلامه بالهجوم من قبل الامريكان، لكي يعمل هو وفريقه على الاستثمار فيه، عن طريق تحريض أهل السويداء على الدولة السورية، وكلنا نعرف براعة تاجر القبور هذا على استثمار الدماء، بدءًا من الحريري وصولاً إلى سمير القصير….
قوة مكافحة الارهاب، وهي الجناح العسكري لحزب اللواء، أسسها المدعو سامر الحكيم، المرتبط مع قاعدة التنف، و المنحدر من من قرية خازمة القريبة من الحدود الاردنية، حاول سامر الحكيم تشكيل تنظيم مسلح في قريته، حملت أجندته السياسية توجهات انفصالية، لكن دعواه لم تلق قبولاً في القرية، وتم طرده منها….
قام الامريكان بالجمع مابين سامر الحكيم و مالك ابو الخير، حيث تم تشكيل الجناح العسكري لحزب اللواء ( قوة مكافحة الإرهاب) بدعم وتدريب من مشغليهم الامريكان، حيث جرى تدريبهم وتسليحهم في قاعدة التنف، بل شاركت بعض مجموعات “قسد” في تدريب جماعة الحكيم، في محاولة لاستنساخ الدعوة الانفصالية في شمال شرق سوريا، وتطبيقها في الحنوب، لتصبح حركة اللواء وجناحها العسكري واحدةً من أبرز الجماعات التي تنشط بوضوح على خط الفتنة والتحريض على الدولة في محافظة السويداء، مع أجندة انفصالية واضحة جداً….
وسيكون لدينا قريباً مقال يفصل كل الجماعات والمليشيات المسلحة في محافظة السويداء، ويبين ارتباطاتها الخارجية، ويوضح رفض غالبية أبناء المحافظة لاجندات هذه المجموعات…
على مدى سنوات، وهذه المجموعات تعمل على محاولات التصعيد وتفجير الساحة في المحافظة، إما تحت عناوين المطالب المعيشية بعد اشتداد الحصار الأميركيّ والغربي والعربي على البلاد وأهلها، وخصوصاً بعد سريان قانون العقوبات الأميركيّ قيصر، أو تحت عنوان مواجهة الفلتان الأمني الذي ساهمت تلك الشرائح والمجموعات المحلية ذاتها في تغذيته وتفعيله، حين عملت بجهد على إضعاف مؤسسات الدولة السورية في المحافظة، والإصرار على التدخل في عملها في كل صغيرة وكبيرة، وتخييرها بين المواجهة وبين الرضوخ أو الاستيعاب، وفرض حكم الأمر الواقع العشائري والاجتماعي المسلّح بالبندقيات والأعراف والخصوصية المزعومة المفتعلة…..
لقد جهدت الدولة السوريّة طوال السنوات السابقة، في استيعاب تلك المحاولات وعدم تمكينها من التطور إلى ما هو أبعد من ذلك، لاسيما أن لبعضها أجندات انفصالية، وكان حال الدولة كمن يسير في حقل ألغام، وقد دفعت الدولة في سبيل ذلك بعض هيبتها وبعض مكانتها وبعض وجودها، ويبدو أن هذه السياسة الحكيمة قد أتت أكلها في محاولة التصعيد الأخيرة، لاسيما بعد أن أصبحت اغلبية المجتمع الاهلي في السويداء رافضة لهذه الجماعات ولأجندتها….
وللقصة بقية…..
(سيرياهوم نيوز4-خاص بالموقع)